المرأة الصومالية في البرلمان.. صوت سياسي مقموع بأمر القبيلة
لم تسلم المرأة في الصومال من انتهاكات حقوقية طوال فترة الصراع في البلد الذي يعد الأكثر اضطرابا في منطقة القرن الأفريقي، حيث تواجه أوضاعا سيئة انعكست على مساعيها لتعزيز دورها في المؤسسات التمثيلية البرلمانية.
وتعمل النساء الصوماليات بكل قوة لخوض الانتخابات التشريعية، ورفع نسبة التمثيل في تلك المؤسسات البرلمانية على الرغم من العوائق والعراقيل القبلية والنظرة الدونية للمرأة، بالإضافة إلى غياب حماية حقوقهن.
وتنتاب الكثير من النساء الراغبات في الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة بمجلسيه الشعب والشيوخ شكوك بشأن غياب ضمانات لحماية تمثيلهن في البرلمان المرتقب، حيث حظيت المرأة بنسبة 30 في المئة من مقاعد البرلمان عام 2015.
وتقول نعيمة إبراهيم النائبة في مجلس الشيوخ المنتهية ولايته والتي تنوي الترشح مرة أخرى إنه “رغم الترشح على مقعد مخصص للمرأة، فإن الرجال لا يزالون يطمحون إلى الترشح لنفس المقعد، سعيا للاستحواذ عليه”، وهو ما يعرقل تمثيل المرأة في الحياة السياسية الصومالية.
وفي أواخر يونيو الماضي حددت السلطات الصومالية العاشر من أكتوبر موعدا للانتخابات الرئاسية، بعدما أدى إرجاؤها في الأشهر الأخيرة إلى واحدة من أسوأ الأزمات السياسية في هذا البلد المضطرب في القرن الأفريقي، وفتح الباب أمام حرب أهلية من جديد.
كما حددت السلطات يوم 25 يوليو لاختيار أعضاء مجلس الشيوخ ثم انتخاب البرلمان بين العاشر من أغسطس والعاشر من سبتمبر بعد مشاورات واسعة مع مسؤولي المناطق والعمل على تخفيف حدة الاحتقان وسط المعارضين للتمديد للرئيس الصومالي المنتهية ولايته محمد عبدالله محمد.
ولا تخفي النساء في الصومال وجود عوائق كثيرة تعترض طريقهن للمشاركة في الحياة السياسية، وتؤكد النائبة نعيمة إبراهيم أن “المرأة لن تكون مجرد رقم لإكمال نصاب البرلمان وستعمل على استعادة حقوقها السياسية، بل وتبذل كل الجهود لرفع حصتها في البرلمان الصومالي إلى 50 في المئة، بدلا من 30 في المئة”.
وتؤكد آمنة محمد عبدي، وهي نائبة في مجلس الشعب، أن حصة 30 في المئة للمرأة في البرلمان لا تعكس النسبة المئوية للمرأة في المجتمع الصومالي، لكنها تشكل خطوة حيوية لحماية حقوق المرأة الصومالية، مشيرة إلى أن هدف “الكوتة” النسائية هو تقليص الفارق بين الجنسين في القوائم الانتخابية.
ولم تخف عبدي وجود عقبات كثيرة في كل النواحي الحياتية، إلا أنها تؤكد على إصرارها على استرداد حقوقها السياسية من خلال الرفع في حالة وعي المرأة الصومالية وفك القيود التقليدية لمزاحمة الرجال في الحياة السياسية والاجتماعية.
وتتعالى الأصوات المطالبة بإعطاء دور أكبر للنساء للمشاركة في الحياة السياسية في مجتمع يهيمن فيه الرجال على كافة مقاليد الحكم، وهو ما تشير إليه النساء الصوماليات في تقارير صحافية مختلفة حول الوضع الحقوقي في الصومال.
ولا تنفي نعيمة وهي واحدة من العشرات من النساء الطامحات إلى تقلد منصب برلماني يخولها لإيصال صوتها بقوة داخل المؤسسات التشريعية، التي تعاني بدورها من مشكلات عميقة تتعلق بالقوانين الغائبة لحماية النساء.
وتقول المرأة الصومالية، التي فازت في انتخابات عام 2015 إنه “لا توجد مساواة بين الجنسين في الحياة السياسية، والكثير من نواحي الحياة الاجتماعية، ما يمنع النساء الصوماليات من تحقيق رغباتهن والمطالبة بحقوقهن أيضا”.
وتعاني المرأة في الصومال تهميشا اجتماعيا بسبب الثقافة الذكورية السائدة في القبائل حيث يقتصر دورها فقط على رعاية المنزل والأولاد، ما أفقدها حضورها في الحياة السياسية، بينما يتبوأ الرجال مكانة أفضل، أيا كانت مؤهلاتهم الأكاديمية والمهنية.
ولم يشهد الصومال انتخابات مباشرة وشاملة منذ العام 1969، وهو العام الذي تولى فيه سياد بري السلطة بانقلاب، حيث ينص النظام الانتخابي المعقد على أن ينتخب مفوضون خاصون تختارهم العشائر والأفخاذ البرلمانيون الذين بدورهم يختارون الرئيس. وأمام هذا الوضع القانوني الشائك تعاني المرأة من قوانين تحدد نسبة تمثيلها في المجالس النيابية، بالإضافة إلى عراقيل مجتمعية معقدة.
ويقول أحمد عثمان وهو أحد شيوخ القبائل في الصومال إن المجتمع الدولي مارس ضغوطا على بلاده وكان وراء “كوتة المرأة” في مجالس البرلمان، معتبرا أنه لم يراع حساسية هذا الموضوع مجتمعيا وما يحدثه من إشكاليات اجتماعية في المكون العشائري التقليدي.
وتوضح تلك النظرة لدور المرأة في المجالس النيابية مدى الصعوبات التي تعترض طريقها للترشح للانتخابات التشريعية المقبلة، بالإضافة إلى الوضع المعقد اجتماعيا وداخليا، الذي يحد بدرجة كبيرة من أداء دورها والقيام بواجباتها أسوة بالرجال.
ويضيف عثمان أن “النظام العشائري الذي يتقاسم القبائل على أساسه المناصب السياسية يجعل فرصة تحقيق حصة المرأة في انتخابات البرلمان أمرا صعبا، لأن جهود الصوماليات تصطدم بإشكاليات ثقافية تؤمن بأن المرأة لا تستطيع تحمل مسؤوليات قبيلتها وهمومها”.
وتعد فوزية حاج آدم أول مرشحة محتملة لخوض غمار الانتخابات الرئاسية المقررة في العاشر من أكتوبر المقبل، في بلد أنهى لتوه أزمة أمنية كادت تدخله في حرب أهلية جديدة، لكنه لا يزال يعاني من أزمات سياسية وهجمات إرهابية متواصلة منذ عقود.
وتنوي النائبة الصومالية ووزيرة الخارجية السابقة الترشح للانتخابات للمساهمة في علاج الظروف الاقتصادية والأمنية الراهنة والمعاناة المستمرة للصوماليين، وهو الأمر الذي دفعها حسبما تقول إلى خوض تلك التجربة.
وقالت المرشحة الرئاسية المنتظرة إنها ستعمل على تعزيز دعم الاقتصاد والأمن، بالإضافة إلى العمل على إنهاء الصراع مع المتشددين من خلال الجلوس معهم على مائدة المفاوضات، وهي تشير بذلك إلى حركة الشباب المتشددة. كما أنها ستعمل على تعزيز الدبلوماسية الخارجية. وتعد فوزية حاج آدم أول صومالية تعلن عزمها خوض انتخابات الرئاسية التي سيتنافس فيها 20 مرشحا محتملا جميعهم من الرجال باستثناء حاج آدم.
وسبق أن ترشحت سيدة تدعى فاطمة طيب، في الانتخابات الرئاسية الماضية، لكنها انسحبت قبل يوم الاقتراع.
وكانت حاج آدم أول صومالية تتولى حقيبة الخارجية ومنصب نائب رئيس الوزراء، وذلك في إدارة رئيس الصومال السابق حسن شيخ محمود (2012 – 2016).