سيطر مقاتلوا تنظيم أهل السنة والجماعة بغلمذغ الخميس الماضي الـ 30/سبتمبر/2021م، على منطقة بوهول التي تبعد عن مدينة دوسمريب حوالي 30 كم، بعد قتال عنيف دار بينها وبين قوات غلمدغ أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص من الجانبين.
في الـ 1/أكتوبر/2021م، واصل مقاتلوا التنظيم زحفهم حتى سيطروا على مدينة غري عيل الإستراتيجية، وباتت دوسمريب العاصمة أكثر تهديدا من أي وقت مضى، مما أدى إلى تحركات عسكرية فيها لمجابهة خطر التنظيم المسلح الذي كان في يوم من الأيام صاحب الأمر والنهي في هذه المناطق.
استدعت التطورات المستجدة في غلمذغ انتباه المعنيين بها، فبينما شرعت إدارة الولاية في الاستعداد لمواجهة التنظيم، أصدرت القوى السياسية تباعا بيانات وتصريحات تدعو فيها إلى إيقاف الاشتباكات المسلحة والجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات، إذا كانت هناك بعض الشكاوى لبعض أبناء المناطق.
ومن بين هذه البيانات بيان أصدره رئيس الوزراء، ذكر فيه بأن لغلمذغ إدارة تتمتع بالشرعية الدولية، ولها الحق في الحفاظ على أمن الولاية وسكانها، وفيما عدا ذلك، من الشكاوى والانتقادات الموجهة للإدارة، فلا بدّ وأن تتم عن طريق التفاوض والوصول إلى حلّ سلمي حولها.
وعلى هذا المنوال سار معظم قادة الأحزاب السياسية والقوى المعارضة، حيث ضموا أصواتهم إلى الأصوات الداعية لإيقاف الحرب وإنهاء الخلافات على طاولة الحوار، مع التأكيد أن لغلمذغ إدارة سياسية معتبرة وذات شرعية دستورية، وهي المسؤولة عن هذه المناطق، بل إن البعض منهم ذهب إلى أبعد من ذلك عندما دعا لمواجهة تنظيم أهل السنة والجماعة بالشدة والصرامة، واصفين إياه بكيان لا يريد الاستقرار والتنمية لمناطق غلمذغ وسكانها.
بدوره، يردّد تنظيم أهل السنة والجماعة بأنهم لا يريدون خوض غمار معركة مع أحد، غير أن رئيس غلمذغ أحمد قورقور وفهد ياسين حاج طاهر رئيس جهاز المخابرات المُقال يخططان لشن هجمات عليهم، حسب قولهم، داعين رئيس الوزراء والمجتمع الدولي في بيان أصدروه قبل أيام إلى التصدي “للعدوان” على التنظيم، والذي يخطط له فهد ياسين وقورقور.
بداية القصة وأسباب تجدّد الصراعات في غلمذغ:
في شهر سبتمبر الماضي 2021م، وصل بعض قادة تنظيم أهل السنة والجماعة إلى مناطق في غلمذغ للمشاركة في مناسبة دينية، ثم بعد الانتهاء منها، اجتمعوا مع مواليهم من العساكر وأعيان بعض مناطق غلمذغ، ومن ثم قرّروا إعلان الحرب على حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تسيطر على مناطق في غلمذغ، دون التنسيق مع إدارة غلمذغ، مما اعتبره كثيرون بأنه تغييب أو تجاهل متعمد لدور إدارة غلمذغ في قيادة مثل هذه العمليات، ومثلت هذه الخطوة شرارة تجدّد الاشتباكات بين التنظيم وإدارة غلمذغ.
بالإضافة إلى ذلك، هناك عدّة عوامل أخرى ساعدت التنظيم على مروادة حلمه لاستعادة السيطرة على غلمذغ، ذلك أن الولاية تعاني من صراعات قبلية في أكثر من منطقة، كما تعاني من نزاعات سياسية يعزى إليها تأخر اكتمال انتخابات ممثلي الولاية في مجلس الشيوخ بالبرلمان الفيدرالي الحادي عشر القادم، إلى جانب التهديد الأمني الّذي تشكله حركة الشباب على الولاية، كل هذا وغيره مما أثقل كاهل إدارة غلمذغ، كان سببا من الأسباب التي أطمعت التنظيم بالولاية وبالتالي بدت له وكأنها فرصة ثمينة من خلالها سيستعيد مجده في تلك المنطقة والذي مزقته دبابات القوات الحكومية في أواخر فبراير/2020م عند تشكيل الإدارة الحالية لغلمذغ وعقب انغلاق جميع الطرق السلمية الهادفة إلى إشراك التنظيم في عملية بناء إدارة جديدة لغلمذغ.
تأثيرات التطورات في غلمذغ على العملية الانتخابية:
أكد التنظيم في بيانه الصادر قبل أيام أنه لن يكن عقبة على سير العملية الانتخابية، لكن الواقع يدل عكس ذلك، حيث يواصل التنظيم التعبئة المسلحة والزحف العسكري نحو مدينة دوسمريب حاضرة غلمذغ، مما يدفع الإدارة في غلمذغ إلى التحرك سريعا نحو التسلح واستجلاب قوات عسكرية من مقديشو استعدادا لمواجهة التنظيم، مما يعني أن الولاية في حالة حرب، وبالتالي فلن يكون هناك حديث عن انتخابات وإجراءاتها، إذ ليس هناك استقرار سياسي يمنح بإجراء الانتخابات.
ولو فرض جدلا بإمكانية إجراء الانتخابات في الوقت الذي يسيطر فيه التنظيم على بعض المناطق، فإنه بلا شك سيطالب التنظيم بحصته في هذه الانتخابات، سواء كانت هذه المطالبة على شكل مقاعد برلمانية أو على شكل التأثير بمجريات الأمور والأحداث في غلمذغ وفي انتخاباتها، مما يتطلب مراجعة الإجراءات الانتخابية وإخضاعها لمتطلبات المرحلة الحالية، وهذا يعني المزيد من التأخير للعملية الانتخابية المتأخرة أصلا عن موعدها.