أغلال الوصاية القطرية وسيناريوهات المناورة.. فرماجو وخليفة حسن خيري
يبحث عن دمية سهلة الانقياد، وشخصية خانعة تقبل الانضمام لزمرة قطر، وضلع ثالث يستكمل به مثلث وصاية الدوحة بعد ضمان الرئاسة والمخابرات في الصومال.
معايير بسقف عال يبدو أن الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو لم ينجح بعد في العثور عليها ضمن ملفات المرشحين لخلافة رئيس الوزراء السابق حسن علي خيري، والذي أطاح به الرئيس، قبل أكثر من شهر، بتواطؤ مع محمد مرسل شيخ عبدالرحمن، رئيس مجلس الشعب الصومالي (الغرفة السفلى للبرلمان الفيدرالي).
في الأثناء، انقضت المهلة الدستورية الممنوحة لفرماجو لتعيين خلف لخيري، ما يفاقم من الأزمة السياسية الراهنة، ويفتح ثغرات أكبر لقطر من أجل تطويق المشهد الصومالي بأغلال الوصاية عبر زمرة يقودها الرئيس وعدد من المسؤولين الموالين له، ما يفتح تفسيرات الوضع على أكثر من سيناريو.
أجندة وحسابات وصراعات
ويرى محللون في الشأن الصومالي أن عدم تعيين فرماجو لرئيس للوزراء بعد انقضاء المهلة القانونية يحمل على الاعتقاد بوجود سيناريوهات مختلفة تعود إلى أغلال الوصاية القطرية في قرارات الرئيس، وبلورة أجندات سياسية وترتيب حسابات داخل دائرة نظام فرماجو.
المحلل السياسي الصومالي يوسف عمر، رأى أن ندرة وجود سياسيين يحملون المواصفات التي يريدها فرماجو في شخصية رئيس الوزراء، من أسباب عدم تعيينه حتى الآن.
وأضاف عمر، أن فرماجو يسعى إلى اكتشاف دمية تخدم أجنداته وأغراضه السياسية الضيقة على حساب المصلحة الوطنية، غير مكترث لقوى المعارضة من الولايات والأحزاب والمجتمع الدولي.
وتابع أن الرئيس لم يفكر جديا بإمكانية رحيل خيري بالشكل المفاجئ مسبقا، وأن رجل قطر في الصومال رئيس المخابرات فهد ياسين عالج الملف دون إخطار فرماجو بتفاصيل القصة، لكن بعد تهيئة ظروف عزل خيري من قبل الدوحة، أمرته بتنفيذ المخطط، ومن المعروف أنه لا خيار له سوى الخضوع.
ووفق الخبير، فإن الصراعات العشائرية بين القبيلة الواحدة التي يحق لها تعيين رئيس للوزراء من أفرادها، يمكن أن تكون أحد السيناريوهات المتسببة بعدم تعيين الشخصية المنتظرة على رأس الحكومة، وأن فرماجو لجأ إلى التعهد لكل عشيرة بشكل منفصل بأنه سيختار منها الشخصية المقبلة، لترتيب حساباته الشخصية.
من جهته، يعتقد المحلل السياسي محمد فارح أن وجود صراعات داخل دائرة قطر – فرماجو جزء من أسباب عدم تعيين رئيس للحكومة حتى الآن.
وقال فارح إن مصادر داخل النظام الحاكم في فيلا صوماليا (القصر الرئاسي بالعاصمة مقديشو) تشير إلى وجود 4 أسماء على طاولة فرماجو لم يحدد من بينها الاسم القادم.
ولفت محمد فارح إلى وجود مساع من رئيس حكومة تصريف الأعمال (مهدي محمد غوليد) للاستمرار في الحكم بالمدة المتبقية من فترة المؤسسات الدستورية، وذلك بمساعدة من بعض البرلمانيين الذين يعدون فرماجو بدعمه في الانتخابات المقبلة مقابل هذه الخطوة.
ويرجح فارح أن الرغبة الجامحة لدى فرماجو لفكرة التمديد بفترة حكمه ولو لشهور ما زالت تراوده، وتبلورها قطر لاستمرار إحكام سيطرتها على مفاصل الحكم في الصومال.
ولفت إلى أن التحركات التي يقوم بها سفير قطر في الآونة الأخيرة تظهر ثقل هذا السيناريو في تحليل أسباب عدم كشف فرماجو عن اسم رئيس الوزراء الصومالي الذي سيقود البلاد بالمرحلة الانتقالية.
فيما يرى مراقبون أن عدم التوصل إلى اتفاق سياسي شامل بشأن ملف الانتخابات الصومالية بين فرماجو والمعارضة السياسية من الولايات الصومالية والأحزاب، يعد أيضا من العوائق التي تعرقل تعيين فرماجو لرئيس وزراء جديد.
تحديات عدم التعيين
كثيرة هي التحديات الناجمة عن عدم تعيين رئيس وزراء بشكل فوري في الصومال، أبرزها الإخلال بالنظام العشائري المعروف “4.5” لتقاسم السلطة في البلاد، لأن لكل منصب سيادي فيها حق دستوري لقبيلة معينة من القبائل.
ومن بين التحديات تأخر الانتخابات الصومالية القادمة عن موعدها، والتي من المقرر إجراء التشريعية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والرئاسية في فبراير/شباط المقبل، وهذا هو هدف فرماجو الساعي للحصول على تمديد من أجل البقاء في السلطة.
فاستمرار غياب حكومية رسمية من شأنه أن يدفع نحو تدهور الوضع الأمني في عموم الصومال خاصة في العاصمة مقديشو.
فخلال شهر واحد، عاشت مقديشو كابوسا أمنيا لم تشهده خلال فترة وجود حكومة، حيث تواترت الاغتيالات والهجمات الإرهابية وسط انفلات أمني شبه كامل، ما يؤكد الحاجة الماسة إلى تحسين الوضع الأمني وإعادة الأمور إلى نصابها من خلال حكومة تحمل على عاتقها المسؤولية الكاملة للملفات السياسية والأمنية.