الصومال اليوم – د ب أ
في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة دولة الصين الواثقة بنفسها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، من المهم فهم مركزية أفريقيا فيما يتعلق بهذا الجهد الأمريكي، حيث يعد الاعتراف بجمهورية أرض الصومال التي تقع في القرن الأفريقي، كدولة مستقرة وديمقراطية، خطوة أساسية لوقف المد المتصاعد للحزب الشيوعي الصيني في القارة السمراء، التي تقع على طول الحدود الغربية للمنطقة، كما ذكر مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، روبرت سي أوبراين.
وقال أوبراين في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأمريكية: إن جمهورية أرض الصومال ظلت تقاوم التوسع السريع للصين في أفريقيا من خلال مبادرة «الحزام والطريق»، دون أن يلاحظها أحد تقريبا، خلال فترة تفشي وباء كورونا، وبعد أشهر من الضغط الصيني، قررت حكومة أرض الصومال الوقوف في وجه ضغط بكين، ودعت تايوان إلى فتح سفارة لها في العاصمة، هرجيسا، وهناك في تايوان حاليا برنامج للمنح الدراسية لطلاب أرض الصومال، يعمل على مساعدتهم على الدراسة في تايبيه، كما تتدفق المساعدات التايوانية إلى البلاد لمساعدتها في مشاريع الطاقة والزراعة ورأس المال البشري.
ويوضح أوبراين أنه غالبا ما يكون من الصعب على الدول النامية، بما في ذلك تلك الموجودة في أفريقيا، مقاومة الإغراءات الاقتصادية الخاصة بالقروض والاستثمارات الصينية، إذ تقوم حكومة الصين بضخ الأموال في أفريقيا، في محاولة منها لتأمين الطاقة والمواد الخام في المستقبل.
ومن جانبها، غالبا ما تنحي الحكومات جانبا، مخاوفها من الصين بشأن عمليات «الإقراض المُجحف»، والفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان، و«دبلوماسية الذئب المحارب» الاستبدادية لتوفير احتياجات سكانها اليائسين، وعندما تقف دولة نامية في وجه الصين وترفض مساعداتها الملوثة، يتعين على الولايات المتحدة بذل كل جهد ممكن لمساعدتها على النجاح، ولا سيما في الجغرافيا الحيوية من الناحية الإستراتيجية.
ويقول أوبراين: إن أرض الصومال تعتبر واحدة من تلك الدول، وتستحق مساعدة الولايات المتحدة لها، وإنه على عكس دولة الصومال الفاشلة عمليا، والتي تقع في الجنوب، فإن أرض الصومال تعتبر مزدهرة، وتتسم بالسلم على مدى ثلاثين عاما منذ إعلان استقلالها، كما أن لديها نظاما ديمقراطيا فعالا، وتدير قوات الشرطة الخاصة بها، وتصدر أيضا العملة وجوازات السفر الخاصة بها.
وفي حالة تمتع أرض الصومال المستقلة بدعم الولايات المتحدة، فإنها سوف تظهر لباقي الدول أن هناك بديلا لمبادرة «الحزام والطريق» الصينية في شرق أفريقيا.
ويقول أوبراين: إن الأسس القانونية والدبلوماسية للاعتراف بأرض الصومال قوية، ومن نواح كثيرة، فإن ما نعتبره اليوم صومال حديثا هو بناء مصطنع، حتى بمعايير أفريقيا ما بعد الاستعمار، وكانت أرض الصومال تخضع لسيطرة البريطانيين منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، وصارت في النهاية مستعمرة بريطانية رسمية.
وبعد استقلالها عن المملكة المتحدة في 1960، اعترفت 35 دولة بجمهورية أرض الصومال الجديدة، وقد كانت الدولة واحدة من أول خمس عشرة دولة في القارة تحصل على حريتها خلال «عام أفريقيا» الشهير، وكمسألة من مسائل القانون الدولي، فقد كانت أرض الصومال، وظلت بعد الاستقلال، منفصلة تماما عن مستعمرة الصومال الإيطالية، التي صارت فيما بعد دولة الصومال، وقد تم ضم المستعمرتين السابقتين الجارتين معا في دولة واحدة فقط، بعد أن حصلت كل منهما على استقلالها من القوى الاستعمارية المختلفة.
واختتم أوبراين تقريره بالقول: إنه إذا ما اتخذت الولايات المتحدة زمام المبادرة بالنسبة إلى الاعتراف الدبلوماسي بأرض الصومال، من المؤكد أن الدول الأخرى سوف تحذو حذوها.