استمعت إلى تسجيل مرئي للشيخ حسن طاهر أويس كان يرد على الشيخ بشير أحمد صلاد، متهما إياه بأنه ساوى بين الشرك والتوحيد، ويقصد ذلك أن الشيخ بشير صرح بأن حركة أهل السنة التي تقاتل الحكومة في ولاية جلمدغ مثل حركة الشباب، لذلك فإن الشيخ حسن طاهر أويس فهم من التصريح المساواة المطلقة بين الحركتين ثم بنى على هذا الفهم القاصر أحكاما متعددة مبنية على أغلوطات تاريخية، وبعيدة عن الأدلة الشرعية التي يعتمد عليها المنهج السلفي الذي يدعي أنه ينتمي إليه، وسنحاول عرض أفكاره الرئيسية لمعرفة من الذي ابتعد عن المنهج أو انحرف عنه حسب وصفه.
بين الشرك والتوحيد
اتهم الشيخ أويس على الشيخ صلاد بأنه ساوى بين الشرك والتوحيد، ورغم أن الشيخ صلاد لم يتطرق إلى المعتقدات بل كان انتقاده ينصب على الخروج المسلح على النظام، وأشار إلى وجود نقاط كثيرة للاختلاف، ولكنه أكد أن الخروج المسلح هو العامل المشترك بينهم، فما الذي دخل هذا بالتوحيد والشرك، ويبدو أن الشيخ أويس لم يعود نفسه على التفكير الموضوعي، وتفكيك الأمور؛ ولذلك تعامل مع الأمر وكأنه أبيض وأسود؛ ولهذا لم يتبادر إلى ذهنه إلا (الشرك والتوحيد)، وهذا يؤكد أنه ما يزال يحمل الفكر الاقصائي الذي كان يقسم المسلمين إلى موحدين ومشركين والذي يرفض الإعذار بالجهل مطلقا، ومع أن هذا يخالف بعض مقررات أعلام السلفية المعاصرة، ولكن يبدو أن الشيخ مازال يعيش في عقلية الأحادية التي سادت في المدرسة السلفية الصومالية في الثمانينيات بسبب الحماس وقلة الفقه، ولم يتطور فضلا عن أن يقوم بمراجعة فكرية تتناسب مع مكانته التاريخية؛ لذلك مايزال يكرر بعبارات سوقية وكلام مرسل لا خطاكم له ولا زمام… وليس هدفي من هذا المقال أن أناقش رؤيته في (الشرك والتوحيد) بقدر ما أهدف إلى تسليط الضوء على ضبابية فكره وبعده عن الموضوعية.
حجاج وأبو مسلم الخراساني
ورغم أنه أخطأ في فهم كلام الشيخ وحمله على المساواة المطلقة إلا أنه أيضا لم يأت بدليل يقوي حجته في الرد على الشيخ بشير أكثر من قوله: بأن الشباب وقعوا في معصية تتعلق بقتل المسلمين وجماعة أهل السنة الصوفية وقعت في شرك القبور – حسب زعمه-، وأحتج بأن معصية القتل قد فعلها حجاج بن يوسف وأبو مسلم الخراساني! وكأن فعلهما يرقى إلى دليل شرعي يبيح لهم قتل الأبرياء، ومتى كانت تصرفات الأفراد أدلة شرعية يا شيخ المقاتلين!.
ولنا أن نتساءل إلى متى يغرد حسن طاهر أويس خارج السرب، ويرسل من محبسه المُرَفَه هذا الكلام المرسل البعيد عن العلم والمنطق؟، ومتى يتوقف عن إصدار الفتاوى المعلبة البعيدة عن الفقه والواقع؟.
تصحيح منهج الجماعة:
يبدو أن الشيخ حسن طاهر يظن أن منهج الجماعة الاتحاد الإسلامي في الثمانينيّات كان منهج الفرقة الناجية وأنه غير قابل للتصحيح؛ لذلك يحتج بأن الشيخ بشير خالف بعض التصورات السابقة التي كانت سائدة في منهج الجماعة والتي تم تصحيحها أو تجاوزها الزمن، وكان منها (استعادة الحكم الإسلامي عن طريق الجهاد)، (ووجود مكتب دائم للجهاد في داخل الحركة)، مما يجع شباب الحركة متحفزين للقتال ومواجهة المجتمع دائما حيث كان التصور العام في ذلك الوقت بجواز القتال ضد المجتمع المسلم، وقد تعزز هذا الفكر بعد الجهاد الأفغاني، وتسرب القاعدة إلى البلاد، ولكن العديد من الحركات الاسلامية توصلت فيما بعد إلى خطأ هذا الفكر وتراجعت عنه، وبقيت بعض الحركات القتالية كالقاعدة والداعش والشباب متمسكة به رغم مخالفته لفتاوى كبار علماء العصر، وعليه فلماذا اللوم على الشيخ بشير أحمد صلاد اذا كان يميل إلى أهل العلم وأنتم تميلون إلى تلك الحركات الشاذة التي خالفت اجماع الأمة وشوهت صورة الإسلام فضلا عن كونها مخترقة من قبل أعداء الأمة؟!.
وفي الختام أشير إلى أنني بعد متابعتي للعديد من رسائل الشيخ حسن طاهر المرئية لم أتبين من هويته العلمية هل هو فقيه أم مفكر أم سياسي أم شيخ قبيلة؟؛ لأنه يتحدث عن كل شيء إلا أنك لا تكاد تفهم منه أكثر من كلمات مكررة لا تحمل دلالات علمية= (Mawjeedaa!, war ninyahaw sida isku dhaan!)، وأمثالهما، وعليه يبقى التساؤل: هل نحتاج إلى صيانة البلاد من أفكار أويس الرافضة للدولة والاستقرار الداعية إلى القتل والتوحش، أم من أفكار الشيخ بشير الداعية إلى التمسك بالنظام والبناء عليه للحفاظ على كرامة المواطن وإصلاح ما يمكن إصلاحه حسب الاستطاعة؟.
والقاعدة الشرعية تقول: (الميسور لا يسقط بالمعسور).
والله غالب على أمره.