الصومال اليوم

فيضانات الصومال.. منازل مدمرة ونازحون بالآلاف

عادة ما يشهد الصومال في موسم الربيع فيضانات مدمرة، تجبر آلاف المدنيين على النزوح من منازلهم، وتلحق دمارا كبيرا في البنية التحتية للمدن والقرى المطلة على ضفاف نهري جوبا وشبيلى، بجانب جرف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية.

فخلال الأسابيع الأخيرة، واصل منسوب مياه نهر “شبيلى” ارتفاعه بشكل كبير، إثر هطول أمطار غزيرة على سلسلة جبال إثيوبيا المنبع الرئيسي للنهر، ما يثير مخاوف الحكومة الصومالية، من حدوث موجة ثانية من الفيضانات في البلاد.

وبحسب وحدة الإنذار المبكر بوزارة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث، فإن مستويات منسوب النهرين، في ارتفاع متواصل منذ مطلع أغسطس/ آب الماضي، ما يعزز فرضية حدوث فيضانات جديدة حال استمرار هطول أمطار غزيرة على إثيوبيا.

ويحاول سكان المناطق المهددة بالفيضانات، عبر جهودهم الذاتية، وبالتعاون مع الإدارة المحلية، إقامة سدود ترابية على ضفاف نهري شبيلى وجوبا، لمنع حدوث فيضانات محتملة قد تغرق القرى والبلدات.

ويقدر عدد النازحين بسبب الفيضانات في الصومال، بأكثر من 650 ألف شخص، في جميع أنحاء البلاد، منذ بداية 2020، حسب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

** فيضانات جديدة

أكثر المناطق تأثرا بالفيضانات القادمة من هضاب إثيوبيا، هي المدن والقرى التي تقع على مقربة من نهري شبيلى وجوبا، إذ تواجه مخاوف يومية نتيجة ارتفاع منسوب مياه النهرين.

وقال مدير وحدة الإنذار المبكر في وزارة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث بالصومال، خضر محمد، إن “المخاوف من حدوث فيضانات جديدة تزداد يوما بعد الآخر، نتيجة تدفق المياه من هضاب إثيوبيا على مجاري نهري شبيلى وجوبا، اللذين يمران في البلاد”.

وأضاف خضر، أنه “تبعا للبيانات اليومية لوحدة الإنذار، فإن المخاوف لا تزال قائمة، حيث أن بعض المدن في أقاليم جنوب ووسط وجنوب غربي البلاد مهددة بالغرق، في حال استمرار هطول الأمطار في إثيوبيا”.

وأشار إلى أن “هناك تحذيرات خاصة في القرى والبلدات المتاخمة على طول النهرين، للابتعاد عن تلك المناطق وأخذ الحيطة والحذر من مغبة فيضانات مفاجئة قد تسبب أضرار مادية وبشرية”.

وتعمل وحدة الإنذار المبكر في الوزارة بشكل يومي، على توفير معلومات وإنذارات، حول مستوى مياه نهري شبيلى وجوبا في الولايات الفيدرالية، حسب خضر.

** آلاف النازحين

وخوفا من أن تباغتهم مياه الفيضانات ليلا، تواصل بعض الأسر الصومالية النزوح من مناطق سكنها، خاصة بعد أن شهدت مدينة أفجوي في إقليم شبيلى السفلى، وبعض القرى المحيطة بها فيضانات مفاجئة، أغرقت قرى وشوارع رئيسية في المدينة.

وقال رئيس إقليم شبيلى السفلى، إبراهيم آدم، إن “بعض المدن في الإقليم تعرضت للفيضانات، وتأتي مدينة أفجوي في مقدمة المدن التي تضررت بفعلها، حيث نزح منها أكثر من 8 آلاف أسرة”.

وأضاف آدم، أن “الإدارة المحلية تعمل على تخفيف معاناة المتضررين من الفيضانات، عبر تقديم معونات غذائية”، مشيرا إلى أن “خطر الفيضانات ما زال قائما، إذ تعمل الإدارة المحلية بالتعاون مع السكان على سد الثغرات المائية في ضفاف النهر”.

وتتوجه الأسر النازحة من مدينة أفجوي، إلى مخيم “آلفوتي” بحي “غرس بالي” في ضاحية العاصمة مقديشو، هربا من الفيضانات التي اجتاحت قراهم، تاركين خلفهم ممتلكاتهم وأثاثهم.

وقالت إحدى النازحات، وتدعى فاطمة صالح: “نزحت قبل يومين، من قرية بولوفوت، بإقليم شبيلي السفلى، بعد فيضانات أغرقت القرية، ومعي أطفالي الأربعة”.

وأضافت صالح، أنها “لا تملك شيئا، سوى كوخ صغير يؤويها وعيالها”، مطالبة الحكومة الصومالية والجهات الإنسانية بتقديم العون والمساعدة.

ويعاني العديد من الصوماليين، من نقص الغذاء والجوع مع ارتفاع معدلات سوء التغذية لدى الأطفال، ما يجعلهم عرضة لخطر المجاعة، وشهدت بعض المناطق ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية الأساسية بين 20 و50 في المئة، وخاصة الحليب والخضروات.

وأجبرت الفيضانات التي اجتاحت قرى وبلدات في إقليم شبيلي السفلى، نحو 12 ألفا وخمس مئة أسرة على النزوح، فيما ألحقت أضرارا كبيرة بآلاف الهكتارات (1 هكتار = 10.000 متر مربع) من الأراضي الزراعية، بحسب وزارة الشؤون الإنسانية.

** جهود ذاتية

باستخدام الجرافات وأدوات بسيطة، يعمل سكان مدينتي جللقسي وبلدوين، في إقليم هيران، وسط الصومال، على بناء سواتر (سدود) ترابية على ضفاف نهر شبيلى الذي يمر عبر المدينتين، لرفع جنبات روافده المنخفضة، لا سيما مع استمرار ارتفاع منسوب مياهه.

وقال أحد سكان بلدوين، ويدعى حسين علي، إن “سكان مدينة بلدوين، عانوا لسنوات من أزمة مياه الفيضانات المتكررة، لكن هذه المرة نحاول جاهدين لتوحيد جهودهم على الأقل في تقليل حجم الخسائر، في حال حدوث فيضانات في المدينة”.

وأضاف علي، أن “الجهود تركزت على منطقتي هلو كاليى وقوقاني، الواقعتين على بعد أكثر من 10 كيلومترات عن المدينة، وهما منطقتان تحدث فيهما غالبا الفيضانات”.

ومطلع الأسبوع الجاري، أغرق نهر شبيلى أحياء في مدينة بلدوين، مثل حي كوشن، وطغح جبس، ما أجبر السكان على النزوح من منازلهم، متجهين إلى مناطق قد لا تصل إليها مياه الفيضانات.

وتتواصل الجهود المحلية، لتشمل قرى وبلدات ومدن مطلة على ضفاف نهري شبيلى وجوبا، جهودٌ قد تعكس قلة إمكانيات الإدارات المحلية، لكنها تسعى بإمكانياتها البسيطة للحد من معضلة الفيضانات التي تتكرر كل عام.

Exit mobile version