الصومال اليوم

النفط.. بوابة الخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالصومال

منذ سقوط حكم الرئيس الصومالي الأسبق، محمد سياد بري في العام 1991، كانت البلاد مسرحًا للفوضى وعدم الاستقرار. وفي ظل غياب حكومة مركزية توحد الصوماليين، هيمنت النزاعات القبلية على الواقع السياسي في الصومال.
اعلان
وبالإضافة لذلك، فقد أدى الانهيار الاقتصادي وانعدام القانون في تلك الحقبة إلى ظهور واحدة من أقدم المهن في تاريخ البشرية “القرصنة”.
وفي الوقت ذاته، تسببت العوامل الجغرافية في منطقة القرن الإفريقي إلى جانب افتقار الدولة للتخطيط بانتشار المجاعة في البلاد. وبات اليأس يملأ أعين الصوماليين على الرغم من تظاهرهم بالصمود.
ومع كل هذه المؤشرات السلبية، قد تكون الصومال اليوم على أعتاب تغيير تاريخي. وقد لا يكون هذا التغيير متعلقًا بانحسار حركة الشباب وإضعاف شوكتهم. وليس مدفوعًا بسبب الانتقال المرتقب إلى الانتخابات المباشرة.
بل من الاهتمام الدولي المتجدد بالصومال كدولة منتجة للنفط، حيث سيرى الجميع تنامي الدور الجيوستراتيجي للصومال. والذي لن يقتصر على جهود مكافحة الإرهاب والقرصنة فحسب.

جانب من تدريب قوات النخبة البريطانية للجيش الصومالي في مدينة بيدوا

وقد شككت العديد من الصحف العالمية ومنها “أوبزرفر” بالمساعي الحقيقية للدور البريطاني الإنساني في الصومال. حيث أطلق عليها البعض “مساعدات النفط”.
ويعد الاهتمام البريطاني امتدادًا لسياسة الولايات المتحدة بين الخمسينيات وأوائل التسعينيات. عندما حصلت شركات النفط الأمريكية العملاقة، مثل كونوكو وشيفرون، على حق التنقيب عن النفط في الصومال.
حيث سعى الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الأب لتحقيق مصالح وطنية تتمثل بـ “استكشاف مصادر للنفط الخام في مناطق بعيدة عن مضيق هرمز”.
وفي واقع الأمر، يزعم بعض المحللين أن قرار واشنطن بإرسال قوات أمريكية إلى الصومال في العام 1991، لم يكن متعلقًا بحماية قوافل المساعدات. بل لحماية استثمارات شركة “كونوكو” التي تقدر بملايين الدولارات.
وقد كانت الشركة مصرة على البقاء في الصومال؛ على الرغم من استسلامها في نهاية الأمر، نتيجة انهيار مشروع النفط الصومالي تمامًا.
وعلى خطى الولايات المتحدة، فإن العديد من القوى الإقليمية والعالمية باتت تملك مصلحة وطنية لاستكشاف النفط الصومالي.
ويرجع ذلك، إلى حقيقة أن منطقة الخليج العربي تمر بحالة من عدم الاستقرار والتجاذبات السياسية بين إيران ودول الخليج. وأن مشاركة تلك القوى بالاستثمار في صناعة النفط الصومالي ستكون “فرصة لا تقدر بثمن” بالنسبة لهم.
ولتحقيق تلك الغاية، فقد مُنحت الشركة الصينية الوطنية للنفط البحري (CNOOC)، إذنًا قانونيًا من الصومال للتنقيب عن النفط. الأمر الذي يعد بحد ذاته دليلًا على حاجة الصين الماسة لمصادر طاقة مختلفة عن تلك الموجود في الشرق الأوسط.
وقد استغلت تركيا موجة الجفاف التي ضربت البلاد في العام 2011 للاستفادة من مشروع النفط الصومالي عبر بوابة المساعدات. حيث قرر أردوغان حينها افتتاح أكبر سفارة تركية حول العالم في مقديشو.

خلال زيارة أردوغان للصومال في العام 2011 أثناء مواجهة البلاد لآثار المجاعة

كما ساهمت الحكومة التركية بتدريب وتجهيز الجيش الوطني الصومالي، وقامت كذلك ببناء أكبر قاعدة عسكرية لها في مقديشو. فيما قدمت مؤخرًا العديد من المعدات العسكرية للصومال، من بينها طائرات مسيرة.
وفي المقابل، ذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الحكومة الصومالية قد دعت تركيا للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية الصومالية. في حين نفت الحكومة الصومالية هذه المزاعم.
وبالنظر إلى الموقع الاستراتيجي الهام للصومال، التي تطل على خليج عدن ومدخل البحر الأحمر من جهة والمحيط الهندي من جهة أخرى. فهناك أسباب وجيهة تدعو للتفاؤل بأنه إذا تم العثور على كمية “كافية” من النفط؛ فإنه يمكن للصومال أن تصبح مركزًا تجاريًا رئيسيًا ووجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية على المدى المتوسط.
ولأول مرة منذ سنوات عدة، تملك الأمة الصومالية فرصة حقيقية لبناء دولة أكثر ازدهارًا للأجيال القادمة. ولتحقيق ذلك، يجب على السياسيين الصوماليين وزعماء القبائل أن يظهروا درجة عالية من المرونة.
كما تظهر الحاجة إلى وضع إطار قانوني يحدد إجراءات تقاسم عائدات النفط، ويقلل من احتمالية ممارسة السياسيين للفساد.
وربما يلعب المجتمع الدولي دورًا مهمًا لتحقيق هذه النقاط، إذ تفتقر البلاد إلى الخبرة القانونية والمالية اللازمة لإدارة مثل هذه المشاريع.

المصدر: القرن اليومية + وكالات

Exit mobile version