تعمل الإدارة الصومالية على إصلاحات واسعة لمكافحة عمليات الصيد البحري على السواحل الصومالية، وتعزيز المراقبة على مياهها الغنية بالثروات البحرية والطاقة، هذه العمليات الغير منظمة وغير قانونية، حرمت الصومال من الاستفادة الكاملة من تلك ثرواتها غير المستغلة، في توجه حكومي جديد.
تمتلك الصومال أطول خط ساحلي في القارة السمراء، إذ يقدر طوله ب 3300 كيلومتر، ومنطقة اقتصادية حصرية بمساحة مليون كيلومتر مربع، وتتمتع الصومال بواحدة من أغنى موارد الصيد في إفريقيا، حيث تقدر قيمتها السنوية بـ 135 مليون دولار أمريكي، لكن الصيد غير القانوني من قبل السفن الأجنبية، نهب ثروات البلاد منذ انهيار الحكومة المركزية في أوائل التسعينيات المنصرمة.
في عام 2018م، أصدرت الصومال نظامًا جديدًا للترخيص لسفن الصيد الأجنبية، في خطوه تحفيزية للصيد الشرعي، والحد من الصيد غير القانوني’ وأشاد الشركاء الدوليون الرئيسيون للبلاد، بما في ذلك البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، بالنظام باعتباره شفافًا وقابلا للتطبيق.
وفي نفس الفترة، أصدرت الحكومة الصومالية، أول تراخيص للصيد البحري منذ انهيار الدولة عام 1991م، وبموجبة منحت 31 رخصة للسفن أجنبية، بعد صفقة تقاسم الإيرادات بين الحكومة المركزية في مقديشو، إدارات الولايات الإقليمية، ففي عام 2018م، كان مجموع تلك الإيرادات مليون دولار أمريكي، ليرتفع الى ثلاثة ملايين في عام 2020م، وصولا الى 2021م بمجموع 10 ملايين دولار، في قفزة هائلة تلك الإيرادات، ونمو عدد السفن الأجنبية المرخص لها الى 50 سفينة.
تقوم وزارة الثروة السمكية والموارد البحرية, هي الجهة الوحيدة المخولة لإصدار تراخيص الصيد البحري الذي يتجاوز 24 ميلا من ساحل الدولة, بينما تتقاسم السلطة المركزية و الإدارات الإقليمية معظم العائدات من تلك التراخيص, يذهب جزء من الإيرادات أيضا, إلى تنمية الموارد البحرية الصومالية وإدارتها والحفاظ عليها ، فضلاً عن دعم الصيادين المحليين.
تلزم وزارة الثروة السمكية، السفن الأجنبية بتقديم تقارير مفصلة عن عمليات صيدهم، وتمنع أساليب الصيد المدمرة، ويُسمح لتلك السفن بصيد الأسماك المهاجرة، مثل التونة والأسماك الشبيهة، والعمل خارج 24 نانومتر من الساحل، مما يترك الصيد بالقرب من الشاطئ للسفن الصومالية ومجتمعات الصيد الصغيرة.
على الرغم من التقدم المحرز في تعزيز الصيد المشروع الذي يفيد البلاد ، فإن قدرة الصومال على مراقبة الصيد القانوني وغير القانوني من قبل السفن الأجنبية داخل منطقته الاقتصادية الحصرية, الشاسعة لا تزال ضعيفة ، ولكن يبدو أن هذا يتغير تدريجياً, ففي مارس الماضي ، أطلق وزير الثروة السمكية عبد الله بيدان وارسامه مركز مراقبة الصيد (FMC) في مقديشو, والذي يمكنه تتبع السفن باستخدام نظام مراقبة السفن عبر الأقمار الصناعية (VMS), يتلقى النظام بيانات موقع السفن المرخصة كل ساعتين بالإضافة إلى تقارير صيد الأسماك, وأضاف الوزير: نعمل على إنشاء مراكز مراقبة الصيد في مناطق أخرى من الصومال, لمكافحة الصيد الغير شرعي.
ومن جهتها، أصدرت المديرية العامة لوزارة المالية بيانا، قالت فيه، إن الوزارة تخطط لشراء أو استئجار زوارق دورية للمساعدة في عمليات مكافحة الصيد غير القانوني قبالة السواحل الصومالية، ولاتزال الحكومة المركزية تعيد بناء قوات خفر السواحل، التي انهارت قبل أربعة عقود.
بينما يسعى الصومال الى تبادل المعلومات الحساسة، بخصوص عمليات القرصنة والصيد غير الشرعي على سواحله، مع القوة البحرية، التابعة للاتحاد الأوربي، لاتصل تلك التقارير والمعلومات إلا بعد فوات الأوان من الاتحاد، مما يحرم الإدارة الصومالية من التصرف السريع والفعال.
اعتمدت الحكومة المركزية على الأساليب الدبلوماسية لإخراج السفن التي لا تمتلك تراخيص صيد من مياهها، ففي مايو من العام الماضي، نجحت الحكومة الصومالية من إخراج سفينة صينية من أراضيها بعد فتح قنوات اتصال مع السفارة الصينية في مقديشو، وفي شهر مارس من نفس السنة، أطلقت سفن تابعة للحكومة الصومالية تحذيرات للسفن مصرية إثر شروعها في عمليات صيد غير شرعي قبالة السواحل الصومالية، وتواصلت مع الحكومة المصرية حول تلك الحادثة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
الحكومة الصومالية استنكرت المعلومات الواردة في تقرير، المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة العابرة للحدود، والذي جاء فيه أن مسؤولين وجهات في الحكومة الصومالية تتعاون مع السفن غير المصرح لها بالصيد في السواحل الصومالية، وتتستر عليهم، وتعرقل جهود الحكومة المركزية لمكافحة الصيد غير الشرعي، وقالت الحكومة إن كاتب التقرير يتجاهل ويقوض جهود الصومال لمكافحة الصيد غير المشروع، مما يضر بالمصالح الوطنية.