الصومال اليوم

الرئيس الصومالي يناور مجددا لتمديد الفراغ وانتهاك للدستور وكسر للأعراف

انقضى أكثر من شهر منذ أن أطاح الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو برئيس وزرائه الرافض لتمديد حكمه، لتغرق البلاد منذ ذلك الحين في فراغ كان من المفترض أن ينتهي بتعيين قائد حكومي جديد.

غير أن فرماجو الذي يدير المشهد السياسي في الصومال على مقاس الأجندة القطرية الرامية إلى تمديد حكمه، انتهك الآجال المحددة من قبل الدستور والأعراف السياسية المعمول بها، والمقدرة بشهر واحد، إمعانا منه في تطويق البلاد في فوضى تيسر تغلغل الدوحة بدوائر القرار.

انتهاك للدستور وكسر للعُرف

في 25 يوليو/تموز الماضي، أطاح فرماجو برئيس الوزراء السابق حسن علي خيري، بتواطؤ مع محمد مرسل شيخ عبدالرحمن، رئيس مجلس الشعب الصومالي (الغرفة السفلى للبرلمان الفيدرالي)، في خطوة مفاجئة وغير قانونية.

ورغم الأزمة السياسية التي تعصف بالصومال، إلا أن فرماجو اكتفى بعد عزل خيري بتعيين نائبه مهدي محمد غوليد للقيام بأعمال رئيس الوزراء حتى الآن، ما يفاقم المخاوف من أن الرجل ماض في المناورة برجاله لفرض الأمر الواقع والتمديد لحكمه.

وجاءت مؤامرة الإطاحة بخيري عقب رفضه خطة قطرية لتمديد فترة حكم فرماجو وتأجيل الانتخابات، بل بلغ الأمر بالدوحة حد محاولة إغراء الرجل بتقاضي رشوة سياسية مقابل التنازل عن تمسكه بإجراء الانتخابات الصومالية في موعدها، وتقديم استقالته طوعا ليكون كبش فداء التمديد للرئيس الصومالي.

غير أن خيري تشبث برفض الانصياع لمخطط الدوحة، ليغادر منصبه تاركا فراغا فضح تلكؤ فرماجو في سده النوايا الخبيثة للرئيس، الذراع القطرية المسمومة والمنغرسة بقلب الصومال، ووضعه خارج التقاليد السياسية المحلية.

ومنذ نيل الاستقلال في عام 1960، تداول على الصومال تسعة رؤساء بينهم الرئيس الحالي محمد عبدالله فرماجو، منهم خمسة رسميين وأربعة انتقاليين.

ورغم اختلاف طبيعة الأنظمة الحاكمة بالبلاد على مر الزمن، إلا أن هناك عادة وحيدة تمسكوا جميعا بها ما عدا فرماجو، وهي تعيين رئيس الوزراء في 30 يوما أو أقل.

وبخروجه عن الأعراف المعمول بها، يغرد فرماجو خارج السرب، في برهان يقطع الشك باليقين بأن احترامه لمتطلبات وصاية قطر أكبر من صون سيادة الصومال، ما دفعه إلى وأد عادة سياسية بعمر الصومال.

جدير بالذكر أن ميثاقا وطنيا انبثق عن مؤتمر مصالحة صومالية في كينيا يعود لعام 2004 ينص على تعيين الرئيس الصومالي لرئيس الوزراء في غضون 30 يوما لكن النسخة الحالية من مسوة الدستور لا تنص صراحة على هذا الأمر.

زوبعة إعلامية للتغطية

دستوريا، يملك الرئيس في الصومال مهلة قانونية وعرفية بـ30 يوما لتعيين رئيس الوزراء، لكن فرماجو ضرب بهذا العرف والقانون عرض الحائط، ولم يسلك سبيلا آخر ينص عليه القانون، وهو إرسال طلب إداري علني لرئاسة البرلمان، لمنحه مهلة جديدة يطرح أثناءها الشخصية التي ستقود البلاد في مرحلة حرجة قبل أقل من 6 أشهر من الانتخابات.

حاولت دائرة فرماجو المعنية بالدعاية السياسية إثارة زوبعة إعلامية لطعن دستورية تعيين الرئيس رئيس الحكومة في غضون 30 يوما.

لكن الأوساط السياسية والإعلامية كانت لها بالمرصاد، حيث استعرضت كلمة موجزة وجهها فرماجو للصوماليين صباح 23 فبراير/شباط 2017، عقب تعيين خيري رئيسا للوزراء أكد فيها أن “الدستور يمنحني تعيين رئيس خلال ثلاثين يوما، وها قد كلفت خيري في غضون أسبوعين حفاظا على دستور البلاد، واعتذرت عن ضياع أسبوعين من البلد”.

من جانبه، قال زعيم حزب ودجر المعارض في الصومال، عبدالرحمن عبدالشكور، في معرض رده على دعاية فرماجو، إن بنود الدستور بعضها مكتوبة والبعض الآخر عرف وعادة سياسية لا تتطلب البيان بين دفتي الدستور، مشددا على أن تقاسم المناصب السيادية للسلطة في الصومال على أساس عشائري ليس حبرا على أوراق الدستور.

ووفق تغريدة نشرها قبل يومين، عبر حسابه بموقع “فيسبوك”، اتهم عبدالشكور فرماجو بمخالفة الدستور، مؤكدا أن عدم تعيينه رئيسا للوزراء في المهلة القانونية دليل على انتهاكاته للدستور الصومالي وقوانين البلاد المختلفة، في نحو أربع سنوات قضاها على هرم السلطة بالبلاد.

ولفت المعارض إلى أن فرماجو قد يرفض التنحي عن الكرسي في حال انتهاء فترته الدستورية للحكم، ووجه إليه رسالة دعاه فيها إلى ضرورة تعيين رئيس وزراء جديد يعبر بالصومال من المرحلة الانتقالية فورا دون مزيد من التأخير.

Exit mobile version