هل تمنح الخلافات السياسية بين قادة وفرقاء الصومال مكاسب جديدة لـ”حركة الشباب”؟
عادت حركة الشباب الصومالية لتطل برأسها من جديد على المشهد السياسي المعقد، حيث استغلت الخلافات والصراعات بين الفرقاء السياسيين وانشغالهم بالانتخابات وقامت بمداهمة بعض المدن والسيطرة عليها.
يقول الدكتور حسن شيخ علي، الباحث الصومالي في العلاقات الدولية، إن “المناطق أو البلدات الجديدة التي أعلنت حركة الشباب السيطرة عليها ليست لها أهمية كبيرة من الناحية العسكرية”.
وأضاف علي، أن دخول الحركة لتلك البلدات لا يدوم طويلا، فهم يدخلون البلدة على عجل من أمرها، ثم يقومون بحرق بعض المباني الحكومية ومباني الشرطة المحلية ذات الإمكانيات المحدودة.
في الوقت ذاته أشار شيخ علي إلى أن “بلدة عيل طير التي سيطروا عليها مؤخرا تقع بين مدينتين مهمتين، مدينة طوسمريب وهي عاصمة الإقليم، ومدينة غري عيل ذات الكثافة السكانية”، وأضاف: “إلا أن مدينة عيل طير ليست سوى عدة بيوت أو ربما تعد بالأصابع، وشخصيا أنا زرت المنطقة قبل عام تقريبا، لذا لا أري مكسبًا سياسيا أو عسكريا لحركة الشباب، ولكن هذا الأمر بكل تأكيد يزعج إدارة الإقليم على التحديد”.
ويرى عبد الرحمن إبراهيم عبدي، مدير مركز مقديشو للدراسات بالصومال، أن “الهجمات التي تشنها حركة الشباب على بعض المواقع والاستيلاء عليها، تحمل دلالات كبيرة، أولها أن الحركة لا تزال حية رغم ما تعرضت له من نكسات خلال السنوات الأخيرة”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن “الولايات المتحدة قامت بتوجيه العديد من الضربات الجوية للحركة باستخدام الطائرات المسيرة، علاوة على الضربات التي شنها التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب عليها أيضا، الأمر الذي ترتب عليه أن فقدت الحركة بعض قادتها نتيجة لتلك الهجمات”.
وأشار عبدي إلى أن “الحركة تحاول استغلال تلك الفترة نتيجة انشغال القيادات المحلية في الانتخابات والخلافات التي تسيطر على المشهد السياسي، كما تتزامن تزايد عمليات الحركة في ظل أزمة الثقة التي تعيشها البلاد بين الحكومة الصومالية والاتحاد الأفريقي حول بقايا القوات الأجنبية في الصومال، حيث تطالب الحكومة الاتحاد الأفريقي بسحب القوات الأجنبية من البلاد وتسليم مهامها للقوات الصومالية في بداية العام المقبل حسب التاريخ المحدد”.
وأوضح مدير مركز مقديشيو أن “هذا التخبط السياسي الداخلي أربك الموقف وأثر سلبا على العمليات التي كانت تنفذها القوات الصومالية والقوات الأفريقية الدولية ضد حركة الشباب ومواقعها في الصومال، وخاصة في المناطق الجنوبية ووسط الصومال”.
ولفت عبدي إلى أن “عمليات حركة الشباب واستيلائها على بعض القرى والمدن أو دخولها لبعض المناطق والخروج منها لم يكن لهذا الأمر تأثير كبير على سير العملية الانتخابية، إلا إذا انسحبت القوات الأفريقية مطلع العام المقبل وهذا أمر غير متوقع”.
ونوه إلى أن “تأثير تلك العمليات التي تقوم بها حركة الشباب محدود جدا على العملية الانتخابية، نظرا لأن المناطق التي تجرى بها العملية الانتخابية هى مناطق آمنة وتخضع لحراسة مشددة، حيث وضعت حكومات الولايات قواتها على أهبة الاستعداد لمواجهة أي خطر يأتي من جانب حركة الشباب أو غيرها”.
وأوضح عبدي أنه “يرى أن تحركات حركة الشباب خلال الفترات القادمة سوف تنحصر على القرى البعيدة، لأنه من الصعوبة بمكان أن تستهدف بعملياتها المدن الكبيرة ذات الكثافة السكانية والحراسة المشددة”.
وسيطرت حركة الشباب الصومالية الأسبوع الماضي على بلدة تقع على بعد 30 كيلومترا جنوبي دوسامارب عاصمة جالمودوج، في وقت قصف مقاتلي حركة الشباب مركزا للشرطة قبل السيطرة على البلدة، وغادرت قوات ولاية “جالمودوج”، لتفرض الحركة سيطرتها عليها بحسب “رويترز”.
وتأتي عمليات التوغل في أعقاب اقتتال داخلي بين الحكومة الصومالية وحلفائها السابقين من “جماعة أهل السنة والجماعة”، وهي ميليشيا في “جلمدج” لعبت دورا أساسيا في القتال ضد “حركة الشباب”، فيما تقول الجماعة إن هذه الحكومة سمحت بتقرب كثير من المتشددين إليها.
وخاض الطرفان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي معركة دامية أودت بحياة ما يزيد على 120 شخص، ويخشى محللون من أن يعرقل هذا الاشتباك عمليات القتال ضد “حركة الشباب” التي تسعى منذ سنوات لإطاحة الحكومة المركزية وحكم البلاد.