في 20 يونيو/حزيران المنصرم، نشر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي خطاباً لزعيمه، العنابي، مدّته 29 دقيقة.
وبدا للوهلة الأولى أن “داعش” كان ينتظر ذلك الخطاب، لأن ردّه جاء بعد يومين فقط على لسان المتحدث باسمه، أبو حمزة القرشي، من خلال تسجيل مدّته 14 دقيقة.
وعلى الرغم من سرعة نشر خطاب “داعش” بعد خطاب “القاعدة”، فإن محتواه يوحي بأنه خطاب تم التحضير له جيداً ودراسته وتمحيصه، مع أخذ استشارة في مجال الدعاية الإعلامية قبل إذاعته، ويتّضح أيضاً أنه كُتِب قبل نشر “القاعدة” لبيانها.
ومن خلال تحليل دعائي لخطاب زعيم “داعش” سنحاول التعرّف على نقاط ضعفه ونواياه، إذ يلجأ “داعش” في خطابه إلى استخدام “دعاية التماسك” في خمس مناسبات على الأقل، مستعملاً دور الضحية كحجة ودليل في سياق حديثه، وهو ما يسعى من خلاله إلى حشد أتباعه وتقوية اللُّحمة بينهم.
وقد استخدم الخطاب الداعشي “دعاية التجنيد” ما لا يقل عن إحدى عشرة مرة، وهو مؤشر على حاجة “داعش” إلى ضمّ مقاتلين جدد.
ويبحث التنظيم عن مجندين في جميع أنحاء العالم، لكنه يركز على سوريا والعراق وغرب ووسط أفريقيا، رافضاً انضمام هؤلاء إلى تنظيمات أخرى، وهو ما يكشف تنافسه الشديد مع “القاعدة” لتجنيد مقاتلين في مناطق بأفريقيا، وربما يتجلى البحث عن أفراد مقاتلين في زيادة محتملة للاعتداءات التي ينفذها انتحاريون.
وفي الخطاب أيضا ورد تحريض على العنف اثنتي عشرة مرة، وتوجّه الخطاب مباشرة إلى العراقيين والسوريين والفلسطينيين على وجه الخصوص لهذا الغرض، وشجع صراحة على الاغتيالات داخل سوريا، مشيراً إلى أن ذلك هو “الحل الوحيد لجميع المشاكل”، حسب زعمه.
وأثنى زعيم “داعش”، خلال الخطاب، على مقاتليه في غرب ووسط أفريقيا والعراق وسوريا في أكثر من مناسبة، وفي الصومال وليبيا مرات عدة، وكذلك باكستان والهند.
وهذه الأراضي المذكورة هي التي يقترح أبو حمزة المهاجر، في تسجيله الصوتي، أن تكون أولوية للدفاع عنها في المرحلة المقبلة، والتي يضيف أيضاً إليها فلسطين.
وكهدفٍ عام، ذكّر زعيم داعش بأهمية إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من معتقليه، إذ يرى أن هذا “دَين في رقاب أعضاء التنظيم طوال حياتهم”، فيما كرر ذكر العراق 13 مرة، ووردت كل من فلسطين وسوريا 8 مرات، ومن الواضح أن الفلسطينيين والسوريين هم الجمهور المستهدف لتجنيد ذئاب منفردة تعمل لحساب التنظيم.
وعلى سبيل التناقض، يطلب الخطاب التبرّع لهم من خلال قوله “وأعطوا الصدقة، ولو قليلاً”، ولكن في فقرة تالية مباشرة لا يستطيع إخفاء وعيده، قائلا إن من يرفض التبرّع “فلهم الجحيم”.
يحتاج “داعش” إلى تجنيد مقاتلين، بحسب ما نستنتج من الخطاب، محاولا خلق الانسجام بينهم، وهو ما يمكن أن يكون مؤشراً على المرحلة السيئة التي يمرّ بها التنظيم، كما يظهر أن المناطق المفضلة للتنظيم بالترتيب هي سوريا والعراق والأراضي الفلسطينية وغرب ووسط أفريقيا، بينما يبدو أن شبه القارة الآسيوية فقدت الاهتمام هذه المرة.