الصومال اليوم

داعش ينظم صفوفه في الساحل وغرب أفريقيا بعد مقتل زعمائه ويخطط لإنشاء أربع ولايات

خسر تنظيم داعش الإرهابي زعيمين له في فترة وجيزة حيث قتل أبومصعب البرناوي زعيم داعش غرب أفريقيا منتصف أكتوبر بعد شهر على مقتل عدنان أبووليد الصحراوي زعيم داعش الصحراء الكبرى. وإن كان التنظيم أقرّ بمقتل أبووليد الصحراوي، إلا أنه إلى حد الآن لم يؤكد أو ينفي مقتل البرناوي على يد الجيش النيجيري.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، أعلن مستشار الأمن القومي النيجيري، باباغانا مونغونو، مقتل “مالام باكو”، الذي خلف أبومصعب البرناوي مؤخرا كزعيم لتنظيم داعش في ولاية غرب أفريقيا.
وإن تأكد مقتل البرناوي وباكو إلى جانب أبي الوليد الصحراوي، فإن داعش يكون قد تلقى ضربة موجعة في أهم معقلين جديدين له في أفريقيا، بعد انهيار معاقله في سوريا والعراق وليبيا. وتطرح تساؤلات حول مدى تأثير ذلك على تماسك التنظيم واستمرار نشاطه في أهم معقلين نشطين لديه؟
وقد يكون من السابق لأوانه الحديث عن بداية تفكك داعش في منطقتي الساحل وشمال شرق نيجيريا، رغم مقتل زعيمين مؤسسين بحجم الصحراوي، مؤسس جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، والذي بايع داعش عقب اتحاده مع جماعة مختار بلمختار (الموقعون بالدماء) رغم معارضة الأخير مما أدى إلى انقسامهم.
وخاض داعش الصحراء الكبرى مواجهات محدودة، مع الجماعات الموالية للقاعدة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لكنه فشل في القضاء عليها أو الاستيلاء على معاقلها.
وبينما تمركزت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي تضم 4 تنظيمات مسلحة مقربة من القاعدة، على شمال مالي، تمركز داعش الصحراء الكبرى في منطقة الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وهذه المنطقة التي ركزت عليها عملية برخان الفرنسية، وجيوش الساحل الخمسة (تشاد، النيجر، مالي، بوركينا فاسو، موريتانيا)، بالإضافة إلى الدعم الاستخباراتي واللوجستي للقوات الأميركية في المنطقة.
وأدى مقتل شيكاو إلى تسليم الآلاف من العناصر التابعة لبوكو حرام أو المتعاطفة معها إلى الجيش النيجيري، وليس مستبعدا أن يكون الأخير استفاد من المعلومات التي تحصل عليها من قيادات بوكو حرام، التي سلمت نفسها، للإطاحة بالبرناوي وخليفته مالام باكو.
لكن تجارب العديد من الجماعات الإرهابية والمتشددة تكشف أن مقتل زعاماتها يضعفها لكنه لا يقضي عليها، حيث تقوم بتجديد قياداتها بشكل روتيني نظرا لطبيعة نشاطها، واحتمال مقتل زعمائها القائم في أيّ وقت، بالنظر إلى مطاردتهم من العديد من الجيوش المحلية والقوى الكبرى.
ويصبح مقتل زعيم أيّ جماعة مسلحة مدمرا لها عندما يحدث صراع على خلافته، ما يؤدي إلى انقسام التنظيم والاقتتال بين عناصره ويستنزفه داخليا، حتى يتلاشى تحت ضربات الجيوش المحلية، مثلما حدث للجماعات الإسلامية المسلحة في الجزائر (جيا) ما بين 1993 – 1997.
كذلك الأمر بالنسبة إلى مقتل عبدالمالك درودكال زعيم القاعدة في المغرب الإسلامي، ومختار بلمختار زعيم كتيبة المرابطين، وكلاهما ضمن تحالف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي تضم أيضا جماعة أنصار الدين، وجماعة تحرير ماسينا، إذ لم يؤدِ مقتلهما إلى توقف نشاط تنظيم القاعدة في الساحل، ولكنه قد يفتح الباب للحوار بين الحكومة المالية والتنظيمين الأخيرين الأقل تطرفا.
وتعتبر العديد من مراكز الدراسات المتخصصة في متابعة نشاط الجماعات الإرهابية أن داعش في الصحراء الكبرى وغرب أفريقيا دخل مرحلة إعادة تنظيم نشاطه في المنطقة. فبعد أن سيطر على معظم أجزاء ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا بما فيها مناطق في حوض بحيرة تشاد، واكتمال القوس مع معاقله في الصحراء الكبرى، يسعى داعش لإعادة توحيد هذه المنطقة الشاسعة وتقسيمها إلى ولايات.
وفي هذا الصدد، تحدثت دراسة لمعهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا عن خطط لإعادة هيكلة داعش في المنطقة، بإنشاء 4 ولايات في كل من بحيرة تشاد، وتمبكتو (شمال مالي)، وتومبوما (غينيا). وغابة سامبيسا، تحت قيادة مركزية في بورنو.
واستفاد داعش الصحراء الكبرى وغرب أفريقيا، من التحاق آلاف العناصر من التنظيم في كل من العراق وسوريا وليبيا، ما عزز من قوته في المنطقة وساعده في هزيمة بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا.
وذكر مركز غرب أفريقيا لمكافحة التطرف في تقرير له عام 2018 أن نحو 6 آلاف عنصر يتحدرون من بلدان غرب أفريقيا، الذين قاتلوا مع داعش، عادوا إلى ديارهم في العراق وسوريا بعد انهيار الخلافة التي أعلنها التنظيم.
ولا يستبعد أن يكون عدد من هؤلاء العائدين انضموا مجددا إلى داعش في الصحراء الكبرى أو غرب أفريقيا، مما يضاعف مخاطر انتشار التنظيم في المنطقة نظرا لخبرتهم القتالية والتنظيمية.
وما يعزز ذلك ما نشره معهد الدراسات الأمنية في أفريقيا (مستقل ومقره في بريتوريا)، في أغسطس الماضي، أن 130 مقاتلاً سابقًا أو أكثر التحقوا بداعش غرب أفريقيا، بعد عودتهم من ليبيا على ثلاث دفعات بين أبريل ويونيو الماضيين.
وتوقع المعهد وجود 70 مقاتلا آخرين على الأقل في ليبيا يستعدون للالتحاق بداعش غرب أفريقيا، دون تحديد متى سيتم ذلك.
وتعكس هذه التقارير الأمنية أن المنطقة أصبحت تستقطب عناصر داعش الفارين من العراق وسوريا وليبيا، ما يعني تضخم قوة التنظيم الإرهابي، ما يدفعه إلى إعادة هيكلة نفسه، وقد يؤدي ذلك إلى صراعات بين قياداته المحلية والقادمة من الخارج.
وليس مستبعدا وقوع تصفيات داخلية من أجل سيطرة القيادات القادمة من الخارج على داعش في الصحراء الكبرى وغرب أفريقيا، وقد نشهد إعادة تمدد التنظيم في دول أخرى مطلة على خليج غينيا.

وقد يصطدم داعش مجددا بالتنظيمات الموالية للقاعدة في شمال مالي لابتلاعها، مثلما فعل مع بوكو حرام، عبر القضاء على قياداتها، وضم عناصرها تحت شعار الوحدة بين التنظيمات المسلحة.
ويتحتّم على دول المنطقة إعادة تنظيم نفسها وتحالفاتها وعدم انتظار اكتمال إعادة هيكلة التنظيم لنفسه، خاصة وأن دول أخرى في غرب أفريقيا قد يطالها التهديد.

Exit mobile version