الصومال اليوم

كشف حساب يفوح فسادا.. 4 سنوات من حكم فرماجو للصومال

يقترب حكم الرئيس الصومالي، محمد عبدالله فرماجو، من نهايته حيث لم يتبق له سوى أشهر، بعد أربع سنوات على رأس الحكم حيث تولى الرئاسة في فبراير 2017.

يسدل الستار، حسب محللين، على أحد “أكثر الرؤساء فسادا”، من بين رؤساء الصومال الذي تعاقبوا على حكم الصومال منذ استقلاله عام 1960 والذين يبلغ عددهم ثمانية وهو تاسعهم.

وحسب المعارضة الصومالية ووسائل إعلام محلية فإن حقبة فرماجو اتسمت بتكريس الفساد المالي والإداري والعمالة لدول أجنبية والقفز على الحكم برشاوي سياسية وانتشار المحسوبية واستغلال النفوذ لمسؤولي نظامه كبارا وصغارا في مختلف مفاصل النظام.

يوما بعد يوم يثير الإعلام الصومالي تلك المثالب خلال حكم فرماجو، في وقت يسعى فيه الأخير لفترة ولاية أخرى يحاول الوصول إليها بكل السبل.

ورغم كشف قمة جبل الجليد فقط من الفساد إلا أن نظام فرماجو أردا من الافتخار بمحاكمة مسؤولين بتهم فساد، لكن مراقبين رأوا ضرورة كشف ملفات كبار الزمرة من هرم السلطة إذا كان الأمر يعني بوجود عدالة ناجزة في الصومال.

لكن الواقع الحالي خلال حكم فرماجو يشي باستحالة كشف ماخفي من الفساد وهو أعظم، ويصف مراقبون ما تم الكشف عنه بـ”مسرحية” لا تتجاوز الدعاية الانتخابية لفرماجو لحفظ ماء الوجه، وتحسبا لفتح ملفات فساد أخرى أكثر حساسية قد لا ينجو منها فرماجو نفسه.

قمة جبل الفساد

في 24 من أغسطس/آب المنصرم، قضت محكمة صومالية بالسجن وغرامة مالية بحق 4 مسؤولين حكوميين من أصل 9 متهمين بقضايا فساد.

وفي مارس/آذار الماضي، وجهت النيابة العامة الصومالية تهم تبديد الأموال العامة، إلى 9 مسؤولين في وزارة الصحة وأحالتهم إلى محكمة إقليم بنادر، جنوب شرقي البلاد، للاستماع لأقوالهم، دون تفاصيل أكثر حول القضية.

وأصدر قاضي محكمة بنادر في مقديشو، عبد الرحمن سعيد، أحكاما غير نهائية خلال جلسة النطق بالحكم بعد جلسات استماع مارثونية تصل إلى 14 جلسة، بالسجن ودفع غرامة مالية بحق 4 من المسؤولين المتهمين في القضية، فيما حكم بإطلاق سراح 5 متهمين بعد ثبوت برائتهم.

وتضمنت الأحكام، السجن 9 سنوات وغرامة مالية قدرها 2366 دولار بحق عبد الله حاشي علي، المدير العام بوزارة الصحة، والسجن 18 عاما وغرامة بـ 2366 دولار، بحق محمود بولي محمد، المسؤول بوزارة المالية.

كما قضت المحكمة بالسجن لمدة 12 عاما وغرامة مالية قدرها 2366 دولار ضد مهدي ابشر محمد، مسؤول المالية في قسم التوعية الصحية للوزارة.

وشملت الأحكام أيضا السجن 3 سنوات وغرامة مالية 1183 دولار بحق بشير عبد النور مدير المالية في مشروع الملاريا التابع لوزارة الصحة.

وهذه الأحكام غير نهائية ومن حق المدانين الطعن عليها خلال 30 يوما، وفق قرار قاضي محكمة “بنادر”.

وفي 27 من الشهر نفسه، أصدرت محكمة بنادر حزمة أخرى من أحكام قضائية -غير نهائية- بحق مسؤولين من وزارات الإعلام والثروة السمكية والمالية إضافة إلى مسؤول في شركة خاصة متعاقدة مع الحكومة الفيدرالية بتهم تتعلق بقضايا فساد واختلاس المال العام، وتوزعت الأحكام القضائية ما بين سجن وغرامات مالية باهظة وإعادة الأموال التي اختلسوها من خزائن الدولة.

وقضت المحكمة حكماً بالسجن لمدة سنة ونصف وغرامة مالية قدرها 1,183 دولار أمريكي على أويس حسن عمر، محاسب في دائرة المالية بوزارة الإعلام، كما أصدرت ضد خضر أويس حسن مسؤول الشركة الخاصة المتقاعدة مع الحكومة الفيدرالية، بالسجن 3 سنوات بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها 1,183 دولار.

وقضت المحكمة أيضا على جوليد إبراهيم محمد، مدير دائرة المالية بوزارة الثروة السمكية بالسجن 10 سنوات وغرامة مالية قدرها 137,907 دولار.

كذلك قضت محكمة محافظة بنادر على علي شيخدون عبدي رئيس التدقيق في مكتب المحاسب العام بالسجن 9 سنوات وغرامة مالية تصل بـ3,549 دولار، وإعادة 58,555 دولار من الأموال التي اختلسها إلى خزنة الدولة.

دائرة الفساد تبدأ من فرماجو

اتهم وزير صومالي سابق رئيس البلاد فرماجو، بأن دائرة الفساد الإداري والمالي الموجود في الصومال بدأت منه، حيث بذل أمولا طائلة في عام 2017 لنيل منصب رئيس البلاد.

وأكد وزير التخطيط السابق، عبدالرحمن عينتي، خلال كلمة له في احد مراكز الأبحاث، الأسبوع الماضي، فشل فرماجو في تنفيذ لمهام الموكلة إليه في فترته الرئاسية أبرزها استكمال مسوة الدستور وإجراء انتخابات مباشرة على موعدها.

وشدد الوزير عبدالرحمن أنه لا يوجد أية مصداقية لخطابات فرماجو بخصوص محاربة الفساد وأن الشخص يجب أن يكون نزيها في أول الأمر ليثق الناس بادعائه.

ويعتقد عبدالرحمن أن فرماجو وصل إلى هرم السلطة السياسية في الصومال في فبراير/شباط من عام 2017 بالفساد وشراء الأصوات بأموال أجنبية.

وأشار عينتي إلى ضرورة إجراء الانتخابات الصومالية المقبلة في موعدها لنيل استقرار سياسي يخدم البلاد، وينقذ الحكومة الصومالية من آتون الأزمات الأمنية والسياسية.

وأوضح عينتي أن استعداء بعض الدول العربية والولايات الإقليمية الصومالية ليس إنجازا سياسيا بل يعد ملخص فشل للسياسية الخارجية والداخلية التي انتهجها فرماجو خلال سنوات حكمه الماضية.

وبحسب مراقبين يقود فرماجو الصومال نحو أزمات سياسية وأمنية واقتصادية نحو أربع سنوات، ويسعى الصوماليون للتخلص منه في الانتخابات الصومالية التشريعية في نوفمبر/تشرين الثاني والرئاسية في فبراير/شباط 2021.

غياب حكومة رسمية ينعش الفساد

مؤخرا، كشفت تقارير صحفية عن موجة فساد كبيرة داخل حكومة تصريف الأعمال الصومالية بقيادة مهدي غوليد خضر بعد عزل رئيس الوزرا الصومالي السابق، حسن علي خيري، في 25 من يوليو/تموز الماضي بعد رفضه توجهات فرماجو في كيفية إدارة الانتخابات الصومالية المقبلة.

وعلى خلفية هذا الأمر أزاح موقع “أول بنادر” الصومالي الإخباري المستقل النقاب عن عشرات الوثائق التي توضح قيام مسؤولين من وزارة الخارجية الصومالية وعلى رأسهم الوزير أحمد عيسى عود بتعيين وترقية عدد من الأسماء في السلك الدبلوماسي بعد يومين من عزل خيري.

وبعد خمسة أيام من عزل رئيس الوزراء السابق حسن علي خيري بالتحديد في 30 من يوليو/تموز الماضي، قامت حكومة تصريف الأعمال الصومالية بموافقة تعيين خمسة أعضاء في لجنة خدمة القضاء الصومالية خارج منظومة القضاء الحكومية وذلك تمهيدا لتشكيل مجلس المحكمة الدستورية، المتخصصة في فصل النزاعات السياسية بالصومال.

ولاقت تلك الخطوة رفضا من نقابات المحاماة الصومالية وأحزاب المعارضة، الذين يتمسكون بعدم قانونية تعيين حكومة غير رسمية أعضاء في لجنة خدمة القضاء وفق ما ينصه دستور البلاد بحسب نقابات المحاماة.

واعتبرت تلك النقابات والأحزاب الخطوة بالأحادية وتفرد نظام فرماجو بتشكيل أرفع مؤسسة قضائية في البلاد ما يعرض النظام القضائي للبلاد في خطر.

Exit mobile version