الصومال اليوم

ختان البنات في بونتلاند بين الحوار والمناكفة

أصدرت حكومة بونتلاند قانونا جديدا يجرم ختان البنات ويرى علماء المنطقة أنه يخالف المذهب السائد في البلد الذي يجعل هذا النوع من الختان واجبا دينيا، ومع أن القانون مايزال في مرحلته الأولى وينتظر إلى تصويت البرلمان عليه وتوقيع الرئيس إلا أنه أثار ضجة بين العلماء والحكومة، وانضم بعض رؤساء العشائر إلى انتقاد القرار. 
ورغم أن الحكومات السابقة في بونتلاند قد أصدرت مثل هذا القانون إلا أنها قد فشلت في تمريره عبر البرلمان كما أنها كانت تحاول أن تنحني من عاصفة الانتقادات التي تأتيها من قبل العلماء وبعض شرائح المجتمع الأخرى، إذا لماذا تكررت المحاولة في هذه المرة؟ وما الذي يجعلها معركة ساخنة تحاول الحكومة أن تتغلب على مخالفيها رغم مطالبتها الحوار والمواجهة العلمية العلنية؟ 

سخونة المعركة 
يبدو أن سخونة المعركة الحالية تكمن في كون أغلب وزراء الحكومة والرئيس ينتمون إلى التيار الاسلامي ولهم دراية في العلم الشرعي، لذلك يحاولون إظهار مشيختهم وإعلان التحدي والمواجهة، وهذا ما ظهر في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير العدل والشؤون الدينية ونائبه وبعض الوزراء الآخرين، وقد حاول الوزير في مؤتمره ذاك أن يستعرض معارفه الدينية مبينا أن هذا القرار ناتج عن قناعات شرعية سابقة رافضا ضغط المنظمات الدولية الراعية لمثل هذه المشاريع المزعوم. 
ومن المؤكد أن افتعال المعركة من قبل الحكومة واستخدام وسائل الإعلام الحكومية لترويج فكرتها لن يحل المشكلة؛ لأن منابر العلماء أقوى من المنبر الحكومي وهذا ما تثبته التجارب السابقة إلا أن تتحول إلى حكومة قمعية!، كما أن إثارة هذه الزوبعة في هذا الوقت الذي تتوجه إليه أنظار الجميع للانتخابات الفدرالية والتي يقال أن حاكم الولاية قد يترشح فيها ليست لصالح الحكومة. 

التفاهمات السابقة 
وعليه ينبغي أن يكون حلها بالحوارات الجانبية والعودة إلى التفاهمات السابقة التي تم اقرارها من قبل الحكومات السابقة؛ لأن الجميع يتفق على منع جريمة الختان الفرعوني، والخلاف ينحسر في الختان الشرعي الذي يعد واجبا شرعيا حسب مذهب الإمام الشافعي السائد في البلد؛ لذلك لا يصح أن تستخدم الحكومة بقرار منفرد وتجرِّم ما يعتقده المجتمع ديانة أنه واجب شرعي مهما استوردت الوزارة أقوال المذاهب الأخرى وألبست أقوالها بقداسة فقه الكتاب والسنة واجتهادات “هم رجال ونحن رجال”؛ لأنه من الصعب إنكار مذاهب العلماء التي أجمعت عليها الأمة بأقوال متضاربة، واجتهادات غير ناضجة. 

التنمية والوحدة 
لذلك على الحكومة أن تلتفت إلى المشكلات المستعصية في البلد وألا تشغل الناس بمثل هذه الأمور، في وقت هي أحوج ما تكون بتقوية الصف الداخلي والتفرغ إلى التنمية. 

ولنا أن نتساءل ماذا عن تعليم البنات في بلد لا يجد قرابة سبعين بالمئة من أبناءه التعليم الأساسي، وماذا عن أجهزة التنفس في مواجهة جائحة كورونا؟ وعن جهوزية المستشفيات؟ لماذا تتعامى الحكومة عن كل هذه المشكلات؟؛ وكأن مشكلات البلد قد انتهت، ولم يبق إلا ختان البنات الشرعي!. 
وختاما؛ على الوزارة ألا تضع نفسها موضع الخصم والحكم؛ لأنه لا يصح أن يصدر السياسي القوانين الإشكالية ثم يدعي العلم والفتوى، ومع ذلك يدعو إلى المناقشة العلنية ويتهرب منها، على الحكومة أن تجلس مع جميع قوى الفاعلة وتسمع منهم بدلا من التهديد والمناكفات الاستعراضية التي تصب الزيت على النار المشتعلة. 

لله الأمر من قبل ومن بعد 

Exit mobile version