الصومال.. الشارع ينتصر لروبلي
في خطوة كبيرة، أوقف رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلى مدير المخابرات فهد ياسين حاجي طاهر عن العمل، ما أحدث زلزالا سياسيا.
الخطوة التي ترافق معها تعيين الجنرال بشير محمد جامع مديرا جديدا لوكالة المخابرات، حركت ردود فعل إيجابية ضخمة في الشارع، فيما لاقت رفضا كبير من رئيس البلاد محمد عبدالله فرماجو.
وجاءت خطوة روبلي عقب تعنت فهد ياسين ومراوغته لأمر رئيس الوزراء الذي أمهله ٤٨ ساعة لكشف حقيقة مصير موظفة وكالة المخابرات المفقودة إكرام تهليل فارح منذ ٢٦ يونيو/حزيران الماضي.
واستند روبلي في طرد فهد ياسين من قيادة المخابرات إلى 3 أمور “أبرزها التدخل في الشؤون السياسية ودمج أجهزة الأمن فيها، عدم قناعة رواية المخابرات بقتل إكرام بعد تسليمها للشباب دون ذكر طرف، وتعنت فهد بعدم الامتثال بأوامر رئيس الوزراء بتقديم تقرير مفصل عن قضية إكرام في غضون ٤٨ ساعة”.
وكان ياسين قد أرسل إلى مكتب رئيس الوزراء في وقت سابق، الأحد، رسالة طالب فيها بعقد مجلس الأمن القومي لتقديم شرح حول قضية إكرام، وهو ما اعتبره محللون سياسيون استخفافا بأمر رئيس الوزراء واستهانة بدوره القيادي سياسيا وأمنيا في المرحلة الانتقالية.
في المقابل، أصدر الرئيس الصومالي المنتهية ولايته عبدالله فرماجو مرسوما بشأن مدير مخابراته فهد ياسين، يمثل انعطافة بمسار قضية مقتل موظفة الاستخبارات إكرام فارح.
ويلغي مرسوم فرماجو قرار رئيس الوزراء محمد حسين روبلي الذي صدر قبل ساعات بوقف ياسين عن العمل وتعيين الجنرال جامع مديرا جديدا مؤقتا لوكالة المخابرات.
الشارع ينتصر لروبلي
وفي الشارع الصومالي، رحب اتحاد مرشحي الرئاسة المعارض، بعزل ياسين، وطالب بإخضاعه للمحاكمة في قضية مقتل إكرام تهليل.
وفي بيان قال اتحاد مرشحي الرئاسة إن “طرد فهد ياسين مدخل لتحقيق العدالة لإكرام، واستعادة سمعة مؤسسة المخابرات وثقة الشعب الصومالي فيها”.
وأضاف البيان “يرى اتحاد مرشحي الرئاسة أن بيان الرئيس فرماجو، يعرقل جهود تحقيق العدالة في قضية إكرام وتهديد سافر لأمن البلاد وإمكانية عقد الانتخابات بشكل سلمي”.
واتهم البيان فرماجو بأن “حماية جرائم صديقة فهد ياسين أهم من حماية كرامة المواطن والدستور ومصلحة البلاد”.
وأكد البيان دعمه ووقوفه الكامل إلى جانب جميع القرارات التي يتخذها روبلى، داعيا قادة القوات المسلحة إلى “التزام بقيادة روبلى للبلاد والامتثال لأوامره الصادرة”، ومحذرا إياهم من “الانخداع بأوامر الرئيس المنتهية ولايته فرماجو”.
وحث اتحاد مرشحي الرئاسة، الشعب الصومالي والمجتمع الدولي، على الوقوف إلى جانب روبلى لتحقيق العدالة في قضية إكرام، وإجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن لتشكيل حكومة جديدة تعمل على تحقيق استقرار البلاد.
من جهتها، رحبت ولاية جوبالاند الصومالية، بقرار رئيس الوزراء وقف فهد ياسين وتعيين الجنرال بشير محمد جامع في إدارة وكالة المخابرات.
وقال بيان صادر عن رئاسة ولاية جوبالاند إن “الرئيس المنتهية ولايته أظهر بشكل كامل للشعب الصومالي والعالم، أنه فهد ياسين أهم من حماية كرامة المواطن والمؤسسات الدستورية”.
بدوره، قال مجلس شيوخ قبائل هوية في بيان من خمسة بنود، “نقف بشكل كامل إلى جانب روبلى، وندعو لتحقيق العدالة في قضية إكرام، كما نحذر فرماجو من إدخال البلاد في أزمات سياسية وأمنية، ونحث كافة الأطراف على دعم رئيس الوزراء لتجاوز المرحلة الانتقالية في البلاد”.
فيما أشادت السيدة قالي محمود غهاد، والدة اكرام تحليل فارح، برئيس الوزراء الصومالي، بعد قراره الشجاع بالسعي لتحقيق العدالة لابنتها، وإقالة مدير المخابرات، ومطالبته النيابة العسكرية فتح تحقيق شفاف لكشف حقيقة مصير موظفة المخابرات المفقودة.
وحذرت غهاد الرئيس المنتهية ولايته، من السعي لعرقلة مسار تحقيق العدالة لابنتها، وقدمت شكرها للنشطاء الذين نظموا احتجاجا في مقديشو أمس الأحد، للمطالبة بالعدالة لإكرام، وتعرضوا لسوء المعاملة والعنف من قبل قوات الأمن.
تحرك دولي
إلى ذلك، عقد ممثلو المجتمع الدولي اجتماعا طارئا في مقديشو أمس لمناقشة التوترات السياسية المتصاعدة بين فرماجو وروبلى بشأن إقالة فهد ياسين.
وقالت مصادر إنه “من المتوقع أن يصدر المجتمعون بيانا حول الوضع في الصومال”.
ومن المقرر أن يجتمع رئيس الوزراء روبلي خلال الساعات المقبلة مع بعض السفراء الأجانب لمناقشة التطورات الأخيرة، وضمان عدم تأثيرها على الانتخابات العامة الجارية في البلاد.
كما اجتمع رئيس الوزراء في وقت سابق أمس مع قادة أجهزة الأمن وجميع قضاة المحاكم المدنية والعسكرية في البلاد، وشدد على العمل مع مدير المخابرات الجديد الجنرال جامع، والالتزام بالأوامر الصادرة من رئيس الوزراء وتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد.
وميدانيا، من المتوقع تنظيم مظاهرات شعبية في العاصمة الصومالية مقديشو لدعم قيادة روبلى للبلاد أمنيا وسياسيًا.
ويرى مراقبون أن فرماجو وفهد ياسين سيخسران معركتهما مع روبلى بسبب فقدانهما للشرعية الدستورية التي يتمتع بها روبلى ويتسلح بها في المنعطف الحالي.
يذكر أن المخابرات الصومالية تحت قيادة فهد ياسين، ألقت باللوم على حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة، في قضية مقتل موظفة الجهاز المفقودة، لكن الحركة نفت في بيان نادر علاقتها بالأمر، وسط تشكيك في رواية المخابرات وصعوبة وصول عناصر الحركة إلى الموقع الذي اختفت فيه الموظفة.