الصومال اليوم

مصر والصومال.. تاريخ مضيء وعلاقات ممتدة

إن أي متابع للعلاقات بين مصر ودول القارة الإفريقية لابد أن يلحظ هذا التقدم المتواصل في جميع المجالات والذي يقوده الرئيس عبدالفتاح السيسي بحكمة وإخلاص وحرص كبير على تقوية أواصر هذه العلاقات مع أبناء القارة الجيران والأشقاء، عبر توقيع العديد من اتفاقيات ومذكرات التفاهم الاقتصادية والعلمية والمائية المهمة، وكذا إطلاق البعثات التجارية وتنظيم المعارض مع عدة دول إفريقية، بما يدعم سبل التنمية المشتركة لدول القارة وزيادة رقعة التوافق حيال أي أزمات محتملة، سعيًا للوصول إلى حالةٍ من التماسك البناءة والتي تصب في مصلحة الجميع، فقد سارت خطوات بعيدة وواثقة في استعادة إفريقيا كعمق إستراتيجي لها، وقد أظهر فخامة الرئيس إرادة حقيقية وقوية لتعزيز علاقة مصر بإفريقيا وإعادتها إلى مكانتها الطبيعية فى القارة، وكذا لبناء المستقبل الإفريقى المشترك، إذ تراوحت العلاقات بين عدة ملفات واستطاعت القاهرة أن تضبط المسافة وتعيدها بأواصر التعاون البناء إلى جميع العواصم الإفريقية.

وتأتي الصومال كواحدةٍ من أبرز الدول الإفريقية والعربية التي تجمعها ومصر علاقات وروابط تاريخية وثيقة وتتسم بالامتداد في عمق التاريخ منذ قدماء المصريين، عندما أرسلت الملكة حتشبسوت، البعثات التجارية إلى بلاد البنط، الصومال حاليًا، لجلب منتجات تلك المنطقة، خاصة البخور، وفي العصر الحديث كانت مصر أول الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، وصولًا إلى المرحلة الحالية والتي تشهد مزيدًا من أسباب الترابط وقوة العلاقات المصرية الصومالية، وكثيرا ما نلمس هذا التقدير ومشاعر الإخوة والامتنان من قبل الصومال قيادة وشعبا وحكومة تجاه مصر وفي الكثير من المواقف، لما تمثله مصر من داعم قوي ومخلص للخطى الإفريقية نحو بناء الإنسان واستكمال ملامح التنمية الإفريقية في المجالات كافة.

لذا تأتي إشادة السفير الصومالي بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية إلياس شيخ عمر، بمبادرة “ادرس في مصر”، معبرة ودالة على هذا الواقع الذي يشهد خطوات مضيئة وفارقة في مسيرة التعاون المصري الصومالي المشترك، إذ إن مبادرة “ادرس في مصر”، ملهمة ودالة على الحرص المصري الكبير على دعم أبناء دول القارة، ليكونوا دعائم أساسية ووقودًا محركًا لقطار التنمية في دولهم، حيث تسمح بتقديم فرص تعليمية بشكل أكبر للطلاب الأفارقة ومنهم الصوماليون، للدراسة بالجامعات المصرية في مختلف المجالات الدراسية، وقد ثمن معالي السفير شيخ عمر جهود مصر الداعمة للمصالح المشتركة بين البلدين لاسيما التعاون في المجالات العلمية والتعليمية، وما تشهده مصر من طفرة كبيرة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي على جميع المستويات، وهذا الدور الريادي في مجال التعليم والبحث العلمي، والذي كانت لمصر من خلاله بصمة كبيرة في إفريقيا والعالم العربي على مر التاريخ.

ولقد حالفني الحظ للقاء بمعالي السفير إلياس شيخ عمر عدة مرات لمست فيه مثقفًا من طراز رفيع، يدرك أبعاد حديثه من واقع معرفته العامة، ووعيه الخاص بالترابط المصري الصومالي، ذلك الحديث الذي لا يهمل فرصة للإعراب فيه دائما عن حبه الكبير لمصر واعتزازه بالعلاقات التاريخية التي تجمع بين وطنه الصومال ومصر، وكيف يوقن بهذا الدور المهم الذي دائمًا ما تلعبه مصر في المنطقة عامة وفي وطنه خاصة، وما توليه مصر من اهتمام لتحقيق السلام والاستقرار في الصومال الشقيق، وبحث سُبُل دعم الجهود الرامية إلى تعزيز الاستقرار في القرن الإفريقي، بما يعزز من السلم والأمن الإقليمي والقاري، وها هو يشارك في أعمال “المنتدى الإقليمي الأول للعلم المفتوح في الدول العربية” المنعقد بجامعة الجلالة، ويؤكد أهمية المشروع الإقليمي “دعم عملية التشاور في مجال العلم المفتوح في المنطقة العربية”، والذي يتم تنفيذه من قبل اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو تحت رعاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ممتنًا لهذا الدعم المقدم لدول إفريقيا وخصوصًا الصومال، وهذه التسهيلات والتيسيرات للطلاب الصوماليين وقبولهم للدراسة بالجامعات المصرية.

وفي ظل هذا الدور المستمر لعلنا نتذكر توجيهات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي من قبل للمعاونة في تخفيف العبء عن كاهل الأشقاء الصوماليين، وإصدار القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، أوامره بإعداد وتجهيز مساعدات من الأدوية والمستلزمات الطبية مهداة من الشعب المصري إلى الأشقاء الصوماليين، وكانت قد أقلعت طائرة عسكرية محملة بالمساعدات إلى مطار مقديشو، وعلى متنها طاقم طبي على أعلى مستوى لمرافقة الحالات الطبية المقرر نقلها إلى المستشفيات العسكرية المصرية لتلقي العلاج المناسب، كما سلمت السفارة المصرية شحنة مساعدات طبية تبلغ نحو ٢ طن من الأدوية مقدمة من الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية إلى وزارة الصحة الصومالية.

وإنه لمن دواعي الفخر وامتداد أواصر الترابط أن تكون مبادرة (ادرس في مصر)، التي أكد عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي باعتبارها مشروعًا قوميًا تتكاتف فيه كل أجهزة الدولة، نافذة مضيئة من واقع مجالها لتذليل الصعوبات وتيسير الإجراءات اللازمة للتقدم للدراسة بالجامعات المصرية، وحل مشكلات واستفسارات الطلاب الوافدين من الصومال والدول الإفريقية.

المصدر: الأهرام.

Exit mobile version