يرسل الصوماليون المغتربون، وفقاً لمنظمة أوكسفام، نحو 1.3 مليار دولار سنوياً إلى ذويهم، وهو ما يفوق حجم المساعدات الإنسانية والتنموية التي تمنح للصومال من المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول التي تدعم الصومال بشكل مباشر، بما فيها الدول العربية وتركيا.
تشكل التحويلات رقماً صعباً في الاقتصاد الصومالي كمصدر دخل للكثير من الأسر والعاطلين من العمل، وتمثل أيضا مصدراً أساسياً للعملة الصعبة وخاصة الدولار، حيث تقدر مساهمتها في الناتج القومي الإجمالي ما بين 25 و40 في المائة من اقتصاد البلاد، حسب تقديرات رسمية.
ومنذ ظهور جائحة كورونا انخفض حجم التحويلات بنحو 1.6 في المائة على مستوى العالم، فيما أجرت المنظمة الدولية للهجرة دراسة بين يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز من العام الماضي، لتحليل التأثير الاجتماعي والاقتصادي للجائحة على المغتربين الصوماليين الذين يعيشون في فنلندا وهولندا والسويد والولايات المتحدة.
ووجدت المنظمة انخفاضًا بنسبة 61 في المائة في التحويلات في عام 2020.
وكشف مصدر صومالي في وزارة الخارجية والتعاون الدولي أن الوزارة لاحظت انخفاضًا في حجم التحويلات المالية بناءً على التقارير الواردة والتحريات التي أجرتها مع عدد من المسؤولين في قطاع الحوالات في البلد.
كما تراجعت مبادرات منظمات الشتات التي تطلق عادة حملات خيرية للأسر الفقيرة، بسبب عدم قدرتها على جمع التبرعات بسبب كورونا وفق المصدر.
وفي هذا السياق، قال عبدي إسماعيل، وهو فني صومالي يعمل في مجال الترفيه ويعيش في السويد إنه “لم يعد باستطاعتي إرسال الأموال بنفس القدر كل شهر إلى أهلي في البلاد، لأنني فقدت وظيفتي في بداية أزمة كورونا؛ لأن قطاع الترفيه أصيب بشلل مع بداية الأزمة حتى وإن لم يدخل البلد حالة الطوارئ، ولهذا السبب أصبحت عاجزا عن إعالة أسرتي، والمؤسف أكثر كوني المعيل الوحيد للأسرة”.
حال عبدي إسماعيل هو الحال الكثير من المغتربين الصوماليين الذين يعيشون في الشتات، حيث إن بعضهم يعمل في وظائف غير مكتبية، وهو ما دفع أرباب الأعمال إلى تسريح الآلاف من الموظفين، ما جعل الصوماليين في مقدمة هؤلاء، نتيجة صعوبة استمرار الأعمال التي يتزاحم فيها الناس، طبقاً لإجراءات تباعد الجائحة.
كذا، لاحظ المتابعون للملف أن العديد من أبناء الصوماليين في الخليج عادوا إلى الصومال، بسبب عدم قدرتهم على مواصلة أعمالهم خاصة في السعودية، إثر فرض إجراءات صارمة على الحركة منذ عامين، إلى جانب الضرائب المفروضة عليهم مقابل الإقامة والتي ناهزت للفرد الواحد 400 ريال، أو ما يزيد عن 100 دولار.
وشرح الباحث الاقتصادي عبد الرزاق جيدي أن “لهذا الوضع انعكاسا كبيرا على الأسواق المحلية، فإذا تراجع حجم التحويلات من المغتربين إلى أهاليهم في البلاد، يصاب قطاع المال والأعمال بالشلل، ويؤدي إلى حصول فجوة في القدرة الشرائية للمواطنين، وانخفاض قيمة العملة الصعبة المتوفرة في السوق”.
وأضاف أن “هذا الوضع مقلق للاقتصاد بشكل عام؛ لأن العملة الأساسية في الصومال بمختلف مناطقه هو الدولار، وانخفاض مصادره سيعقد عملية الاستيراد من الخارج وقد يؤثر على نظام الدفع بشكل عام”.
ورأى جيدي أن الاقتصاد الصومالي سيحتاج إلى وقت غير قليل ليعود إلى سابق عهده، لافتاً إلى أن الاقتصاد يمر في مرحلة ركود، لكن غياب الإحصاءات يخفف من وقع الأزمة على الآذان، وسنحتاج إلى فترة زمنية طويلة ليعود الوضع إلى مرحلة ما قبل جائحة كورونا، ولتستأنف التحويلات تدفقها الذي كاد سائداً قبل الجائحة”.