الصومال اليوم

تحالف عسكري يعقّد مهمة آبي أحمد في مواجهة الأقاليم المتمردة وحركات مسلحة ذات غالبية مسلمة تهدد بالانفصال عن إثيوبيا

فرض تحالف عسكري جديد شكله المتمردون في أقاليم إثيوبية تحديات أمام رئيس الوزراء آبي أحمد في مواجهته المفتوحة للأقاليم المتمردة والباحثة عن الانفصال عن أديس أبابا.
وتوجد في إثيوبيا عشرة أقاليم تتمتع بالحكم الذاتي من بين نحو 85 قومية في البلد البالغ عدد سكانه 109 ملايين نسمة. ويعد إقليم تيغراي الذي يشهد نزاعا مستمرا مع الحكومة من أكثر الأقاليم ثراء وتأثيرا من أقاليم أخرى في البلاد.
ويرى مراقبون أن نجاح المتمردين في تيغراي في عقد تحالفات عسكرية مع أقاليم أخرى من شأنه أن يعقد مهمة رئيس الوزراء الإثيوبي في محاربته للتمرّد منذ بداية حملته في نوفمبر من العام الماضي.
ويجدد آبي أحمد مرارا منذ بداية الأزمة دعوته إلى التعبئة العامة في أقاليم الأمهرة والأمم والقوميات والشعوب الجنوبية وإقليم سيداما والعفر وأورومو.
ولا تعد جبهة تحرير تيغراي الوحيدة التي تخوض تمردا ضد حكومة آبي أحمد، بل هناك حركات مسلحة تنتمي إلى عرقيات مختلفة تسعى للانفصال عن العاصمة أديس أبابا.
وحفز التقدم العسكري اللافت للمتمردين في تيغراي بعد فرض سيطرتهم على معظم أجزاء الإقليم في يونيو الماضي باقي الأقاليم المتمردة للتحالف ضد حكومة أديس أبابا.
وشجع هذا التقدم متمردي “جيش تحرير أورومو” على إعلان تحالفهم مع جبهة تحرير تيغراي في الحادي عشر من أغسطس الجاري، والتأكيد على وجود مجموعات أخرى منخرطة في نقاشات مماثلة.
وقال زعيم جيش تحرير أورومو كومسا ديريبا، والمعروف أيضا باسم “جال مارو” في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس”، “سيكون هناك تحالف كبير ضد نظام آبي أحمد”.
ويتحالف جيش تحرير أورومو، الذي ينتمي إلى أكبر عرقية في البلاد وأغلب أبنائها من المسلمين، رسميا مع جبهة تحرير شعب تيغراي على الرغم من أن المظاهرات التي قادها الأورومو كانت السبب الرئيسي في سقوط حكم تيغراي وصعود آبي أحمد إلى السلطة في عام 2018.


ويحتضن إقليم أورومو العاصمة أديس أبابا، وينحدر منه رئيس الوزراء آبي أحمد من جهة أبيه، لكن المعارضة الأورومية تعتبره أقرب إلى عرقية الأمهرة التي تنحدر منها والدته وزوجته.
ويضم “جيش أورومو” آلافا من العناصر المسلحة وتنتشر معسكراتهم في المنطقة الغربية من إقليم أورومو وأواسط منطقة شيوا (شمال أديس أبابا)، ويسيطرون منذ سنوات على بعض المحافظات الغربية.
ويسيطر جيش تحرير أورومو على جزء من الطريق الرئيسي شمال مدينة شيوا (350 كلم شمال أديس أبابا)، مما يعني قطعه للإمدادات القادمة من العاصمة إلى جبهات القتال في أمهرة. ولم يخف زعيم جيش تحرير أورومو رغبته في الإطاحة بحكومة آبي أحمد، قائلا “الحل الوحيد الآن هو الإطاحة بهذه الحكومة عسكريا، والتحدث باللغة التي يريدون التحدث بها”.
وتصنف حكومة آبي أحمد كلا من جبهة تيغراي وجيش تحرير أورومو كمنظمتين إرهابيتين، ونددت مؤخرا بإعلان تحالفهما.
ويقاتل جيش تحرير أورومو في منطقة بعيدة عن مناطق تقدم جبهة تيغراي، لكنه وبحسب زعيمه العسكري “يتشاركون معلومات ساحة المعركة، ويقاتلون بالتوازي، وفي الوقت الحالي لا يقاتلون جنبا إلى جنب”.
ولم يستبعد زعيم “جيش أورومو” أن يقاتل مسلحوه مع جبهة تيغراي جنبا إلى جنب، في إشارة إلى إمكانية التحامهم في جبهة واحدة مع اقتراب متمردي تيغراي من معاقلهم في شمال إقليم أورومو.
ويشي التنسيق بين الطرفين عن تجاوز خلافاتهما القديمة عندما تحالفوا لإسقاط حكم مينغستو، لكنهم بعدما حققوا هدفهم في 1991، استأثر تيغراي بالسلطة وتم تهميش الأورومو.
وفي السابع عشر من أغسطس الجاري انضم الحزب القومي الديمقراطي العفري إلى تحالف جبهة تيغراي وجيش أورومو، وطالب الجيش الاتحادي والموالين له في إقليم عفر بمغادرته. ويطالب بإسقاط حزب الازدهار الذي أسسه آبي أحمد.
كما ليس من المستبعد أن تنضم الحركة الشعبية لتحرير بني شنقول إلى التحالف بين جبهة تيغراي وجيش أورومو. ويطالب السودان بعودة المنطقة إليه، ويتوقع على نطاق واسع أن تدعم الخرطوم الحركة في معركتها ضد حكومة آبي أحمد.
وتشكلت الحركة الشعبية لتحرير بني شنغول في 1963 ثم أعيد تأسيسها في 1986، وتطالب بتقرير مصير الإقليم الذي كان تابعا للسودان، ولكن بموجب اتفاقية 1902 بين الحبشة (إثيوبيا) وبريطانيا التي كانت تحتل السودان، تم ضم بني شنقول إلى إثيوبيا مقابل عدم بناء الأخيرة سدودا على النيل الأزرق.


وانضمت حركة بني شنقول إلى دعوات السلام في عهد آبي أحمد، لكن في ما بعد سجن العديد من قادتها السياسيين حسب القيادي في الحركة جعفر عباس.
وتُشيّد أديس أبابا سد النهضة على إقليم بني شنقول، وتتهمها الحركة الشعبية بتهجير قبيلة الجمز وتغيير ديموغرافية المنطقة، وقيام ميليشيات من الأمهرة بحرق بيوت أفراد من القبيلة، عارضوا بناء السد على أراضيهم.
أما الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين قد تدخل في تحالف مع جبهة تيغراي وجيش أورومو بالنظر إلى أن عدوهم واحد. وينشط متمردو الجبهة في إقليم الصومال الإثيوبي المتنازع عليه مع الصومال، والذي بسببه اندلعت حرب بين البلدين بين عامي 1977 و1978.
وتسعى الجبهة للانفصال بالإقليم عن إثيوبيا أو الانضمام إلى الصومال. لكن في خطوة من شأنها التأثير على قرار جبهة تحرير الصومال الغربي بالانضمام إلى التحالف المسلح المناوئ لآبي أحمد، أو التزام الحياد، هاجمت ميليشيات من إقليم العفر قرية “غاربا إيسى” بمنطقة سيتّي، في إقليم الصومال الإثيوبي المتنازع عليه بين الإقليمين.
وما يجمع الحركات المسلحة أنها ذات غالبية مسلمة، وتسعى إلى الانفصال عن إثيوبيا أو الانضمام إلى الصومال أو السودان. وفي حال تحالفت هذه الجماعات الثلاث مع جبهة تيغراي، وانضم إليها إقليم العفر، وحصلت على دعم بعض دول الجوار، فإن الوضع في أديس أبابا يصبح حرجا أكثر فأكثر، وقد يحتاج آبي أحمد للبحث عن تحالفات داخلية وخارجية لمنع تفكك بلاده.

Exit mobile version