أكد خبراء دوليين أن سجل قطر الأسود في ملف السلام السوداني خلال العقد الماضي يحرمها من لعب أي دور جديد في المفاوضات الجارية بالعاصمة جوبا، بخلاف ما تسعى وتتطلع إليه الدوحة.
وحاولت قطر خلال الأسابيع القليلة الماضية اختراق مفاوضات الأطراف السودانية، التي ترعاها دولة جنوب السودان، بعدما أرسلت مبعوثا إلى جوبا والخرطوم تحت ذريعة دعم عملية السلام.
لكن بدا واضحا أن المحاولات القطرية باءت بالفشل لتلحق بسابقاتها بعدما اصطدمت بمواقف الحركات المسلحة، والتي أحرجت مبعوث الدوحة بعدم الجلوس معه في العاصمة جوبا.
وقدمت قطر أسوأ تجربة في ملف السلام السوداني عقب قيادتها لوساطة مشبوهة أفضت لتوقيع “اتفاقية الدوحة لسلام دارفور” العام 2011، بين حكومة المعزول عمر البشير، وحركة التحرير والعدالة المصنوعة.
ولم تتمكن تلك الاتفاقية رغم الدعاية القطرية بشأنها من إيقاف الحرب في دارفور بل اشتد القتال، وزادت أعداد النازحين واللاجئين، في أكبر خدعة دفع فاتورتها سكان الإقليم المضطرب.
وقال المحلل السياسي الدكتور عباس التجاني إن قطر تدخلت في السابق وأنتجت اتفاقية مشوهة لم تحقق السلام المطلوب في دارفور، لأنها وقعت مع فصائل غير رئيسية، وكانت أكبر خدعة لتحقيق أجندات سياسية تخص الدوحة ومن خلفها تنظيم الإخوان الإرهابي.
وأضاف التجاني، في تصريحات صحفية، قطر دولة صغيرة ذات وزن سياسي محدود، واستخدمت السودان لتسويق نفسها دوليا كراعية ومحبة للسلام، في حين جنت بلادنا السراب، وبقيت الحرب مشتعلة في دارفور.
واعتبر المحلل السياسي أن هذه التجربة والسجل القطري الأسود يمنع الدوحة من إيجاد موطئ قدم في ملف السلام السوداني عقب التغيير السياسي الذي شهدته البلاد، وعليها الاكتفاء بما حققته من مكاسب خلال عهد الإخوان البائد.
وتابع التجاني، أن “امتناع قطر عن تقديم أي عون لحكومة الثورة حتى في مؤتمر أصدقاء السودان، دليل على أنها تحابي النظام البائد، وبالتالي لن يكون لها أي دور إيجابي بملف السلام، باعتبار أن الإخوان لا يرغبون في استقرار البلاد”.
اختراق مفاوضات السلام
ورغم سجلها الأسود لم تتوقف قطر عن محاولات اختراق مفاوضات السلام السودانية منذ عزل نظام الإخوان الإرهابي بثورة شعبية في أبريل 2019م، لكن تم فضح تلك التحركات.
وفي سبتمبر/أيلول من العام الماضي، أقدمت قطر على محاولة مكشوفة لاختراق ملف السلام السوداني عن طريق الاستفراد برئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم عبر سفارتها في أديس أبابا التي كانت تحتضن مفاوضات السلام وقتها، ولكن الوساطة الأفريقية أجهضت تلك المؤامرة.
ويرى المحلل السياسي محمد علي محمدو أن قطر جددت محاولاتها الآن لإيجاد موطئ قدم في ملف السلام السوداني، ولكن تجربتها السابقة بعهد الإخوان البائد ستحول دون ذلك.
وقال علي، إن قطر لم تتسبب في فشل العملية السلمية بتقديم دعاية لسلام زائف فحسب، لكنها أيضا ساعدت على عمليات فساد مالي كبيرة في البلاد عبر أموال المانحين التي لم تذهب لمستحقيها.
وأضاف “سعت قطر للدعاية والكسب السياسي من رعايتها لمفاوضات السلام السودانية، دون المساهمة في وقف الحرب وإعادة النازحين واللاجئين لقراهم”.
وتابع “كانت قطر تهدف لتخفيف الضغط الدولي على نظام الإخوان بتوقيع اتفاقيات مع حركات غير مؤثرة ميدانيا، لذلك لم يكن لاتفاقية الدوحة الموقعة بين حكومة البشير وحركة التحرير والعدالة أي تأثيرات إيجابية على مسألة إنهاء الحرب بدارفور”.
وأردف “ندعو الدوحة للاكتفاء بتجربتها السابقة، وألا تعمل على تسميم أجواء مفاوضات السلام السودانية الجارية في جوبا التي اقتربت من نهايتها”.