الاجتماع الأخير للمجلس الوزاري لجامعة الدول العربية أصدر قرارا يدين التدخلات الإرهابية العدوانية التركية في الدول العربية.
المجلس أكد تحديدا «رفضه وإدانته للتدخلات العسكرية التركية في دولة ليبيا، وكذلك رفض وإدانة قيام تركيا بنقل مقاتلين إرهابيين أجانب للأراضي الليبية لكون ذلك يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي وللأمن والسلم الدوليين وانتهاكا واضحا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة». كما عبر عن «رفض وإدانته العدوان التركي على الأراضي السورية لكونه خرقا واضحا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التي تدعو للحفاظ على وحدة واستقلال سوريا وخاصة القرار 2254 ويعدّه تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي وللأمن والسلم الدوليين.. ورفض وإدانة توغل القوات التركية في الأراضي العراقية لكونه اعتداء على الأمن القومي العربي».
كل الدول العربية أيدت هذا القرار باستثناء أربع دول عربية تحفظت عليه، هي قطر وليبيا والصومال وجيبوتي.
السؤال هو: لماذا تتحفظ دول عربية على قرار مثل هذا؟.. ما الذي يدعو هذه الدول إلى التحفظ على إدانة عربية لتدخلات دولة أجنبية في الدول العربية وعدوان إرهابي تشنه؟.
هذا موقف غريب وشاذ جدا، فكيف يمكن ان تبرره هذه الدول المتحفظة عليه؟.. ما الذي قالته الدول الأربع تبريرا لموقفها؟
الوفد الليبي، وهو تابع لحكومة السراج، هو الوحيد الذي قدم تبريرات تفصيلية لتحفظه على القرار. اعتبر الوفد ان القرار يندرج في اطار «تصفية حسابات وخلافات سياسية». واعتبر أيضا ان «دعم الحكومة التركية للحكومة الشرعية في ليبيا تدخل رغم أنه بطلب منها وبموجب مذكرة تفاهم موقعة بين الجانبين». وتحدث الوفد الليبي عما اسماه «سياسة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين في التعامل مع التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية». واستغرب هنا «ذكر دولة تركيا بالاسم، واتهامها بالتدخل في شؤون الدول العربية وتجاهل تدخل دول أجنبية أخرى (بينها الإمارات ومصر) في ليبيا».
طبعا، ليس من المستغرب أن يتخذ الوفد الليبي هذا الموقف، فحكومة السراج هي التي مكنت تركيا من التوغل في ليبيا ومن نقل المرتزقة الإرهابيين إلى هناك ومن الشروع في تنفيذ الأجندة العدوانية التوسعية التركية. القرار العربي هو في جوهره ادانة مباشرة للذين مكنوا تركيا من شن عدوانها على مختلف الدول العربية.
لكن من الغريب والمستفز جدا ان يعتبر الوفد الليبي ان دولتين عربيتين هما مصر والإمارات دولتان اجنبيتان مثلهما مثل تركيا، وان يساوي بين دفاعهما عن امن واستقرار ليبيا والأمن العربي وبين العدوان التركي.
الصومال بررت تحفظها بالقول انه يجب على الدول العربية «فتح قنوات اتصال دبلوماسية مع الجانب التركي للتنسيق حول سبل مكافحة الجماعات المسلحة التي تتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار بالمنطقة»
أما قطر، فلم تقدم أي تبرير أو تفسير لتحفظها على القرار العربي.
هذا في حد ذاته استهانة واستهتار بالموقف العربي والقرار العربي.
على أي حال، قطر ليست بحاجة إلى تقديم تبريرات، فهي أصلا شريك لتركيا في كل السياسات والخطوات العدوانية التي تشنها في ليبيا وغيرها من الدول العربية، وهي الممول لها.
عموما ان تتحفظ هذه الدول العربية الأربع على قرار يدين التدخلات الإرهابية العدوانية التركية في الدول العربية ليس له من معنى سوى انها تؤيد هذه التدخلات، أو انها لا ترى في ذلك أي خطر يهدد الأمن العربي. وهذا أمر غريب جدا.