الصومال اليوم

لا لقاح يشفي جوع العالم لكننا قادرون على التغيير لو تحركنا فوراً

تخيلوا أن تستيقظوا كل يوم وتتساءلوا إن كنتم ستتمكنون من إطعام أطفالكم. هذا هو الواقع اليومي القاسي الذي تعيشه آلاف العائلات العالقة في براثن أزمة الجوع في كل أنحاء العالم.
فيما يبدأ العالم بالتعامل مع الدمار الذي سببه “كوفيد-19″، بات ملايين الأطفال على حافة المجاعة التي ولدتها النزاعات وتغير المناخ وآثار الجائحة المستمرة.
قضيت سنواتي الأولى في الصومال حيث رأيت بأم العين أثر الجوع وسوء التغذية على أكثر البلدان معاناة من الفقر، ويؤلمني أن أعلم أن عدداً كبيراً من الأهالي في الصومال يعانون من أجل إبقاء أطفالهم على قيد الحياة بسبب التبعات الكارثية التي تخلفها عوامل مثل النزاعات وتغير المناخ على معيشة الناس، وقدرتهم على الوصول إلى طعام مغذ يمكنهم تحمل كلفة شرائه.
بصفتي والد أربعة أطفال، أدرك جيداً ماذا يعني أن تريد أفضل الممكن لأسرتك، وقد أسعفني الحظ لكي أستطيع أن أقدم لأطفالي أفضل انطلاقة ممكنة في الحياة والغذاء المناسب الذي يحتاجونه لكي ينشأوا بصحة جيدة، لكن الواقع مختلف جداً بالنسبة إلى العائلات في الصومال، الذي يواجه حالياً مستويات مخيفة من الجوع وانعدام الأمن الغذائي.
يخلف النزاع المستمر المتزامن مع تغير المناخ في الصومال تبعات جسيمة في مسألة الجوع، ووفقاً لمنظمة أنقذوا الطفولة، (Save the Children)، لا تملك نصف العائلات تقريباً في الصومال ما يكفي من الطعام لسد جوعها، فيما تشير توقعات إضافية إلى أن 1.2 مليون طفل تحت الخامسة من عمرهم يواجهون سوء تغذية حاد قد يهدد حياتهم في حال عدم علاجه، وما يعنيه ذلك هو عيش الأمهات والآباء في حال مستمر من القلق بشأن إيجاد طعام كاف لإبقاء أطفالهم على قيد الحياة، ليس إلا.
إنه لوضع بالغ الصعوبة عندما يعاني أشخاص تعرفهم وتهتم لأمرهم لكي يسدوا رمقهم ورمق أسرهم، ومن حسن حظي أنني أعيش حياة مليئة بالامتيازات هنا في المملكة المتحدة، وهذا ما مكنني من دعم عائلتي في الصومال، ولا سيما في أوقات الأزمة.
ولكن على الرغم من جهدي الحثيث أعتقد أنه يظل بإمكاني بذل مزيد من الجهد لإحداث فرق، وكلنا قادرون على بذل مزيد من الجهد.
تحدثت منذ وقت قريب مع العاملين في “أنقذوا الطفولة” في الصومال لكي أستعلم أكثر عن طريقة دعمهم للأمهات وأطفالهن الذين يعانون سوء التغذية، وسمعت قصة أم تتناول عائلتها وجبة واحدة ضئيلة يومياً فقط، أُخذ ولداها إلى عيادة إنقاذ الطفولة وهما يعانيان إسهالاً حاداً وتقيؤاً بسبب سوء التغذية، ففطر وضعهم قلبي.
إلى جانب توفير المياه والطعام المغذي والدواء للعائلات التي تمر بوضع مشابه لوضعها، وتعيش في أفقر وأكثر المناطق النائية في الصومال، تعمل المنظمة الخيرية مع المجتمعات المحلية على تطوير أساليب معيشة أكثر استدامة لكي تتمكن من المحافظة على نظام غذائي أفضل في المستقبل.
ولكن الصومال لا يواجه هذه التحديات وحده، ففي كافة أرجاء العالم تضطر ملايين العائلات إلى اتخاذ خيارات صعبة حرصاً على توفير ما يكفيها من طعام، فيما تضطر ملايين العائلات الأخرى إلى تقليص عدد الوجبات التي تتناولها يومياً، أو تأكل طعاماً يفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية.
لا يجب أن يعاني أي طفل من الجوع، وتتطلب مكافحة أزمة عالمية بهذا الحجم حلولاً عالمية.
في يوم التغذية العالمي من الضروري جداً أن يتحرك القادة فوراً لإنقاذ الأرواح، فمن غير المقبول أن يعاني أي طفل من سوء التغذية في أي بقعة من العالم، ويوفر مؤتمر قمة التغذية من أجل النمو المقبل، وهو إرث خلفته الألعاب الأولمبية المنعقدة في العام 2012، فرصة لحكومة المملكة المتحدة لكي تناصر الأطفال الذين مستهم أزمة الجوع العالمية، ويمكنها من خلال القيام بتعهد جديد لمكافحة سوء التغذية أن تسهم في إنقاذ الأرواح وتعطي ملايين الأطفال أفضل بداية ممكنة لحياتهم.

لا يختار الأطفال مكان ولادتهم ولا الوضع الذين يترعرعون فيه، وليس للجوع من لقاح، ولكن يمكن إيجاد حل له إن تصرفنا الآن، ونحن نملك القدرة على تغيير حياة الأطفال للأفضل، وليس لدينا وقت نضيعه.

*السير مو فرح حائز على ميدالية ذهبية في الألعاب الأولمبية وهو سفير لـ “منظمة أنقذوا الطفولة”

Exit mobile version