الرئيسيةالمجتمع الصومالي

أرض البنط في الصومال تسعى لحظر ختان الإناث وفرض عقوبات صارمة للمخالفين

تستعد أرض البنط في الصومال لحظر ختان الإناث عبر مشروع قانون يجرّم الطقوس المجتمعية القديمة وافقت عليه الحكومة وسيتم تقديمه إلى البرلمان. وقد رحب نشطاء مناهضون لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث بمشروع القانون، مؤكدين أنه سيعزز جهود إنهاء هذه الممارسة. وستكون العقوبة صارمة تجاه كل من تثبت مشاركته في هذه الجريمة. 

خطت منطقة أرض البنط الصومالية شبه المستقلة خطوة أولى نحو حظر ختان الإناث في بلد تُجبر فيه جل النساء والفتيات على الخضوع لهذه الممارسة المدانة دوليًا. 

ووافق رئيس أرض البنط سعيد عبدالله ديني وحكومته مؤخرا على مشروع قانون يجرّم الطقوس القديمة وسيتم تقديمه إلى البرلمان، وهو إجراء قال نشطاء مناهضون لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية إنه سيعزز جهودهم لإنهاء هذه الممارسة. وقال وزير العدل في أرض البنط أويل شيخ حمود للصحافيين “سيُمْنع ختان الفتيات. يجب ترك الفتيات في أرض البنط كما يولدن. أي شخص يُمارس الختان في المنطقة سيواجه كامل قوة القانون”. 

وقال مسؤولو وزارة العدل إن مشروع القانون يتضمن عقوبات صارمة لمن يمارسون تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، بما في ذلك المستشفيات والقابلات والختّان التقليديون. ولم يتم تحديد موعد عرض مشروع القانون على البرلمان للتصويت عليه حتى الآن. 

ويكاد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، الذي ينطوي على الاستئصال الجزئي أو الكلي للأعضاء التناسلية الأنثوية، يشمل الجميع في الصومال؛ حيث طال 98 في المئة من النساء والفتيات، وفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان. 

ولا يوجد حاليا قانون وطني يحظر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في الدولة الأفريقية. 

, أرض البنط في الصومال تسعى لحظر ختان الإناث وفرض عقوبات صارمة للمخالفين

وسبق أن اعتمدت أرض البنط ودولة أرض الصومال الانفصالية فتاوى دينية ضد هذه الممارسة، لكن لم يتم وضع تشريع برلماني معمول به. 

ويؤثر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية على 200 مليون فتاة وامرأة على مستوى العالم ويمكن أن يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الطبية الخطيرة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. 

كما يمكن أن يسبب مشاكل صحية عقلية وجسدية طويلة الأمد بما في ذلك الالتهابات المزمنة ومشاكل في الدورة الشهرية والعقم ومضاعفات الحمل والولادة. وفي بعض الحالات يمكن أن تنزف الفتيات حتى الموت أو يمتن نتيجة للتعفّن. 

وفي العديد من المجتمعات تتزوج الفتيات بعد فترة وجيزة من الختان مما يعوق تقدمهن في التعليم والصحة والتوظيف. 

وقد يؤدي إغلاق المدارس بسبب الوباء إلى ختان مليوني فتاة إضافية في العقد المقبل، حسب تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان، مما يعيق الجهود العالمية للقضاء على هذه الممارسة بحلول سنة 2030. 

وفي الصومال حيث ينتشر الختان أبلغت الجمعيات الخيرية عن زيادة في الحالات، إذ يقدّم الختانون خدمات للفتيات العالقات في المنزل بسبب الإجراءات المتخذة للحد من تفشي الوباء. 

وقال نشطاء إن التشريع الذي يحظر ختان الإناث سيعزز كفاحهم لإنهائه. وأشاد ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في الصومال أندرسز تومسون بهذه النقطة المهمة، وقال إن مشروع القانون سيكون له “أثر مضاعف في حملة إنهاء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في أرض البنط” إذا تمت الموافقة عليه، وأضاف في بيان “هذا يعني أن الفتيات سيكن في مأمن من الختان الوحشي”. 

وقالت ميمون ماهد، الناشطة الصومالية المناهضة لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، إنها ما زالت تتذكر خضوعها لهذه الممارسة “المؤلمة للغاية”، وأضافت “بصفتي امرأة شابة، أرحب بالخطوة التي اتخذتها الحكومة”. 

ويعد ختان الإناث واجباً دينياً مقدساً لدى الكثير من العائلات الصومالية يهدف إلى حماية عذرية الفتاة. لذا فإن معارضة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أمر قد لا يحظى بشعبية كبيرة، بل قد يعرض ذلك الرأي صاحبه للخطر. 

وقالت واريس ديري، البدوية الصومالية التي تحولت إلى عارضة أزياء شهيرة، لرويترز إن ختان الإناث لا يزال يحدث لأن العالم يغض الطرف عن تلك الجريمة التي ترتكب بحق الفتيات. 

واستغلت ديري شهرتها -التي اكتسبتها من ظهورها كعارضة على غلاف تقويم شركة بيريلي العالمية للإطارات وتمثيلها أمام تيموثي دالتون في فيلم “ليفينج دايلايتس” ضمن سلسلة أفلام جيمس بوند- لشن حملة مناهضة لختان الإناث. 

وقالت في المقابلة إنها أصعب مهمة على الإطلاق تضطلع بها في حياتها، لكن يتعين عليها القيام بها لأنه لا أحد آخر لديه هذا الالتزام وستكمل هذا إلى النهاية. 

وتعرضت ديري نفسها لعملية ختان في سن الخامسة، وتوفيت أختها متأثرة بنزيف حاد بعد الختان. وعندما كان عمرها 13 عاما فرت ديري من زواج رتبه الأهل لتصل في نهاية المطاف إلى لندن. 

وتقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 200 مليون امرأة على قيد الحياة حاليا تعرضن للختان، معظمهن في 30 دولة بأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. 

وتشعر الفتيات الصغيرات بألم شديد جراء الختان الذي يسبب لهن مشكلات صحية طويلة الأمد إذا بقين على قيد الحياة أصلا، مما دفع المجتمع الدولي إلى الاعتراف بأنه انتهاك لحقوق الإنسان ويمثل تمييزا ضد المرأة. 

وفي العام 2018 أعلن أحمد علي ضاهر المدعي العام الصومالي عن إحالة قضية مقتل الطفلة ديقة نور بعد خضوعها لتشويه الأعضاء التناسلية -المعروف بختان الإناث- على المحكمة، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الصومال. وقد توفيت الطفلة بعد نزيف حاد تبع تعرضها للختان. 

وتبلغ نسبة تفشي ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث 98 في المئة في الصومال، وهي النسبة الأعلى في العالم. وتعد الإحالة على المحاكمة خطوة مرحبا بها في اتجاه الحد من تلك الممارسة بهدف القضاء عليها تمامًا طبقًا لالتزام الحكومة الصومالية بعدم التسامح نهائيًا مع تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. 

ويعد ختان الإناث انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان ويؤدي إلى آلام جسدية ومضاعفات صحية قد تدوم مدى الحياة، كما تتوقف الكثير من الناجيات عن الذهاب إلى المدرسة بعد تعرضهن للختان مما يجعل تلك العادة سببًا في تكريس تهميشهن ونقص فرصهن في الحصول على حياة كريمة يستطعن فيها تحقيق إمكاناتهن. 

وأعرب نيكولاي بوتيف، الممثل السابق لصندوق الأمم المتحدة للسكان في الصومال، عن حزنه الشديد لوفاة الطفلة نور ولاستمرار معاناة الفتيات الصوماليات من تشويه الأعضاء التناسلية، مؤكدًا على ارتباط تلك العادة بارتفاع نسبة وفيات الأمهات في البلد. وقال بوتيف “إن ختان الإناث ليس أمرًا متعلقًا بحقوق الإنسان فحسب، بل يتعلق أيضًا بحياة الإنسان. إن التزامنا بعدم التسامح نهائيًا مع تفشي تلك العادة هو التزام بحماية الأرواح”. 

ويقود صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسيف أكبر برنامج للتعجيل بإنهاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. ويعمل البرنامج في 17 دولة أفريقية كما يدعم العديد من المبادرات الإقليمية والدولية. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق