الرعاة في الصومال.. بين مطرقة النزاعات المستمرة وسندان التغير المناخي
“الرعاة في الصومال يخسرون كل شيء, يخسرون مواشيهم, ويخسرون أسلوب حياتهم”, بهذه العبارات دقت الهيئة الدولية للصليب الأحمر ناقوس الخطر لتحذر من الأوضاع المخيفة التي وصل الرعاة لها في الآونة الأخيرة, فاستمرار الصراعات الداخلية, والتغييرات المناخية في الطارئة تختنق الرعاة في الصومال, وتجبرهم على التخلي عن الرعي كمصدر رزق أساسي, والسعي الى إيجاد بدائل أخرى.
الاحتباس الحراري والرعي
وتعرض الصومال الى موجات من الجفاف والفيضانات في مناطق مختلفة، خاصة في الوسط والجنوب الصومالي، بالإضافة الى تبعات تفشي جائحة كورونا الثقيلة على مجتمع الرعي هناك، والهجرات المستمرة للجراد الذي يفتك بالمحاصيل الزراعية، ناهيك عن حالات الطقس غير المنتظمة، وتضائل المساحات الخضراء، مما أدى الى تضاؤل القضعان وشحوبها من عدم توفر الكلأ والنبت، مما زاد تفاقم أزمة الرعاة في الصومال.
أحمد محمود، أحد الرعاة، قال إنه فقد 50 من إبله السبعين بينما فقد رعاة آخرون كل ماشيتهم، وأضاف انهم لم يعد لديهم ما يسدون به رمقهم، وان الصومال بلد معروف بكثرة اللاجئين، وعندما تفقد إبلك وماشيتك تسجل كلاجئ فورا، وحدث هذا بالفعل مع كثير من الرعاة من أقرانه، وقال محمد حسن قور، راع آخر، أن موجة الجفاف الأخيرة قتلت كثيرا من المواشي، ودمرت الأراضي الزراعية، وأتت موجة أخرى قبل أن نتعافى من آثار الموجة السابقة.
وتيرة متسارعة للكوارث
الكوارث البيئية المرتبط يتغير المناخ في ازدياد متسارع في الصومال، فمنذ عام 1990م، ضربت الصومال موجات مختلفة من الجفاف والفيضانات، تقدر ب 30 مرة، مقارنة بعدد الكوارث الطبيعية بين 1970م – 1990م والتي كانت أقل بكثير من الموجات الحالية، إن الطبيعة المتكررة لمثل هذه الأحداث تجعل التعافي صعبًا على مجتمعات الرعي في البلاد.
صنف الصومال على أنه من أكثر البلدان عرضة لآثار التغيير المناخي في مؤشر مبادرة التكيف العالمي نوتردام، فالصراعات الدموية التي دامت أكثر من ثلاثة عقود، أدت الى موجات نزوح عالية بين المواطنين، تقدر بنزوح ما يقارب 2.5 مليون شخص، وعلاوة على ذلك الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة المركزية في مقديشو في بداية التسعينات من القرن الماضي، وبروز القبيلة كبديل استثنائي عن دور الدولة، مما أدى الى تنافس شرس على الموارد الطبيعية الحيوية بين العشائر والمجموعات المسلحة.
الثنائي القاتل
رئيس الآمن الاقتصادي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، السيد عبد الله تغولا قال: أن الصومال يعتبر حالية مثالية والتي جمعت كوارث التغير المناخي وحصاد سنين من العنف والاضطرابات المستمرة، مما أدى الى عواقب وخيمة، فاقمت من الوضع الإنساني هناك، فوتيرة تكرار حدوث الجفاف والفيضانات والطقس المتطرف هي الأسوأ منذ عقود.
اللجنة الدولية قدمت معونات الى 11000 أسرة متضررة من هذه الأحداث في الصومال، قدمت لهم مساعدات عاجلة بما يقارب 900000 فرنك سويسري، لمساعدتهم على التكييف مع الأوضاع الحالية في الصومال وتعويض بعض من الخسائر المادية التي تعرضوا لها.