الصومال.. البنوك تموّل مشاريع مدرّة للدخل تخفيفاً لتداعيات كورونا
تموّل البنوك المحلية في الصومال مشاريع تجارية صغيرة مدرّة للدخل، بهدف الحد من البطالة التي يواجهها الشباب بنسبة تفوق 70 في المائة، وذلك بعد أزمة كورونا التي قضت على أحلام كثيرين من صغار التجار في أسواق العاصمة، خاصة أصحاب البسطات والعربات اليدوية، فضلاً عن الباعة الجائلين، التي تراجعت في الفترة الأخيرة بسبب جائحة كوفيد-19.
وتمول تلك البنوك مشاريع صغيرة برأسمال يقدر بنحو مليوني دولار أميركي. ويمنح بنك دهب شيل (أقدم بنك في الصومال) قروضاً ميسرة لأصحاب الدخل المحدود؛ حيث يقدم مبالغ تتراوح ما بين خمسمائة وألفي دولار، شرط أن يتم سداد تلك المبالغ في غضون عام بعد الاقتراض من دون فائدة، ويتعهد البنك بتقديم دفعة مالية أخرى بعد سداد المبلغ الأول من دون تأخير.
وبدأ بنك أي بي إس (تأسس عام 2016) بمنح قروض مالية للتجار وأصحاب المشاريع الصغيرة؛ حيث استفاد من تلك القروض نحو 70 ألف شخص، غالبيتهم نساء، بنسبة تقدر 70 في المائة، نتيجة الإقبال الزائد من قبل السيدات على العمل في أسواق مقديشو كتاجرات أو حمّالات، وهو ما يجعل السيدات واجهة الأسواق في العاصمة.
نساء على الإسفلت
وفي السياق، تقول دنيا قاسم، التي تمتلك متجرين لبيع الأقمشة، إن “وضعي الاقتصادي كان متواضعاً، لكن بعد اقتراضي مبلغاً من بنك “أي بي إس”، انتعشت تجارتي، بعد أن استثمرت هذا المبلغ، وتمكنت من فتح متجر آخر في سوق آخر بالعاصمة”.
تضيف قاسم أنها “تمكنت من تسديد المبلغ الأول الذي كان يقدر بخمسمائة دولار أميركي، وبعدها ضمنت إمكانية الحصول على مبلغ ألف وخمسمائة دولار أميركي آخر كقرض حسن، الأمر الذي ساهم في مضاعفة الدخل بالنسبة لمتجري، وأنا مرتاحة بسبب استيفائي لشروط البنك، والتي في مقدمتها تسديد القروض في ظرف عام من دون تأخير بعد تاريخ الاقتراض”. وتعمل السيدات في أسواق مقديشو في ظروف جد قاسية، من خلال بيع الشاي على أرصفة الشوارع وجوانب الطرقات، بحثاً عن قوت يوم لأولادهن، كما أن العديد منهن يعملن في عملية طحن القمح عبر آلات تقليدية وغربلته وبيعه في الأسواق، بينما تبيع كثيرات منهن الأواني المصنوعة من الفخار.
قروض ميسرة
أما محمد سيدو، بائع الخضار وسط سوق حمروين، فيقول إن “تجارتي كانت معتمدة على نقل الخضار من أصحاب المزارع وبيعها في سوق حمروين، وبعدها نتقاسم الفائدة مع أصحاب الخضار، وكنت مضطراً للعمل في هذه الظروف، بسبب عدم قدرتي على شراء الخضار من المزارعين، وهو ما كان يضاعف مجهودي البدني في عملية النقل من جهة وبيع الخضار من جهة ثانية”.
ويشير سيدو إلى أنه بعد أن حصل على قرض مالي من بنك “أي بي إس” يقدر بـ500 دولار، تغيرت الأوضاع، وتمكن من سداد ديونه، هذا إلى جانب تحرره من قبضة وجشع المزارعين. وأضاف: أصبحتُ اليوم قادراً على شراء الخضار من الفلاحين ونقلها وبيعها في سوق حمروين، من دون أن أفكر في سداد جزء من الفائدة للمزارع كما كان الحال من قبل، لكن يتعين علي سداد ديون البنك التي تعتبر قروضاً ميسرة.
ويضيف سيدو أن عدداً من شركائه في العمل تمكنوا من الحصول على قروض من البنك، وهو ما ينعش تجارتهم مستقبلاً، ويحد من المشاكل التي تواجه صغار التجار في أسواق العاصمة، التي تشهد في بعض الفترات غلاء معيشياً خانقاً.
مواجهة البطالة
وتخطط البنوك المحلية في مقديشو لتوسيع مشاريع دعم أصحاب الدخل المحدود في عموم البلاد، وذلك لدعم اقتصاد البلاد، عبر تقديم قروض مالية لصغار التجار، والتي لا تزيد عن 5 آلاف دولار للفرد الواحد، نظراً لطبيعة المشروع الممول من قبل البنك؛ حيث إن أغلب المشاريع التي يتم تمويلها هي الأقمشة والأحذية والخضار، إلى جانب تمويل محلات لبيع الإلكترونيات والمشروبات.
ويقول مدير الاستثمار في بنك “أي بي إس”، عبد الولي علمي، إن 70 ألف شخص استفادوا من مشاريع دعم أصحاب الدخل المحدود، وأن ثلاثين في المائة من فئة الشباب، خاصة العاطلين عن العمل، وذلك بهدف تمكينهم من فرص تشغيل، وضم السيدات في أسواق العمل لإعالة أسرهن، خاصة المطلقات والأرامل.
ويشير علمي إلى أن شروط الحصول على القروض التي يمنحها البنك ليست صعبة بالنسبة للراغبين، بل أسهل بكثير من شروط المرابحة أو المضاربة، وذلك من أجل توفير خدمة للمجتمع ودعم اقتصاد البلاد، عبر توسيع هذه المشاريع إلى الأقاليم الأخرى في البلاد.
وفق تقديرات رسمية، يصل دخل الفرد في الصومال يومياً إلى نحو أقل من دولارين، وتصل نسبة الفقر إلى نحو 80 في المائة، بسبب غياب سياسات حكومية اقتصادية لتشجيع الاستثمار محلياً وخارجياً، فضلاً عن آفات بيئية متكررة كالفيضانات التي يشهدها إقليم شبيلى الوسطى وأجبر نحو 400 ألف شخص على النزوح من قراهم، إلى جانب مشكلة الجفاف التي تشهدها الأقاليم الجنوبية في البلاد، فضلاً عن الجراد الصحراوي المنتشر في الأقاليم الشرقية والجنوبية في البلاد.