مقديشو مدينة كان لها بهاء بدده الخراب، فأبراجها ذات الشرفات المطلة على البحر تتداعى بينما تدور الدوامات الرملية في أروقة تملؤها الثقوب بالكاتدرائية القديمة ذات السقف المنهار.
غير أن شابا عائدا لزيارة وطن أهله يسير في شوارعها ويحلم بمستقبل مختلف.
فقد ولد عمر ديجان (30 عاما) في إيطاليا لأبوين صوماليين سافرا قبل 3 سنوات من تفجر الحرب الأهلية في 1991. درس الهندسة المعمارية في إيطاليا وهونج كونج قبل أن يعود إلى مقديشو في 2017 ضمن موجة عودة الشباب المغتربين لإعادة بناء البلاد.
قال وهو يسير في شوارع تحمل ندوب الاشتباكات وتختنق بالقمامة المنتشرة فيها: “كانت أجمل مدينة في أفريقيا”.
لكن ديجان يخشى ألا تراعي نهضة في حركة البناء مقومات الحياة المدنية، فالمكان الوحيد المتاح للناس قضاء الوقت فيه بالمدينة في الوقت الحالي هو شواطئها ذات الرمال البيضاء.
وقال “ما من محاسبة وما من قواعد ولوائح تشجع على وجود فراغات بين المباني وتحكم الشكل. لا توجد حدائق عامة ولا توجد مساحات كافية للناس”.
وتبذل الحكومة جهودا فقد أعادت فتح المسرح القومي والمتحف الوطني في يوليو ٢٠٢٠ غير أن هجمات المتشددين المتكررة لا تتيح للمواطنين الفرصة للدخول والخروج إذ يتعين فرض إجراءات أمن مشددة.
ولا تزال حركة الشباب تشن هجمات في المدينة كل يوم تقريبا.
ويريد ديجان أن تخصص الحكومة بعضا من مساحات الأراضي الفضاء التي تختفي بسرعة في المدينة كمساحات لعامة الناس حيث يمكن للأسر أن تتجمع في المساء.
وقد وجد حلفاء أقوياء له في مسعاه كرئيس بلدية مقديشو السابق ورئيس الوزراء. غير أن انتحاريا قتل رئيس البلدية قبل عام وتم عزل رئيس الوزراء بعد التصويت على سحب الثقة منه.
وفي الوقت الراهن يركز ديجان على مشروعات أصغر ويعمل في بعضها دون مقابل، وقد صمم مدرسة لها حدائق في وسط الصومال ومكتبة عامة في مدينة لاس عانود.
وفي مقديشو، تزين الجدران البيضاء بمطعم سلسبيل الذي وضع ديجان تصميماته بصور تبرز البيوت الصومالية القديمة ورجالا يرتدون الزي الصومالي التقليدي الذي يلتف حول الوسط.
وقال ديجان “مساحات الأراضي المتاحة للناس عامة لاسيما في سياق عملية إعمار بعد حرب لها مغزى كبير لأنها تساعد الناس فعلا على الإحساس بالمسؤولية.
وأكد أن “وجود مساحة عامة سيفيد في المصالحة والسلام الذي يحتاج إليه الصومال ويتطلع إليه”.