شهدت مناطق إدارة صوماليلاند الانفصالية في الـ 31/مايو الماضي/2021م، انتخابات تشريعية ومحلية، اتسمت بالهدوء، تعد هي الأولى من نوعها منذ ما يزيد على 15 عاما تقريبا.
امتازت هذه الانتخابات عن غيرها من الانتخابات السابقة في صوماليلاند بعدّة امتيازات أبرزها:
1.الإقبال الجماهيري الواسع عليها: أعلنت السلطات في إدارة صوماليلاند أنه تم تسجيل 1,065,847 ناخبا للمشاركة في هذه الانتخابات، مما جعلها أكثر انتخابات صوماليلاند إقبالا عليها من قبل الجماهير.
2.الاهتمام الدولي بها: امتازت هذه الانتخابات باهتمام دولي واسع تجلى في التغطية الإعلامية التي حظيت بها والتي تناولتها من عدّة زوايا مختلفة سواء بالتحليلات النقدية والتقارير الواقعية، كما أن الاهتمام الدولي بها يتجلى في كثافة المراقبين الدوليين وانطباعاتهم إزاء هذه الانتخابات، حيث وصل عدد المراقبين لهذه الانتخابات إلى 31 مراقبا دوليا جاؤوا من أكثر من 12 دولة أفريقية ومنظمة دولية، وعبر البعض منهم عن انطباعاتهم حيال هذه الانتخابات، حيث قال فريق “مراقبين” مستقلّ ومموّل من بريطانيا “إنّ هذه الانتخابات تمثّل لحظة مهمة للديموقراطية في صوماليلاند”، بينما يقول غريغ ميلز، مدير مجموعة تراقب الانتخابات ومقرها بجنوب إفريقيا بأن المنطقة الانفصالية – أي صوماليلاند- تمثل نموذجا لدولة أفريقية ملتزمة بالديمقراطية والتنمية، وتستحق دعم كل أفريقي يريد أن يرى تقدما في هذه القارة”، أما جون غيثونغو فيصف صوماليلاند بأنها “الصومال التي تتمتع بديمقراطية من القاعدة إلى القمة والتي يبدو أنها تعمل بشكل عضوي“.، في حين أن مارك برادبري مدير معهد ريفتي فالي يقول: “يمكن أن تصبح صوماليلاند هذا العام المكان الوحيد في القرن الأفريقي على الإطلاق الذي لديه شكل من أشكال الانتخابات الديمقراطية“.
3.المقاعد والأطراف المتنافسة عليها: ومما امتازت به هذه الانتخابات أنها مزيج نوعين من الانتخابات (تشريعية ومحلية)، تنافس عليها 3 أحزاب سياسة أحدها حزب كلميي الحاكم وحزبان معارضان هما: ودني وأعد، بينما كانت المقاعد المتنافس عليها 82 مقعدا تشريعيا، ترشح لها حوالي 246 مرشحا من جميع الأحزاب السياسية الثلاثة و249 مقعدا في المجالس المحلية التي تنافس عليها أكثر من 1000 مرشح ينتمون إلى الأحزاب السياسية في صوماليلاند.
4.طبيعة نتائجها: إن طبيعة النتائج التي أفرزتها هذه الانتخابات هي بحدّ ذاتها ميزة من ميزاتها، ذلك أنها حققت نقلة نوعية في العرف الانتخابي الأفريقي بشكل عام، والعرف الانتخابي في صوماليلاند بشكل خاص، إذ حقق فيها فوزا بعض المرشحين المنتمين إلى القبائل المهضومة في صوماليلاند والتي لم يكن لها على مر تاريخ صوماليلاند أي تمثيل في مجالسها التشريعية والمحلية، كما فازت المعارضة مجتمعة بـ 52 من المقاعد البرلمانية المتنافس عليها، 31 منها فاز بها حزب ودني المعارض، بينما حصل حزب أعد المعارض على 21 مقعدا برلمانيا، في حين كانت 30 مقعدا فقط، من نصيب حزب كلميي الحاكم، وهو ما دفع الأحزاب المعارضة إلى تشكيل ائتلاف وتحالف سياسي ضدّ الحزب الحاكم، كما أن اللافت للنظر في نتائج هذه الانتخابات هو عدم تحقيق المرأة أي نجاح فيها، على الرغم من خوض 13 امرأة في المنافسة، غير أنهن لم يحصلن ولو على مقعد واحد من المقاعد المتنافس عليها.
وعلى الرغم مما سبق من امتيازات انتخابات صوماليلاند الأخيرة والتي دعت البعض إلى النقاش حول إمكانية كون هذه الانتخابات أحد دوافع المجتمع الدولي نحو الاعتراف بها كدولة مستقلة منفصلة عن الصومال، إلاّ أن البعض الآخر من المحللين والمتابعين يرون أن صوماليلاند بالرغم من نجاحها في تنظيم وإجراء انتخابات هادئة، إلاّ أنها لا تزال تفشل في تحقيق ديمقراطية مكتملة الأركان، ذلك أن الإدارة الانفصالية في صوماليلاند تعدّ من أوائل المناطق الصومالية انتهاكا لحرية الصحافة والإعلام، وفقا لتقارير المنظمات المعنية بحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الصحفيين بشكل خاص، إلى جانب عقبات أخرى أمام الديمقراطية يجب على تلك الإدارة إيجاد تسوية لها.