انتخابات الصومال.. شكوك “النزاهة” تشعل مخاوف الصراع المسلح
تشهد انتخابات مجلس الشعب الصومالي، الغرفة السفلى للبرلمان الفيدرالي، موجة احتجاجات كبيرة جراء اتهامات بفقدان النزاهة وفشل التوافق.
ويخشى محللون ومتابعون من أن “غياب الشفافية” بمسار الانتخابات قد يقود مجددا إلى صراع مسلح في الصومال لا يعرف متى يتوقف في حال اندلع”.
وانطلقت الانتخابات مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في مقديشو بانتخاب مقاعد من الأقاليم الشمالية، 8 مقاعد حتى الآن، تلتها ولايتا غلمدغ وجنوب غرب الصومال 5 و3 على الترتيب، ويصل مجموع المقاعد المنتخبة حتى الآن إلى 16 عضوا من أصل 275 يتكون منهم المجلس.
لكن انتخابات المقاعد الـ16 طالتها احتجاجات سياسية من جانب مرشحي الرئاسة وعشائرية تؤكد عدم النزاهة.
ففي ولاية جنوب غرب الصومال رفضت لجنة الانتخابات المحلية إعطاء أوراق الترشح لرئيس البرلمان الأسبق بروفيسور محمد شيخ عثمان جواري لإقصائه من الانتخابات.
أما في ولاية غلمدغ، فقد اختطف المدير المؤقت لوكالة المخابرات والأمن القومي الصومالي ياسين فري المقعد النيابي لعشيرته التي مازالت تصر على أنه تم سرقة المقعد ويجب إعادة التصويت إلا أن سلطات الانتخابات لم تتجاوب مع مطالبها.
والسبت، أعلنت لجنة الانتخابات الفيدرالية العامة تعليق إجراء التصويت في مقعد رئيس البرلمان الأسبق الذي أوصل احتجاجه إلى اللجنة لكن لجنة الانتخابات المحلية بولاية جنوب غرب أعلنت أنها ستمضي قدما وستجري الاقتراع، اليوم الأحد، ولن تأخذ أوامر من لجنة الانتخابات الفيدرالية العامة.
واجتمع رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي، السبت، مع لجنة الانتخابات الفيدرالية العامة ولجنة جل الخلافات، وطالبهما بحماية استقلال لجان الانتخابات من الأطراف السياسية.
وشدد روبلي على أن رئيس لجنة الانتخابات الفيدرالية هو المسؤول عن تنفيذ لوائح الانتخابات التي يتم إدارة الاقتراع فيها.
ويظهر تمرد لجنة الانتخابات المحلية بولاية جنوب غرب على قرار تعليق لجنة الانتخابات الفيدرالية باقتراع المقعد النيابي الذي كان من المتوقع أن ينافس فيها البروفيسور جواري بروز خلافات قانونية وفنية جراء الظروف السياسية لتصفية الحسابات السياسية.
أما فيما يخص المقعد الذي فاز فيه المدير المؤقت لوكالة المخابرات بولاية غلمدغ، فإن العشيرة صاحبة المقعد تقول إنها تم اختطافه.
وأعلنت اللجنة الفيدرالية لحل المنازعات الانتخابية الأحد تعليق الإعلان عن نتيجة مقعد رقم 067، الذي فاز فيه المدير المؤقت لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، ياسين فري يوم الخميس. في عاصمة ولاية غلمدغ طوسمريب.
وقالت اللجنة في رسالة للجنة الانتخابات الفيدرالية أن لجنة حل الخلافات تلقت شكوى ضد المقعد المشار إليه، قدمها مرشح للمقعد يُدعى أحمد عبد الكريم علي، وكذلك شيخ العشيرة علي حسن علي (علي جيستو).
كما شددت اللجنة على أنها ستتخذ قرارًا نهائيًا بشأن القضية، واقترحت تأجيل إعلان النتيجة اعتبارًا من اليوم.
وتقوم العشيرة حاليا بأنشطة سياسية في مقديشو لإجراء التصويت بين المرشحين الذين قاطعوا الانتخابات في غلمدغ، ما لم يتم إعادة التصويت من قبل سلطات غلمدغ بشكل شفاف ونزيهة.
كما تهدد تلك العشيرة بالانسحاب من ولاية غلمدغ احتجاجا على كيفية إدارة التصويت.
وفي سياق متصل أجرى القائم بأعمال رئيس الوزراء محمد حسين روبلي الأحد في مكتبه لقاء مع قادة اتحاد المرشحين الرئاسيين المعارض.
وبحث الاجتماع القضايا المتعلقة بضمان نزاهة الانتخابات النيابية الجارية في البلاد بعيداً عن الاختطاف والتلاعب.
وحث بيان دولي، الجمعة، على استكمال انتخابات مجلس الشعب الصومالي قبل نهاية العام الجاري على أن تكون ذات مصداقية بين جميع الأوساط السياسية.
وطالب البيان الدولي بـ”شفافية شاملة في مسار إدارة التصويت في الاقتراع العام، وحماية جميع لوائح تنظيم الانتخابات المتفق عليها كما هي”، لافتا إلى “ضرورة تسهيل مراقبة مراكز الاقتراع”.
وشدد البيان الدولي على أن “الترشح حق قانوني لجميع الصوماليين يكفله قانون البلاد ولا مساس به لإيجاد أجواء من التنافس الحقيقي العادل دون إقصاء أي طرف في المنافسة ودون تصفية حسابات.
وطالب البيان “الأطراف التي تحتج تقديم احتجاجاتها عبر الطرق القانونية دون اللجوء إلى سبل لا تخدم سلامة مسار العملية الانتخابية”.
من جهته، قال اتحاد مرشحي الرئاسة، السبت، إنه “لن يقبل باختطاف الانتخابات العامة وإدارتها بشكل غير شفاف”، واصفا بعض الانتخابات التي جرت في بعض مراكز الاقتراع بأنها “غير قانونية”، دون الإشارة إليها.
وذكر الاتحاد بأنه “سيجتمع مع رئيس الوزراء والمجتمع الدولي لمناقشة نزاهة مسار الاقتراع، من أجل ضمان قبول جميع الأطراف على نتائج التصويت”، مشددا على “عدم التلاعب باللوائح التنظيمية المتفق عليه في العملية الانتخابية”.
وحذر اتحاد مرشحي الرئاسة بأن الممارسات الفاسدة حول الانتخابات يعرض الاستقرار الهش وبقاء الدولة الصومالية للخطر، معربا عن أمله بأن يواصل جهوده من إجراء انتخابات نزيهة وإنقاذ مصير البلاد من المجهول جراء خلاف سياسي ناجم عن نزاع في مسار الانتخابات.
مخاوف من الصراع
ويقول المحلل السياسي الصومالي محمد نور إن “غياب الشفافية في مسار الانتخابات قد يقود مجددا إلى صراع مسلح في الصومال لا يعرف متى يتوقف في حال اندلع”.
ويعتقد نور أن “ما يجري قد ينجم عنه فقدان الأطراف السياسية والعشائر الصومالية ثقتها في قيادة رئيس الوزراء روبلي لمسار الانتخابات، ويعني ذلك خطوة إلى الوراء تعيد إلى الواجهة حمل السلاح من قبل المعارضة لتصحيح المسار، كما فعلت ضد التمديد لفرماجو في أبريل/نيسان الماضي.
ويرى نور أن “الحل يكمن في انقياد كل الأطراف لاتفاقيات الانتخابات التي تحظى بثقة كل الأطراف، والعودة إلى النزاهة وعدم تأزيم الوضع بمزيد من الفساد يدفع العشائر حمل السلاح للدفاع عن حقوقها السياسية من رؤساء الولايات”.
ويعتبر نور بأن قيادة فعالة لرئيس الوزراء روبلي قد تنقذ المسار الانتخابي والبلاد من الفوضى السياسية التي قد تقود البلاد في المرحلة الانتقالية إلى وضع أسوأ.