في وقت يشتد الصراع بين الأطراف السياسية في الصومال بشأن نزاهة الانتخابات العامة، تسعى حركة الشباب الإرهابية جاهدة لاستثمار هذا المشهد.
وترى حركة “الشباب” الإرهابية في الخلاف بين الساسة، وانشغال السلطات المحلية، فرصة لا تقبل التضييع في حسابات أجنداتها المقيتة، التي تستهدف إعاقة الانتخابات وإراقة مزيد من دماء الأبرياء في البلاد.
وقد صعدت الحركة أنشطتها الإرهابية مؤخرا، وقصفت قواعد القوات الصومالية والأفريقية، وشنت هجمات مباشرة، في تنويع لمصادر خطورتها وتهديداتها الأمنية، إضافة إلى بسط مناطق نفوذها.
وعلى الرغم من أن التنظيم الإرهابي ينشط في مناطق واسعة من جنوب ووسط البلاد، إلا أن تركيزه يبدو أكبر على ولاية غلمدغ وسط الصومال، نظرا لأنها منطقة صراع ملتهبة؛ تارة بين العشائر ، وأخرى بين الإدارة المحلية، وتنظيم “جماعة أهل السنة والجماعة”؛ الذي عاد بقوة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
واندلع قتال عنيف بين مسلحي أهل السنة والجماعة من جهة، وقوات ولاية غلمدغ والجيش الوطني من جهة أخرى، ما أدى إلى طرد المليشيات من مدينة غوريعيل الاستراتيجية.
وخلال الأيام الأخيرة الماضية سيطرت حركة الشباب على ثلاثة مدن استراتيجية في ولاية غلمدغ، هي: متبان، عيل طيري وغدون، كما اقترب التنظيم الإرهابي من سبع مدن أخرى لاقتحامها وفق وسائل الإعلام المحلية.
ويرجع خبراء الأمن أسباب تصاعد النشاط الإرهابي في هذا التوقيت، وتحديدا في ولاية غلمدغ، إلى عدة أسباب.
ويقول المحلل الأمني الصومالي عمر محمد إن نشاط حركة الشباب في غلمدغ، ينذر بكارثة أمنية، يغذيها جملة من الديناميات التي تختص الولاية دون غيرها من الولايات.
ويعتقد عمر محمد أن الحملة الإرهابية من قبل حركة الشباب تستهدف بالدرجة الأولى استعادة المناطق التي خسرتها خلال عملية عسكرية واسعة شنها الجيش الصومالي في غلمدغ خلال شهري يونيو/ حزيران، ويوليو/ تموز الماضيين.
وهناك سبب آخر بحسب الخبير الأمني، وراء هذه الهجمات الإرهابية الشرسة، وهو أن حركة الشباب ترى في عودة تنظيم أهل السنة والجماعة التي تقاتل سلطات ولاية غلمدغ فرصة قوية لاستثمارها، على الرغم من أن التنظيمين الإرهابيين، طرفا نقيض لا يجتمعان، لكن توحدها استراتيجية التموضع على المدى البعيد.
ويلفت عمر إلى أن حركة الشباب الإرهابية ترى في تعزيز تواجدها في ولاية غلمدغ صمام دفاع عن مصالحها، حيث تتوفر المنطقة على منافذ بحرية واسعة لاستلام الأسلحة المهربة، إلى الصومال، كما يسهل نقل عناصر عبر البحر دون ضغوط.
بدوره، يرى المحلل الأمني الصومالي عبدي يوسف في تصريحات صحفية، أن انشغال قيادات السلطات الأمنية على المستويين الفيدرالي والإقليمي في ظروف المرحلة الانتقالية يعد سببا رئيسيا في الانفلات الأمني، الذي تشهده غلمدغ، وسط تزايد هجمات الشباب الإرهابية.
ويعتبر عبدي يوسق أن حركة الشباب تريد من وراء هذه الحملة إثبات الذات بأن شوكتها مازالت قوية، حيث يتزامن التصعيد مع انتهاء تفويض قوات حفظ السلام “أميصوم” نهاية الشهر الجاري، دون اتفاق بين الصومال والاتحاد الأفريقي على مستقبل عمل القوات.
ويشدد عبدي أيضا على أن ما يجري من تزايد الهجمات الإرهابية تنفيذ لأجندة التنظيم الإرهابي في عرقلة الانتخابات، أو حتى محاولة وقف إجرائها في بعض مراكز الاقتراع، عبر مضاعفة التهديد الأمني.
ويشير عبدي إلى أن غلمدغ مهددة؛ حيث اقتربت حركة الشباب من عاصمة الولاية، وأصبحت على بعد 30 كم منها، وهي أحد أهم مراكز الاقتراع، التي من المفترض إجراء انتخاب 24 مقعدا نيابيا في مركزها.