في خطوة غير متوقعة، تراجع واشنطن، دعمها لقوات النخبة الصومالية الخاصة المعروفة بـ”دنب”، إثر مشاركة الأخيرة في معارك.
و”دنب” هي القوات الخاصة الصومالية التي تأسست عام 2014، وتشرف واشنطن على تدريبها وإعدادها من أجل مواجهة حركة “الشباب” المرتبطة بتنظيم القاعدة في الصومال.
لكن مقتل قائد قوات “دنب” بولاية غلمدغ في معارك بين الجيش ومسلحي جماعة أهل “السنة والجماعة” في مدينة غريعيل، أثار حفيظة السلطات الأمريكية.
“عقاب أمريكي”
ونقل القسم الصومالي بإذاعة “صوت أمريكا”عن مسؤول في سفارة واشنطن بمقديشو، قوله إن “الولايات المتحدة تراجع دعمها لـ”دنب” بعد ورود أنباء عن مشاركة هذه القوات في الصراع المسلح بمدينة غريعيل”.
وذكر المسؤول الأمريكي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن بلاده كانت على علم بالتقارير التي تفيد بأن قوات “دنب” شاركت في القتال في غلمدغ، وطالعت تقارير إعلامية تفيد بأن القائد عبد اللطيف أحمد علسو وعناصر أخرى من القوات الخاصة قتلوا في هذه المعارك.
وتابع المسؤول أن الولايات المتحدة تدعو جميع الأطراف إلى تعليق العمليات العسكرية والدخول في حوار سياسي لإيجاد حل سلمي للأزمة في ولاية غلمدغ.
وأوضح أن واشنطن تقدم التدريب والدعم للجيش الصومالي خاصة قوات “دنب”، لتحقيق الهدف المشترك وهو هزيمة حركة الشباب، ولن نقبل باستخدامها في معركة أخرى.
ومضى قائلا “مع وضع ذلك في الاعتبار، فإننا نراجع دعمنا لضمان استخدام هذا الدعم بالطريقة الأنسب وبما يتماشى مع سياسة الولايات المتحدة وأهدافها”.
عواقب وخيمة
وتعليقًا على ذلك، قال العقيد أحمد عبدالله شيخ، القائد السابق لقوات “دنب” إن الموقف الأمريكي يثير مخاوف كبيرة بشأن مستقبل القوات الخاصة، لكنه “كان منتظرا لأن الاتفاق الذي أسس هذه القوات، ينص على أن تقاتل فقط تنظيمي الشباب وداعش الإرهابيين”.
وأوضح “شيخ” في تصريحات صحفية، أن واشنطن تقدم لقوات “دنب” التدريب والمشورة ومعدات عسكرية كما تدفع رواتب وتكلفة طعام القوات مناصفة مع الحكومة الصومالية.
وذكر أن الاتفاق المؤسس للقوات الخاصة، ينص أيضا على عدم استخدام “دنب” في معارك سياسية، وإلتزامها بالحياد في الخلافات السياسية والأمنية.
ويرى شيخ أن أقصى ما يمكن أن تفعله واشنطن هو قطع الدعم المادي والمشورة لعمليات “دنب”، ما يمكن أن يشل هذه القوات ويجبر الصومال على دمجها في القوات المسلحة وسيكون ذلك خسارة كبيرة في معركة الصومال مع التنظيمات الإرهابية.
“أهل السنة والجماعة”
وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، أعلن الجيش الصومالي، استعادة مدينة غريعيل من قبضة مسلحي “أهل السنة والجماعة” عقب عمليات عسكرية استمرت أربعة أيام.
ومليشيات أهل السنة والجماعة، جماعة “دينية صوفية” تأسست عسكريا منذ 2007 وقاتلت حركة الشباب الإرهابية في ولاية غلمدغ بعد إقدام الأخيرة على الهجوم على طقوسها التي تملك شعبية كبيرة هناك.
وبالفعل، أحرزت “أهل السنة والجماعة” انتصارات ميدانية كبيرة بشكل مفاجئ على حركة الشباب، لكنها سرعان ما تحولت إلى قوة سياسية وعسكرية هيمنت على الإقليم من 2007 وحتى 2020 رافضة المشاركة السياسية في نظام موحد لسكان غلمدغ.
لكن بعد جولات من المفاوضات السياسية الشاقة والتسوية، تخلصت الحكومة الفيدرالية بشكل ديناميكي من المليشيات عبر دمج عناصرها في الجيش الصومالي.
غير أن “أهل السنة والجماعة” تحاول الآن إعادة التموضع والهيكلة، من أجل استعادة التأثير السياسي والعسكري لها، عبر استثمار ورقة الحرب مع حركة الشباب بزعم فشل القوات الحكومية في القضاء على الإرهابيين.