إعداد: عبد الرحمن سهل يوسف
تملك ” حركة الشباب المجاهدين” الإرهابية مناعة قوية مكنتها من الصمود والبقاء على الأرض منذ بروزها كقوة عسكرية مناهضة للدولة الصومالية منتصف 2006م، ويتصاعد تأثيرها، وقدراتها الإدارية والعسكرية،والأمنية، والمالية يوما بعد، بينما بعثة قوات الإتحاد الإفريقي، والقوات الصومالية متخندقة في مواقعها السابقة، حيث لم تطلق حملات عسكرية واسعة لتقويض قدرات الحركة، أو تحرير المناطق الخاضعة لسيطرتها، أو تصفية القيادات العليا واحدا تلو الآخر.وما يجري الآن في الميدان، وساحات القتال في الصومال فإن أنشطة حركة الشباب الإرهابية تشهد إزدهارا ملحوظا خلال السنوات الأربعة الأخيرة، ويتمثل ذلك من حيث حجم التأثير الإداري، والعسكري،والأمني، والمالي، والإعلامي، والإجتماعي، والقضائي، والعلاقات الخارجية في الصومال، والغريب في الأمر أن الغارات الجوية الأمريكية على معاقل الحركة،وقياداتها أهدافها لهم تحقق أهدافها حيث لم تحرر أرضا، ولم تقوض قدرات الحركة القتالية، ولم تكسر شوكتها، ولم تخلق واقعها على الأرض لصالح الدولة الصومالية، بيد أنها تقتل قياديا ميدانيا، ثم تخلف العشرات، وهي اكثر اندفاعية، وإراقة للدماء، وانتقاما لقياداتها.وفي السطور التالية من التقرير نكشف بعضا من أنشطة الحركة، وإزدهارها في الصومال،وفي كينيا مع التركيز في الصومال،منذ إنتخاب السيد محمدعبدالله محمد فرماجو رئيسا للصومال في 8 فبراير 2017مأولا: المحور الإداريلم تتعرض الحركة خلال السنوات الأربعة الماضية لهزة إدارية شبيهة بمقتل أميرها أحمد غودني في عام 2014م بغارة جوية أمريكية في محافظة شبيلى السفلى الواقعة جنوب الصومال، وبرغم تسريب الأجهزة الأمنية الصومالية معلومات إلى وسائل الإعلام الصومالية بوجود خلافات بين أمير الحركة أبوعبيدة أحمد ديرية، وبين الرجل الثاني عبدالرحمن مهد ورسمة، إلا أن الأخير ظهر في شريط فيدو في أيام العيد الفطرالمبارك الماضي، مرسلا خطابا شاملا إلى الأجانب، حيث يحثهم الهجرة إلى الصومال، والإنضمام إلى حركة الشباب، ما يعني أن الحديث عن وجود تباين الأفكار بين الرجلين، أو الصراع على الحكم لم تكن دقيقة، وإنما تندرج في سياق الحروب الإعلامية والفكرية المتبادلة بين الدولة الصومالية، وبين الحركة.وإدارة الحركة متماسكة حيث لم تتعرض لهجمات إستراتيجية،ولا تكتيكية من قبل الحكومة الصومالية الإتحادية ولاالدول الأعضاء في الحكومة الإتحادية، ومن مظاهر قوتها على الأرض ما يليتأثير الحركة في مقديشو العاصمة اقوى بكثير من تأثير الحكومة الإتحادية، وإدارة إقليم بنادر،وبرهان ذلك تنفيذ سكان العاصمة أوامر الحركة دون تردد،، والأجهزة الرسمية الصومالية تدرك ذلك جيدا، وتنشر وسائل الإعلام الصومالية ذلك، وتعترف كذلك قيادات سياسية لها وزنها في الدولة، وهذا ليس سرا مطلقا.والحركة تملك مؤسسات عميقة في مقديشو العاصمة، والمدن الواقعة خارجها، وتعجز الدولة الوصول إلى شبكات الحركة المنتشرة في جميع مديريات العاصمة البالغة 17.ولإدارة ولاية الحركة في إقليم بنادر أنشطة مكشوفة لسكان الإقليم،وهم يتفاعلون معها، غير أن الحكومة لا تملك الإمكانيات الاستخباراتية والمعلوماتية للوصول إليها، نتيحة تعاون السكان مع الحركة بصورة عامة 100%.بسبب الخوف منها، علما بأن تفجير سوبي 14 أكتوبر 2017م كانت القشة التي قصمت ظهر سكان مقديشوحركة الشباب تتحكم على أغلب البلدات والقري، الواقعة خارج العاصمة مقديشو، إداريا، ولها وجودا وتأثيرا على الأرض،وتدير شؤون تلك المناطق، الصحية، والإقتصادية، والقضائية، والشرطية، والإدراية، والتعليمية وغيرها.حركة الشباب هي التي تتحكم على ثلاثة طرق إستراتيجية والتي تربط مقديشو العاصمة مع بقية المناطق الأخرى بريا، أولا: الطريق الذي يربط مقديشو إلى مدينة جوهر عاصمة ولاية هرشبيلي شمالا 90 كيلومتر وثانيا: الطريق الذي يربط مقديشو العاصمة مع مدينة بيدوا الواقعة على بعد 231 كيلومتر جنوب غرب، وهي العاصمة المؤقتة لولاية جنوب غرب، وثالثا: الطريق الذي يربط مقديشو العاصمة إلى مدينة كيسمايو الواقعة جنوب الصومال 500 كيلومتر،وهي العاصمة المؤقتة لولاية جوبالاند.وللحركة أيضا نفوذا كبيرا في متابعة جميع الأنشطة لسكان مقديشو العاصمة خاصة في المجالات التعليمية،والإعلامية، والرياضة، والتجارية، والبناء، وحركة المسافرين عبر شركات السياحية، والعاملين فيها، وشركات الاتصالات، والبنوك، وكل الأنشطة الأخرى في مقديشو العاصمة، عبر طرق وشبكات تملكها الحركة، ولا قدرة للحكومة اكتشافها بسبب ضياع الثقة بين الحكومة وسكان العاصمة مقديشو، وبسبب عدم تنفيذ الخطة الأمنية الوطنية المنبثقة من مؤتمر بيدوا في يونيو 2018م، فضلا عن إعطاء الحكومة الأولوية ملف الأمن السياسي، وهي ملاحقة رموز المعارضة،وتضييق الخناق عليها منذ 2017م.ثانيا: المحور العسكريتنفذ حركة الشباب الإرهابية هجمات عسكرية في أغلب المناطق الواقعة وسط وجنوب البلاد، إضافة إلى ولاية بونت لاند التي تتمتع باستقرار نسبي، ويتراوح معدل الهجمات شهريا ما بين 45 إلى 70 تقريبا منذ إنتخاب محمد عبدالله محمد فرماجو رئيسا للصومال 8-2-2017م.هجمات الحركة مستمرة في مقديشو العاصمة، وتستهدف الحركة أحيانا بقذائف الهاون على مطار آدم عدي الدولي في مقديشو العاصمة،أوالقصر الرئاسي، ومناطق حيويّة أخرى،كما تستمر تفجير السيارات المفخخة، والعمليات الإنتحارية، وهذا كسر لهيبة الدولة، ونشرا للفوضي، وتأكيدا لعجز الدولة في التعامل مع التطورات الأمنية المتلاحقة.وخلال فترة الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو المنتهية ولايته، لم تتعرض الحركة لحملات عسكرية أدت إلى تحرير مناطق إستراتيجية،أو الإستيلاء على مدن وبلدات تابعة للحركة، ولكن الحركة هي التي استولت على قرى وبلدات إستراتيجية تقع وسط وجنوب البلاد، وبرهان ذلك أن مقديشو العاصمة محاصرة اليوم، بينما الأوضاع كانت مختلفة تماما قبل 2017م حيث الطرق الرئيسية كانت مفتوحة إلى المدن الأخرى غير أجزاء محدودة من الطريق الذي يربط مقديشو العاصمة إلى مدينة كيسمايو.وقد عززت حركة الشباب وجودها في ولاية غلمذغ حيث استولت على مناطق جديدة، بينما أعلنت بعض العشائر ولائها مع الحركة، واستيلاء الحركة على السجن المركزي في مدينة بوساسو الساحلية مؤشر إستراتيجي والذي يشير سيطرة الحركة على مناطق واسعة تقع وسط البلاد، ونقل أعداد كبيرة من مقاتيلها إلى بونت لاند عبر غلمذغ، وبالتالي لا يستبعد محاولات الحركة السيطرة على مناطق حيوية في بونت لاند خلال المرحلة القادمة.وقد ارتفعت حصيلة القتلى والجرحى في صفوف المدنيين جراء هجمات حركة الشباب الإرهابية خلال السنوات الأربعة الماضية، ونشير جزءا يسيرا من تلك الهجماتتفجير سوبي الكارثي بتفجير شاحنة كبيرة وسط شارع مزدحم بحركة المرور، ومكتظ بالسكان، والتجار بتاريخ 14- 10- 2017م ، وأسفر التفجير عن مقتل 655 مواطنا صوماليا، وتم تسجيل 1,547 يتيم ويتيمة وفق الإحصائية الصادرة من لجنة الإنقاذ لكارثة سوبي.الهجوم المزدوج الذي استهدف على فندق ناساهبلود2 في مقديشو العاصمة بتاريخ 28-10-20217م، أسفر عن مقتل 20 وإصابة 30 آخرين، وقد نجا من هذا الهجوم وزير الأمن الداخلي الحالي في الحكومة الإتحادية الصومالية السيد حسن حندبي جمعالي.أما حصيلة الهجمات من حركة الشباب خلال 2018م، والغارات الجوية الأمريكية المتسهدفة على معاقل الحركة فتقدر الخسائر البشرية 1,643 وإصابة570 وفقا لتقرير نشرته مؤسسة غوب جوغ الإعلامية الخاصة الصومالية، ومن بينها الخسائر الناجمة عن الغارات الجوية الأمريكية، وهجمات الحركة المستهدفة على القوات الإفريقية في الصومال.وفي عام 2019م لم يكن أهدأ من العامين السابقين حيث تعرضت لإدارة إقليم بنادر اختراقا أمنيا استراتيجيا أدى إلى تفجير رئيس إدارة إقليم بنادر، وعمدة مقديشو المهندس عبدالرحمن عمر عثمان في سبتمبر 2019م، على صعيد آخر فجر إنتحاري سيارة مفخخة في نقطة تفتيش تقع جنوب مقديشو العاصمة، وأسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 90 مواطنا أغلبهم من الطلاب، والطالبات.وفي يوليو 2019م شنت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة هجوما على فندق المدينة في مدينة كيسمايو عاصمة ولاية جوبالاند الصومالية، ما أدى إلى مقتل 20 مواطنا واصابة 56 آخرين، ومن بين القتلى 10 أشخاص ينحدرون من كندا، وكينيا، وبريطانيا،وأمريكا، وتنزانيا.وفي دسبمر 2019م فجر إنتحاري سيارة فخخة في مدينة جالكعيو، وأسفر عن مقتل 11مواطنا وإصابة 40 آخرين بجروح.وفي دسبمر 2020م وقع إنفجار في مدينة جالكعيو، أسفر عن مقتل 30 شخصا، من بنيهم قيادات عسكرية، ومدنيين. وفي تفجير آخر في شهر نوفمبر 2020م ادى إلى مقتل ستة أشخاص،وإصابة آخرين، وهجوما آخر في أغسطس 2020م يسفر عن مقتل 14 صوماليا في مقديشو العاصمةوالهجمات الإنتحارية، والسيارات المفخخة، والإغتيالات مستمرة في المناطق الواقعة وسط وجنوب البلاد في العام الجاري 2021م، وأبرزها تفجير مطعم في مقديشو خلف 20 وإصابة 30 آخرين بجروح،وهجمات إنتحارية أخرى استهدفت مواقع للجيش الصومالي، ما أدى إلى مقتل عدد من الجنود الصوماليينوفي 5 مارس 2021م شنت حركة الشباب الإرهابية هجوما واسعا على السجن المركزي في مدينة بوساسو الساحلية في بونت لاند، ,اغلقت الحركة جميع المداخل المؤدية إلى السجن أثناء الهجوم، وتمكنت من اطلاق سراح زهاء 400 سجينا، وأغلبهم ينتمون إلى الحركة، أو تنظيم داعشوتملك الحركة جيشا شبه نظامي، والذي يملك جميع المعدات، والآليات العسكرية المتوفرة لدى الحكومة، كما تحتفظ أسلحتها المتنوعة منذ 2006م بينما تستولى الحركة أسلحة جديدة من الجيش الصومالي.ثالثا: محور الأمنأرسلت حركة الشباب الإرهابية 100 عناصر مفخخة إلى مقديشو العاصمة، قبل عيد الفطر المبارك المنصرم، وفق ما نشرته جهات أمنية دولية تتمركز في منطقة حلني في مقديشو العاصمة، قيل إنها المكتب الأمني التابع للأمم المتحدة في مقديشو العاصمة، كما نشرت الأجهزة الأمنية الصومالية الرسمية كذل هذا التحذير فيما بعد، وتملك الحركة شبكات وخلايات أمنية متجذرة في مقديشو العاصمة، وبقية عواصم الولايات الفدرالية الصومالية،ويصعب على الأجهزة الأمنية الرسمية كشفها، وتفكيكها بسبب صعوبة التمييز بين الصوماليين، وأنتشار مخيمات النازحين في العاصمة،والكثافة السكانية المرتفعة في العاصمة، وغياب الثقة بين الشعب، والحكومة، وعجز الأخيرة تقديم الخدمات العامة إلى المواطنين، الأمر الذي يعني أن الحكومة لم تنتصر حتى الآن في معركة العقول، والقلوب، البطون.ولا تخضع وسائل الاتصالات، والإنترت لمراقبة الأجهزة الأمنية الصومالية،لأنها ليست ملكا للدولة، بل للقطاع الخاص، والقطاع الأهلي لا يتعاون مع أجهزة الدولة الصومالية المعنية، خوفا من تفجير مقراتها بسيارت مفخخة مجهزة من الحركة،إنهم يعيشون في أرقي حالات الرعب والخوف،وتجارتهم على كف عفريت!هم يشتاقون إلى السلام، والأمن،ورفع الأثقال عنهم، بيد أن الدولة الصومالية تائهة بين وعود الدول الغربية البائسة، وبين تأقلم القوات الإفريقية مع الحالة الصومالية الميؤوسة حتى الآن، علما بأن بعثة حفظ السلام الإفريقية هي في حالة الدفاع عن النفس خلال السنوات الأربعة الأخيرة.الجميع هنا في الصومال، بما في ذلك رجال الدولة يتحدثون عن قدرات أجهزة الحركة، وآلاف بنوك الأهداف المرصودة، وهل يسلم منها أحد على طريقة تفجير سوبي 2017م، إنها الحروب النفسية ليس إلا حيث تلك الدولة الصومالية، والقوات الإفريقية، رافعات،و مقومات ضخة يمكن حسم القتال لصالح الدولة الصومالية خلال ستة شهور.بدوره يستخدم جهاز المخابرات الصومالي وسائل متنوعة لجمع المعلومات عن أنشطة الحركة السرية في مقديشو العاصمة،وخارجها، ويعلن بين الحين والآخر تفكيك شبكات تابعة للحركة، ولكن الهجمات لا تزال مستمرة بسبب عدم إلحاق الحركة هزيمة عسكرية حتى الآن ، وبرهان ذلك ما يلي:-استهدفت الحركة على شبكة الكاميرات المركبة في تقاطع الطرقات الرئيسية في مقديشو العاصمة، بتفجيرات الألغام، والعبوات الناسفة.تسربت وثائق سرية للغاية لشخصيات تنتمي إلى جهاز المخابرات والأمن الوطني إلى وسائل الإعلام الصومالية،وتشمل المعلومات صور شخصيات، وأرقام هواتفهم، ومناصبهم، ودرجاتهم،وهذا يشكل تهديدا لحياتهم، لأنهم في مواجهة عدو يخوض في حروب صفرية مع الدولة الصومالية.برغم جهود الأجهزة الأمنية الصومالية الكبيرة في تفكيك شبكات الحركة في مقديشو العاصمة، وخارجها،وعملائها المنتشرين المفترضين وجودهم في مؤسسات الدولة الصومالية، إلا أن تهديد الحركة لا يزال أهم حدث يفرض نفسه على المجالس العامة والخاصة.كما لم تتمكن الحكومة الصومالية اكتشاف المواقع التي تطلق الحركة عنها قذائف الهاون على القصر الرئاسي، وعلى مطار آدم عدي الدولي في مقديشو العاصمة.واخطر من ذلك فشل الدولة الصومالية على المستويين الإتحادي، والولائي الوصول إلى الشبكات المالية الضخمة التابعة للحركة، والمنتشرة في مقديشو العاصمة، وبقية المدن الأخرى الواقعة وسط وجنوب البلاد، فضلا عن بعض المدن الإستراتيجية في بونت لاند، حيث تجمع الحركة الضرائب من التجار، شهريا، وسنويا.لم تتمكن الأجهزة الأمنية الصومالية على المستويين الإتحادي، والولائي توفير المعلومات الإستخباراتية للجيش الصومالي لشن هجمات عسكرية أستباقية على معاقل الحركة، لإحباط الهجمات الإرهابية الموجهة إلى المدن الكبيرة في الصومال.التحذيرات الأمنية الموجهة إلى مقديشو العاصمة عادة تصدر من منطقة حلني، الحي الدبلوماسي الأجنبي باللغة الإنجليزية، حيث تتمركز فيها مقرات البعثات الدبلوماسية الغربية، والأمم المتحدة، والإتحاد الإفريقي.رابعا: محور التجارة والمالوتبرز قوة الحركة في أرقى صورها في هذا المحور الإستراتيجي،وباعتراف الحكومة الصومالية الفدرالية، حيث تجمع الحركة الضرائب من جميع المؤسسات التجارية، والشركات التجارية، والبنود، والمواني، وشركات الإتصالات، وشركات الحوالة، وشركات الكهرباء، والفنادق،والمطاعم، والحدائق، والنوادي الرياضية، وشركات السياحة، وحركة السيارت في التجارة داخل العاصمة، وخارجها، والأسواق التجارية، والرزاعة،والمواشي، والزكاة في كل الأموال المنقولة وغير المنقولة، وأي نشاط تجاري بارز في مقديشو العاصمة،وبقية المدن الأخرىكما تجمع الضرائب من الواردات ، والصادرات عبر المواني الصومالية المتناثرة في وسط وجنوب البلاد،وأبرزها ميناء مقديشو، وكيسمايو الدوليين، ولا يستطيع أي تاجر صومالي إخفاء محتويات حمولته القادمة من الخارج إلى الصومال، هنا تتكشف قلة حيلة التجار الصوماليين الذين فقدوا السند والعون من الدولة الصومالية التي كتب عليها أن تتفرج هكذا.ولم يكن هذا الوضع موجودا قبل فبراير 2017م في مقديشو العاصمة، بل بدأت الحركة بتنفيذ هذه الخطة بداية 2018م، حيث أكد اكثر من رجل أعمال صومالي دفعهم الضرائب إلى الحركة بدءا من 2018م،وبعلم الدولة الصومالية، ولكن ماذا بوسعها أن تفعل، لقد ينطبق عليها المثل العربي العين بصيرة واليد قصيرةوقدرت جهات صومالية ودولية أن ميزانية الحركة المحصولة من الضرائب اكثر بعشرات المرات من المبالغ التي تجمعها الحكومة الصومالية من التجار. وتحصل الحكومة حوالى 18 ملايين دولار شهريا من الضرائب في مقديشو العاصمة، غير أن المبالغ المالية التي تجمعها الحركة تقدر فوق هذا المبلغ، في حين ان الضرائب التي تحصلها من المناطق الواقعة وسط وجنوب البلاد، وبونت لاند، ومناطق من بونت لاند أيضا كبيرة.أما أموال الزكاة التي تأخذها الحركة سنويا من التجار الصوماليين فتل قصة أخرى، حيث تجمع ملايين الدولارات من التجار، وأصحاب المواشي، والزراعة.لقد اعترف الدكتور عبدالرحمن دعالي وزير المالية في الحكومة الصومالية الفدرالية هذا الواقع المرعب ماليا، وأرجع ذلك عدم قدرة الدولة الصومالية في منع حركة الشباب من جمع الضرائب من التجار الصوماليين لأن الحكومة ضعيفة في مقابلة أجرت معه صحفية واشنطن بوست 2019موقال الوزير المالي الصومالي ” اكبر عقبة الماثلة أمامنا هي واحدة، حيث أن حركة الشباب هم صوماليون مثلنا، واشكالنا متشابهة، وهم متواجدون في كل مكان ، وهم في مؤسساتنا ”خامسا: المحور الإعلاميوتملك الحركة ذراعا إعلاميا يستخدم أحدث التقنيات الإتصالية، وهي مؤسسة الكتائب الإعلامية حيث تعد أفلاما وثائقية باستمرار عن الهجمات الأمنية،والعسكرية التي تنفذها الحركة في الصومال،وتنشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، كما تملك الحركة إذاعة الأندلس الإسلامية التي توجد في كل المناطق الخاضعة لسيطرتها، وهي إذاعة أف أم، وعبر الإنترنت كذلك.وتوجد أيضا مواقع في الأنترنت والتي تنشر أخبار الحركة يوميا وباللغة الصومالية في أغلب الأحيان، وابرزها، somalimemo.info..www.calamada.com ولا تستطيع الحكومة حظرها لأن الإنترنت يخضع للقطاع الخاص، كما أنها لا تملك الإمكانيات التكنلوجية والمالية والبشرية التي تمنكها من تحقيق نصر في هذا الميدان.قدرات الحركة الإعلامية، وإعدادها برامج مأثرة عالية الجودة، تنتشر في وسائل الإعلام الصومالية الخاصة، وهي التي تصنع الأحداث في أغلب الأحيان بسبب الهجمات المستمرة.سادسا: المحور الاجتماعيوتتمثل القبائل الصومالية، والجماعات الإسلامية غير المسلحة المنتشرة في الصومال، وقضايا أخرى متصلة بالملف الاجتماعي، إلا أن مربط الفرس تتركز في القبائل، والحركات الإسلامية غير المسلحة في الصومال، والحركة تتحكم في النقاط التاليةتتحكم الحركة في مفاصل القبائل الصومالية، وتتعامل مع أغلب شيوخ القبائل لأن أغلبية المواطنيين الصوماليين ينحدرون من البادية بنسبة 80% ويقطنون خارج مقديشو العاصمة.مصالح القبائل تتمركز في الأرياف، والبوادي، والقرى الواقعة خارج المدن الكبيرة الصومالية الواقعة وسط وجنوب البلاد.وهي تقع تحت سيطرة الحركةالقبائل الصومالية ليست بديلا عن الدولة الصومالية، وبالتالي لا تستطيع مواجهة حركة الشباب الإرهابية عسكريا.أما الحركات الإسلامية،وبمختلف توجهاتهم وأفكارهم فلا يعادون حركة الشباب الإرهابية خوفا على حياتهم.ويتعاونون معها في نفس الوقت بطريقة غير مباشرة وهي أن مخرجاتها تذهب إلى الحركة، وهي عبارة عن الطلاب المتخرجين من المعاهد الشرعية التابعة للجماعات، والحركات الإسلامية، أوأفراد موالين للجماعات والحركات الإسلامية.سابعا: محور القضاءوقد بدأ سكان مقديشو العاصمة بالتوجه إلى القضاء الشرعي التابع لحركة الشباب الإرهابية خلال السنوات الأربعة الأخيرة، لفصل المنازعات المتصلة بالأراضي، والبيوت، والتجارة، بسبب الفساد المنتشر في المحاكم التابعة للحكومة الصومالية الفدرالية.وهذا ليس سرا بل متناقل بين الجميع في مقديشو العاصمة، وسبب الذهاب إلى حركة الشباب أن القرارات الصادرة منها يجد التنفيذ سريعا، ودن تأجيل، ومن يرفض تنفيذ القرارات الصادرة من قضائها فإن الحركة تلاحقه شخصيا، أو أمواله،وتلقي القبض عليه، وتحكمه بالسجن، أو القتل.ثامنا:محور العلاقات الخارجية – خارج الصومال وتركز الحركة في هذا المحور إعداد برامج خاصة باللغات العربية ، والإنجليزية، والسواحلية، والصومالية،ونشرها عبر مواقع الإنترنت، بغرض جذب الأجانب، وحماية مركزها في شرق إفريقيا، وللحركة جناح عسكري في كينيا حيث تنفذ هجمات عكسرية داخل الإقليم الصومالي التابع لكينيا،وبمعدل يتراوح ما بين 3 إلى 6 شهريا.ونشرت الصحافة الكينية أن للحركة أنشطة في الإقليم الصومالي التابع لكينيا حيث تتحرك بحرية تامة بسنبة 50% كما تنفذ الحركة أحيانا هجمات عسكرية في منطقة لامو الساحلية الكينية.وتربط الحركة إداريا مع تنظيم القاعدة، إلا أن الحركة لها استقلالية في اتخاذ القرارات، وإدارة شؤونها، ولها استقلالية مالية كذلك، ولا تحتاج إلى دعم مالي من تنظيم القاعدة، بل أفادت مصادر معتبرة أن الحركة هي التي تقدم الدعم المالي لفرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.مستقبل الحركةوبناءا على المعطيات المذكورة أعلاه فإن حركة الشباب الإرهابية تشكل تهديدا وجوديا للدولة الصومالية،باعتبار أن للحركة كيانا وجوديا يشبه كيان الدولة الصومالية، بل هو أقوى منها في كثير من المجالات، خاصة المجالات المالية، والمخابرات، والإجتماعية،والعسكرية وتأثير المجتمع كذلك.وبالتالي فإن مستقبل الحركة مزدهر بحكم أنشطتها المتنوعة سالفة الذكر،وعدم وجود قوة عسكرية، صومالية، أو أجنبية مستعدة لمواجهة الحركة بغية تقويض قدراتها، أو القضاء عليها،أو تحرير المناطق الخاضعة لسيطرتها، أما الغارات الجوية الأمريكية في الصومال فنفعها اكثر من ضررها على حركة الشباب الإرهابية، وتلك قصة أخرى سنفتح ملفها في وقت آخر .
*المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا