الانتخابات الرئاسيةالرئيسية

خلافات على نظام الانتخابات في الصومال وشكوك حول تنظيمها

أثار اتفاق مؤتمر طوسمريب الصومالي الذي توصلت الأطراف المشاركة فيه إلى نظام للانتخابات (التجمعات الانتخابية)، وذلك بعد جولات من المفاوضات بين رئيس الجمهورية محمد عبدالله فرماجو ورؤساء الولايات الفيدرالية (رئيس جلمدغ، ورئيس هرشبيلي، ورئيس جنوبي غرب الصومال) جدلاً واسعاً في الصومال.

ووصفته بعض الأطراف السياسية بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح، بينما رأته أحزاب أخرى بمثابة عرقلة لمسار الانتخابات الرئاسية في البلاد.

ونصت اتفاقية الأطراف السياسية التي شاركت في مؤتمر طوسمريب في 21 أغسطس/آب الحالي، المكونة من 17 بنداً، على أن تكون انتخابات 2020 (التشريعية) و2021 (الرئاسية) بنظام التجمعات الانتخابية، وأن يكون المجمع الانتخابي لكل مقعد 301 ناخب، وهو ما يكون معدلاً عن النظام الانتخابي الذي اعتمدته البلاد عام 2016، إذ كان يصوّت 51 ناخباً من المجمع لكل مقعد، إلى جانب تخصيص كل ولاية فيدرالية بنحو أربع دوائر انتخابية، لتوسيع رقعة المشاركين في الانتخابات.

ووقّع على الاتفاقية فرماجو، ورئيس ولاية هرشبيلي محمد عبدي واري، ورئيس ولاية جنوبي غرب الصومال عبدالعزيز حسن محمد، ورئيس ولاية جملدغ أحمد عبدي كارية، بينما قاطعت ولايتا بونتلاند وجوبالاند.

وأفاد بيان منتدى الأحزاب السياسية المعارض في الصومال في 23 أغسطس، أن الاتفاق على نموذج انتخابي، خطوة إيجابية، لكنه بحاجة إلى مزيد من المشاركة من جميع الأطراف الصومالية، خصوصاً الولايات التي لم تشارك في المؤتمر ولم توقع على الاتفاقية.

وأضاف البيان أن الاتفاقية بحاجة إلى تعديلات ضرورية من أجل ضمها بنود الأطراف التي قاطعتها، وذلك للمضي قدماً نحو تحقيق استقرار سياسي في البلاد، قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بالإضافة إلى تقريب وجهات النظر بين اللجان الحكومية، لضمان انتقال سلس نحو دولة صومالية جديدة عام 2021.

وناشد الشركاء السياسيين في البلاد بإجراء مزيد من المشاورات لبلورة حلول جذرية للأزمات السياسية التي تعصف بالبلاد.

وفي السياق، رأى عضو حزب “هلدور” المقرب من الحكومة الصومالية، سراج شيخ إسحاق، أن “نظام الانتخابات الجديد، هو مزيج بين نموذجين انتخابيين، وهو ما يعتبر نجاحاً حققته الحكومة الصومالية في دفع عجلة التقدم السياسي نحو الأمام، فاعتماد نظام انتخابات غير مباشر، يعني العودة إلى الوراء، وعدم دفع البلاد نحو تنظيم انتخابات مباشرة”.

وأشار إلى أن النظام الانتخابي المختلط، الذي توصلت إليه الأطراف السياسية في مدينة طوسمريب، أقرّ توسيع أعداد المشاركين في انتخاب أعضاء البرلمان، أي أن كل مقعد يختاره 301 ناخب، فهذه خطوة لتجاوز الانتخابات السابقة، وتضفي على العملية السياسية مزيداً من الشفافية والاستقرار.

ولكن إسحاق اعتبر أن توسيع رقعة أعداد المشاركين في الانتخابات دليل كاف على نزاهة اللجنة الوطنية للانتخابات، التي سيكون تأثيرها محدوداً، فاختيار الناخبين يأتي من زعماء العشائر الصومالية والمجتمع المدني، وهذا ما يغلق أمام أي نوايا فساد من الأجهزة الانتخابية والدوائر الحكومية الضالعة في عملية الانتخابات.

وأشار إلى أنه كان لرجال القبائل دور كبير في الانتخابات السابقة لجهة اختيار الناخبين، لكن الانتخابات المرتقبة ستتوسع قاعدة المشاركين فيها تنظيماً وانتخاباً؛ فيُسمح لأعيان القبائل والعلماء والنساء في اختيار من يصوت لهم في هذه الانتخابات.

في المقابل، أبدى حزب “هملو” المعارض تخوفه من نتائج مؤتمر طوسمريب لتحقيق أجندات خاصة؛ وقال سكرتير الحزب، النائب في البرلمان الصومالي يوسف أحمد إن المؤتمر الأخير كان بمثابة أجراس قلق تدق في جسد السياسة الصومالية من جديد، وأن عدم مشاركة أطراف سياسية فاعلة في البلاد، خصوصاً الأحزاب السياسية وأعضاء المجتمع المدني، ورؤساء ولايتين فيدراليتين، تبعث قلقاً محلياً وإقليمياً.

واعتبر أن هناك بنودا إيجابية عدة في الاتفاق السياسي الأخير حول نظام الانتخابات، لا سيما في ما يتعلق بتوسيع أعداد المشاركين فيه، وعدد الدوائر الانتخابية، وتفعيل دور الأحزاب السياسية في المشاركة في تلك الانتخابات، إلا أن منتدى الأحزاب المعارض يبدي قلقه حول تنفيذ تلك البنود.

وبحسب خبراء، فإن تنظيم انتخابات رئاسية في 20 دائرة انتخابية يشارك فيها آلاف من الناخبين أمر صعب المنال في المرحلة المقبلة، خصوصاً في غضون عام واحد، بسبب غياب الدعم الخارجي وضعف الاقتصاد المحلي، فضلاً عن التحديات الأمنية، إذ تضرب “حركة الشباب” قلب الصومال، لا سيما العاصمة مقديشو بين الحين والآخر. ويدور الجدل والخلاف حالياً بين الرئاسة الصومالية من جهة والأحزاب السياسية المعارضة حول دور وحدود الرئاسة الصومالية في مسار الانتخابات المقبلة، واستقلالية اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات؛ وتثير حولها الشبهات في الجنوح إلى القصر الرئاسي، ولا تتصف بالنزاهة بحسب أصوات من المعارضة.

من جهته، رأى الباحث السياسي عبد القادر عثمان أن مخرجات مؤتمر طوسمريب تمهد الطريق لمؤتمرات ومشاورات سياسية مقبلة لتجاوز الأزمات السياسية الراهنة، إذ من المرتقب عقد مؤتمر جديد بين الولايات الفيدرالية والرئاسة الصومالية في مقديشو، للتوصل إلى صيغة نهائية مشتركة للانتخابات.

وأشار إلى أن الوسط السياسي في البلاد يتوقع مزيداً من البنود والاتفاقات بين الأطراف الصومالية، خصوصاً تلك التي لم تشارك في المؤتمر الأخير، وهذا ما يعني تنفيذ البنود الأساسية في المؤتمر الرابع المتوقع انعقاده في العاصمة، وإعطاء ضوء أخضر للجنة الوطنية للانتخابات لبدء إجراءاتها واستعداداتها لتنظيم الانتخابات النيابية والرئاسية. ومن المتوقع أن تستضيف مقديشو مطلع الشهر المقبل مؤتمراً تشاورياً جديداً يضم رؤساء الولايات الفيدرالية والرئاسة الصومالية للتوصل إلى حل سياسي جديد، لإنهاء التوتر السياسي بين الحكومة الصومالية والولايات الفيدرالية، ويأتي هذا بعد ضغوط دولية مورست من قبل البعثات الدبلوماسية الأجنبية، والتي أعلنت عن عدم اعترافها بأي اتفاقيات أحادية الجانب لا تشمل جميع الشركاء السياسيين في البلاد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق