تحديات أفريقية جديدة بعد نهاية «برخان»
عجلت الخلافات الفرنسية مع جمهورية مالي في إنهاء عملية «برخان» التي بموجبها بدأت فرنسا منذ عام 2014 عملية واسعة لمطاردة الإرهابيين في مالي ودول الساحل والصحراء ومنعهم من الوصول للحكم.
ورغم توصيف باريس إنهاء «برخان» بأنه نوع من إعادة التموضع والانتشار كما أنهت من قبل عملية «سرفال» التي بدأت للهدف نفسه في يناير 2013.
وانتهت في النصف الأول من 2014، ولكن الواقع يقول إن فرنسا سوف تخفض عدد قواتها من 5100 جندي إلى نحو 2500 جندي فقط، كما أن حديث الرئيس ماكرون عن غياب الدولة في مالي دفع حكومتها لاستدعاء السفير الفرنسي لخارجية مالي والاحتجاج على تصريحات الرئيس ماكرون.
وتأتي هذه الخلافات في وقت غير مناسب للحرب على الإرهاب في أفريقيا في ظل التوسع الكبير في حجم وعدد العمليات الإرهابية، وخاصة أن هذه الخلافات تتزامن مع سحب 700 جندي أمريكي من الصومال هذا العام، وتهديد ألمانيا بسحب 1500 جندي يتمركزون في مالي، فكيف تسير الحرب على الإرهاب في أفريقيا في ظل هذه التحديات الجديدة؟
توسع دائرة الإرهاب
تحليل المشهد الإفريقي يقول إن التنظيمات الإرهابية سوف تشكل تحدياً كبيراً للدولة الوطنية في أفريقيا في المرحلة المقبلة بعد أن وصلت الجماعات الإرهابية إلى مناطق شاسعة في موزمبيق وسيراليون وبوركينا فاسو ومنطقة البحيرات التي يستعد داعش لتأسيس خمس ولايات للتنظيم هناك، كما تتوسع المجموعات الإرهابية بشكل غير مسبوق في النيجر وتشاد ونيجيريا.
ورغم أن عام 2020 كان عام جائحة كورونا بامتياز إلا أن التنظيمات الإرهابية في أفريقيا قامت بنحو 7108 هجمات أسفرت عن 12519 ضحية. ويحدث كل ذلك رغم وجود قوات أفريقية وأممية في العديد من البؤر التي تنشط فيها التنظيمات الإرهابية بقوة، ففي شرقي القارة توجد قوات حفظ سلام في الصومال التي كان يوجد بها أيضاً الجنود الأمريكيون منذ عام 2015 .
وسجلت ما تسمى حركة «شباب المجاهدين» نشاطاً مروعاً في العامين الماضيين. ورغم وجود قوات حفظ السلام الدولية والأفريقية في مالي من خلال أكبر بعثة للأمم المتحدة لحفظ السلام في الوقت الحالي وهي «مينوسما» التي بدأت مهمتها منذ 2013 بإرسال 12600 جندي، وقتل من عناصرها 150 جندياً، ما زال الإرهابيون يتحركون بحرية ويتوسعون في الدول المجاورة.
حضور روسي
وشهد العامان الماضيان حضوراً روسياً لافتاً في المشهد الأمني في أفريقيا، فروسيا ترى أن وجودها في أفريقيا الوسطى ساهم بقوة في تعزيز الأمن والاستقرار هناك، كما أن حكومة مالي طلبت تعاوناً روسياً كبيراً لمكافحة الإرهاب، وبالفعل اشترت مالي طائرات هيلكوبتر من روسيا، ولكن الحديث عن استفادة مالي من جهود 1000 عنصر من قوات «فاغنر» الروسية الخاصة دفع ألمانيا وفرنسا للتهديد بسحب قواتهما من مالي، وكل هذه التحديات تحتاج أن تكون هناك رؤية واستراتيجية جديدة للتعامل مع خطورة توسع التنظيمات الإرهابية في القارة الأفريقية.