الصومال اليوم

بوصاصو.. مدينة الفقهاء والحكماء


كانت أما للمساكين والفقراء وحضنا لأصحاب الدخل المحدود ، وكانت أملا للمحتاج وعونا للمقهور ، وكانت ملاذا للنازحين ومأوى للاجئين ، وكانت قبلة المظلومين ووجهة من ضاقت به الحياة درعا ، وكانت تسع الجميع لأنها كانت أما للجميع ، وكانت تبتسم لكل قادم وتودع كل راحل ،وكانت شريان الحياة لشرق إفريقيا.
لم تكن مدينة صومالية وحسب وإنما كانت مدينة عامرة بجميع شعوب العالم ، كانت مدينة تصنع تاريخا وإقتصادا قويا وصلبا ،ولم تكن عاصمة الإقتصاد لأقاليم الشرق ووسط الصومال وإقليم الصومال الغربي في إيثوبيا وحسب وإنما كانت أيضا مدينة تعج بالعلماء والفقهاء والحكماء وأهل الحل والعقد وأصحاب الحكمة والفضيلة ، كانت مدينة يصدح من مآدنها صوت الآذان ، صوت الحق والحقيقة ويعمر شعبها المسلم بيوت الله في كل حين وآن.
وكانت مدينة العلم والجامعات ، أطفالها كانو الأول والأفضل في حفظ القرءان والإمتحانات الشهادية للطلبة الإعدادية والثانوية وكان فيها أكثر من صرح علمي ومنبر ديني ، كانت المساجد عامرة في الليالي لأن حلقات التفسير كانت تقام في معظم المساجد ، كانت مدينة محبة للخير وتساعد المدن الأخرى عند الشدائد ، كانت الأخت الكبرى لبقية المدن والأقاليم ، كانت مدينة ساحلية تظل على البحر ولهذا كان شاطئ البحر مليئا بالسياح والزوار ، كانت مدينة يتحدث فيها الناس بكل لهجات اللغة الصومالية فكل لهجة في الصومال لها شعبية في بوصاصو وهذا دليل على أنها لم تكن مدينة لقبيلة واحدة وإنما عاصمة للقومية الصومالية ، كانت مدينة لا تسأل أحدا من يكون ومن أين أتى .
وكان بابها مفتوحا للجميع ومائدتها عامرة ورزقها موفور ، لم يكن يشعر فيها أحد بأنه غريب أو أنه عابر سبيل ، لم يكن يشعر فيها أحد بالبطالة أو العزلة أو الوحدة ، كان تجبر خاطر المكسور وتمسح عيون المقهور وتداوي جروح أبنائها ، يقال بأنها كانت مفخرة الصومال في زمن المحنة فحين كانت الصومال تغرق في الحروب والمآسي كانت بوصاصو تمنح الصوماليين أملا وتزدهر ، كانت مفخرة كل صومالي في أكثر أيام الصومال سوادا ، كانت الجانب المشرق والمضيء من الصومال في فترات الحروب والصراعات ، كانت شعلة أهل الصومال التي لا تنطفئ ، كانت ثالث أكبر مدن الصومال وثاني أكثر مدن الصومال نموا وتطورا وأول مدينة في الصومال تغيرت من قرية صغيرة إلى مدينة كبيرة في شرق إفريقيا خلال عقدين من الزمان.

Exit mobile version