افريقيا و العالمالرئيسية

أديس أبابا تتهم “جبهة تيغراي” بمحاولة تخريب سد النهضة

أعلن الجيش الإثيوبي في بيان له أنه أحبط عملية تخريبية استهدفت سد النهضة وأن 50 مسلحاً من عناصر “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي” قُتلوا وأُصيب 70 آخرون، بعد محاولتهم التسلل إلى منطقة السد. 
وأشار البيان إلى أن المحاولة التخريبية جرت عن طريق “منطقة المحلة” على الحدود السودانية – الإثيوبية في إقليم بني شنقول حيث يتم بناء السد. 

وأوضح منسق عمليات الجيش الإثيوبي في منطقة متكل في الإقليم العقيد سيفي إنجي أن عناصر الجبهة المصنفة “إرهابية” من قبل أديس أبابا، تسللت بهدف تعطيل عملية بناء السد والقيام بعمليات تخريبية، مشيراً إلى أنها “حاولت استخدام متفجرات صغيرة وثقيلة أثناء تسللها، إلا أنها لم تستطِع مواجهة الجيش الإثيوبي الذي كان يراقب المنطقة”. 

وأتت هذه التطورات في ظروف الحرب المستعرة بين “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي” والحكومة الإثيوبية منذ نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي. وكانت الجبهة نجحت في يونيو (حزيران) الماضي، باستعادة إقليم تيغراي، وتغلغلت إلى مناطق أخرى في إقليمَي أمهرة وعفار بعد إعلان الحكومة الإثيوبية وقف القتال من جانب واحد. 
وفي وقت لم يصدر بيان من قبل الحركة المتمردة عن هذه التطورات، إلا أن تقارير تفيد بنجاحها في توسيع رقعة القتال، وتكثيف نشاطها العسكري على جبهة عفار شرق البلاد، بهدف السيطرة على الطريق القومي الرابط بين أديس أبابا ودولة جيبوتي. 
ولفت العقيد سيفي إنجي إلى أن “جبهة تحرير تيغراي توهمت أن معظم قوات الجيش الإثيوبي تحركت إلى الجزء الشمالي من البلاد، فحاولت التسلل لعرقلة عملية بناء سد النهضة الكبير، بالتنسيق مع عدو إثيوبيا التاريخي”، من دون أن يسمّي العدو المقصود. وأشار إلى أن “بقية المسلحين هربوا أثناء المواجهة، فيما استولى الجيش على بعض الأسلحة التي كانوا يستخدمونها، كما دمر أسلحة ثقيلة حاولوا استعمالها”، مضيفاً أن “الجيش وفرق المشاة والوحدات الآلية والقوات الخاصة لإقليم بني شنقول على استعداد لتحقيق الأمن أثناء أداء واجبها في المنطقة”. 

تراشق اتهامات 

وضمن تراشق الاتهامات، ادّعت الجبهة أن الحكومة الإثيوبية تفتعل أزمة إنسانية بعد خسارتها الميدانية في الإقليم. وقالت في بيان الشهر الماضي أن أديس أبابا فرضت حصاراً على إقليم تيغراي الواقع شمال البلاد، أسفر عنه تعليق الخدمات العامة. 
من جانبها، كانت الحكومة الإثيوبية اتهمت في يوليو (تموز) الماضي، الجبهة الشعبية بتدمير سد “تكازي” شمال البلاد، بهدف عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها. 

 وفي ما يتعلق بسد النهضة، أشار اتهام سابق إلى هجوم سيبراني قصد عملية الملء الثاني لسد النهضة. وقالت وكالة شبكة أمن المعلومات الإثيوبية (وكالة حكومية) في يونيو الماضي، إنها رصدت محاولات شن هجوم إلكتروني على 37 ألف جهاز كمبيوتر مرتبط بعملية الملء الثاني. وأضافت الوكالة في بيان أن “مجموعة قراصنة تطلق على نفسها اسم مجموعة الحصان السيبراني، هي المسؤولة عن الهجوم، الذي أُطلق خلاله فيروس إلكتروني جديد يُعرف باسم حرب الهرم الأسود”. 

كما يربط مراقبون بين الاتهامات المتواترة، والاتهام الأخير “بتخريب سد النهضة” وحيثيات الخلافات بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، التي أدت إلى توقف المفاوضات بين الدول الثلاث، من دون توقع استئنافها قريباً. وتشير آراء إلى محاولات الحكومة للفت الرأي العام الإثيوبي للتصدي لـ”جبهة تيغراي” المتمردة باعتبارها “مخرّبة للإنجازات القومية للدولة”. 

يُذكر أنه سبق لمجموعة مسلحة السيطرة على مقاطعة سيدال ووريدو في منطقة كاماشي التابعة لإقليم بني شنقول، غرب إثيوبيا. وكانت لجنة حقوق الإنسان المعيّنة من قبل الحكومة الإثيوبية، أعلنت سيطرة جماعة مسلحة مجهولة الانتماء، على المقاطعة بشكل شبه كامل في أبريل (نيسان) الماضي. 
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قال إن “جبهة تحرير تيغراي” هي “المجموعة الوحيدة في التاريخ التي استخدمت قوتها السياسية لتدمير بلدها”. وتعهد في تغريدة على “تويتر” في يوليو الماضي “باقتلاع المجلس العسكري للجبهة من جذوره حتى لا ينمو مرة أخرى”. 

في المقابل، كان غيتاشيف ريدا، عضو اللجنة التنفيذية لـ”الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي”، وزير الإعلام الإثيوبي الأسبق، شدد في بيان نشره على حسابه في “تويتر” في أغسطس (آب) الماضي، أن “حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد، بعد هزيمتها في الإقليم، غيّرت استراتيجيتها وعمدت إلى تعليق الخدمات العامة للإقليم، كإمدادات الكهرباء والوقود والاتصالات والخدمات المصرفية وكل وسائل النقل”. وأشار إلى أن “هذا الحصار منع المنظمات الإغاثية من أداء مهماتها في تيغراي وأسفر عن تعليق تقديم المساعدات الغذائية والإنسانية الطارئة إلى الإقليم”، متهماً الحكومة بتقويض جهود المنظمات الإغاثية التي تتعامل مع الأزمة في تيغراي. وقال إن “الأزمة الإنسانية المفتعلة من قبل الحكومة تتخذ حالياً منحى أخطر”. كما اتهم الحكومة بتنفيذ اعتقالات في صفوف أبناء تيغراي ومصادرة ممتلكاتهم وإغلاق شركاتهم في مختلف أنحاء البلاد، واصفاً ذلك  بـ”مؤشر إلى الإبادة الجماعية”. 

السلطات الإثيوبية تحذر 

وفي خضم التطورات الحالية، كانت السلطات الإثيوبية حذّرت من أنها من المحتمل أن تنشر “قدراتها الدفاعية الكاملة” بعد التقدم الذي أحرزه متمردو تيغراي في المناطق المجاورة، خصوصاً في إقليم أمهرة ضمن محاولة لاستعادة بعض المناطق في جنوب الإقليم وغربه، كانت سيطرت عليها حكومة الإقليم إبان عملية إنفاذ القانون في نوفمبر الماضي. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن القتال الحالي أثّر في 400 ألف شخص يعانون من أوضاع أشبه بالمجاعة. 

أميركا وتيغراي 

وفي الوقت الذي تتباين الرؤى، لا تزال آفاق السلام بعيدة، بخاصة بعد الشروط التي وضعتها “جبهة تحرير تيغراي” إثر سيطرتها على الإقليم وترفضها أديس أبابا. 
وكانت الولايات المتحدة عبّرت عن قلقها من التقارير التي تفيد بتوسّع القتال. وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في تغريدة عبر “تويتر” إن “القتال المستمر لن يؤدي إلا إلى معاناة وموت بلا داعٍ”. وطالبت كل الأطراف بالموافقة على وقف إطلاق النار والتفاوض والحوار السياسي. 
وضمن تطور إقليمي جديد للأحداث، اتهم الأمين محمد سعيد، الأمين العام لحزب “الجبهة الشعبية” الحاكم في إريتريا، واشنطن، بـ”تبنّي جبهة تحرير تيغراي والتدخل في الشأن الإثيوبي ومحاولة زعزعة استقرار القرن الأفريقي”. 
وخلال مقابلة مع التلفزيون الإريتري الحكومي الأسبوع الماضي، قال إن “الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة جبهة تحرير تيغراي إلى السلطة مرة أخرى”، مشدداً على أن خيار بلاده في هذا الظرف هو العمل مع إثيوبيا والصومال والسودان وجيبوتي لضمان السلام والاستقرار في المنطقة. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق