تعمل شركة صومالية ناشئة من خلال ابتكار نمط مشروع غير تقليدي يتمثل في تقديم خدمة غسل السيارات تحت الطلب على مواجهة تحدي البطالة، في بلد يعاني من شح الموارد وظروف اقتصادية واجتماعية كارثية.
ويتولى الشاب يحيى عبدالله الذي أسس شركة “أديج سييم” قبل فترة بالتنقل إلى أماكن مالكي السيارات لتنظيفها بأسعار تنافسية وهو ما يوفر عليهم معاناة الذهاب والانتظار أمام المحطات الكبرى لغسل السيارات.
وفي غضون أشهر قليلة حظى المشروع بإقبال واسع، ما دفع العشرات من الشباب إلى الانضمام إليه لمواجهة البطالة المتنامية.
ويعاني الصومال من ارتفاع معدلات البطالة، لاسيما بين الشباب، حيث تصل إلى نحو 75 في المئة، في بلد يقدر تعداد سكانه بحوالي 12 مليون نسمة.
وداخل مكتبه بتقاطع دبكا المزدحم وسط مقديشو يستقبل عبدالله العشرات من الطلبات يوميا من زبائنه في مختلف أحياء العاصمة، لتوفير خدمة تنظيف السيارات المتنقلة “دليفيري” والتي تعد الأولى من نوعها في البلاد.
ويقول عبدالله إن فكرة مشروع المتنقل لغسل السيارات جاءت بعد دراسة احتياجات السوق المحلية، في ظل تزايد شركات بيع السيارات، وكانت التجربة الأولى من نوعها في العاصمة.
ونسبت وكالة الأناضول إلى يحيى قوله إنه “بعد ملاحظة عزوف مالكي السيارات عن محطات الغسل بسبب الازدحام وارتفاع أسعارها واضطرارهم لتنظيف مركباتهم في الشوارع، قررت إنشاء المشروع من خلال تقديم خدمة متنقلة بأسعار تنافسية”.
وأضاف إن “الإقبال على المشروع يتزايد يوما بعد يوم نظرا إلى سرعة تقديمها واستخدام أحدث الأدوات في الغسل والتشحيم بعكس الأدوات التقليدية، إلى جانب سهولة وصولها إلى الراغبين بها في كل الأوقات”.
وباتت شركة “أديج سييم” مصدرا للرزق للكثير من الشباب العاطلين عن العمل، بعد تلقيهم تدريبات حول كيفية استخدام أدوات تنظيف السيارات والتعامل مع الزبائن.
ويؤكد الشاب أحمد نور أن مشروع الغسل المتنقل للسيارات وفّر له فرصة عمل كبيرة بعد سنوات من المعاناة مع البطالة، مشيرا إلى أنه بات يعمل بنظام الراتب الشهري بدلا من الأجر اليومي الذي لم يكن يسد احتياجات أسرته قبل ذلك.
فيما أوضح عبدالناصر أحمد الذي كان يعمل في غسل السيارات بشكل يدوي أنه انتقل إلى العمل بالشركة هربا من عناء العمل اليدوي الذي يتطلب جهدا بدنيا كبيرا، خاصة وأن الشركة تستخدم أدوات وأجهزة حديثة في غسل السيارات.
وأضاف عبدالناصر أن “غسل السيارات في الشوارع كان من قبل عمل خطرا، نظرا لازدحام السيارات وغياب إشارات المرور إلى جانب ضيق الشوارع وعدم توفر ساحات وقوف للسيارات، ما يجعل الأمر صعبا وخطرا، لكن الآن تغير الوضع مع الشركة نظرا لاستخدام أحدث الأدوات والأجهزة”.
وعادة ما يستخدم عمال الشركة الدراجات البخارية للوصول إلى أماكن الزبائن في جميع أحياء العاصمة مقديشو، حيث يحدد الشخص الراغب في الخدمة نوعها والتوقيت المناسب له والمكان سواء عند مقر عمله أو أمام منزله.
وتعد الخدمة الجديدة بمثابة صمام أمان بالنسبة إلى الكثيرين الذين يتخوفون من تركيب المتفجرات بسيارتهم خلال عمليات التنظيف، وهي أحداث أمنية غالبا ما تحدث أثناء غياب صاحب السيارة خاصة العاملين في السلك الحكومي بسبب الاضطرابات الأمنية التي تشهدها مقديشو.
ويركن عبدالصمد محمود سيارته أمام منزله في حي ورطيغلي وسط العاصمة لغسلها من قبل شركة “أديج سييم” ويقول للأناضول إن تنظيف سيارته في السابق كان تحديا كبيرا وقد يغسل سيارته مرة أو مرتين في الشهر لظروف أمنية، لكن الأمر يختلف حاليا.
وأضاف محمود “سكان مقديشو عادة ما يقلقون من تنظيف السيارات لأسباب أمنية، لكن مع ظهور هذه الشركة تبددت المخاوف، حيث يستطيع الأشخاص غسل سياراتهم أمام مقار أعمالهم أو منازلهم دون عناء البحث عن المحطات أو الوقوف في جنبات الشوارع المزدحمة غالبا، مع خدمة سريعة وسعر أقل”.
ورغم تراجع التفجيرات التي تستهدف السيارات الخاصة في مقديشو، إلا أن المخاوف لا زالت عالقة في أذهان الكثيرين الذين فقدوا أصدقاءهم وأقاربهم نتيجة تفجير سياراتهم، ما دفعهم إلى اللجوء إلى مشروع الغسل المتنقل للسيارات.
وتتراوح خدمة غسل السيارات في المحطات الكبرى بالعاصمة بين 5 و7 دولارات، بينما يصل سعر خدمة مشروع الغسل المتنقل للسيارات إلى 4 دولارات فقط.