الصومال اليوم

البنوك الصومالية تراهن على التمويل الأصغر للحد من البطالة

تراهن البنوك في الصومال على “التمويل الأصغر” وتقديم قروض بلا فوائد لتمويل المشاريع الصغيرة بهدف امتصاص البطالة في صفوف الشباب، في ظل غياب آفاق سوق العمل وعدم تكافؤ الفرص في الشركات. 

وتواصل البنوك المحلية بالصومال جهودها في كبح جماح البطالة عبر انتشال الآلاف من الشباب العاطلين من خلال تمويل المشاريع الصغيرة المدرة للدخل، من خلال مشروع “التمويل الأصغر”. 

هذه المشاريع التي لاقت ترحيبا حكوميا ومن مؤسسات مالية دولية، خلقت فرص عمل للكثير من الشباب، وخاصة خريجي الجامعات، بسبب غياب سوق العمل وعدم تكافؤ الفرص في الشركات والمؤسسات التجارية بالبلاد. 

وحصل أزيد من 7 آلاف مستفيد على قروض حسنة (دون فوائد) من بنك “أي.بي.أس” المحلي، من خلال دعم مشاريع متنوعة من بينها الورش الصغيرة والتجارية والزراعة والطاقة البديلة، وهي مشاريع مدرة للدخل لأصحابها بحسب البنك. 

وبحسب القائمين على المشروع، فإن البنك خصص مشروع التمويل الأصغر برأس مال يبلغ 3.5 مليون دولار، مع ازدياد رأس مال البنك عاما تلو الآخر. 

ويهدف “مشروع التمويل الأصغر” بالشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى توفير فرص كسب رزق مستدامة للشباب وخاصة اللاجئين والعائدين من مخيمات اللجوء والنازحين داخليا. 

وبحسب بيانات البنك الدولي، تبلغ نسب البطالة في عموم البلاد 13.10 في المئة حتى نهاية العام الماضي، صعودا من 12.8 في المئة في 2019. 

ويعيش نحو 60 في المئة من سكان الصومال البالغ عددهم 15 مليونا في المناطق الريفية ويعملون في تربية المواشي والزراعة، إلا أن هذين القطاعين معرضان للانتكاس بسبب الجفاف المتكرر والحرب الأهلية الحاصلة في البلاد. 

وبحسب آخر تقرير للمكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن نحو 5 ملايين صومالي أي ثلث السكان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية. 

لم يتمكن عبدالرحمن شيخ أبوبكر من تحقيق أرباح في بسطته الصغيرة التي كان يبيع من خلالها الخضروات، قبل حصوله على دعم بنك “أي.بي.إس” لدعم ذوي الدخل المحدود وأصحاب المشاريع الصغيرة. 

وقال عبدالرحمن وهو منهمك بترتيب الخضار “كنت أعتمد سابقا على استدانة بضائعي من أصحاب المزارع أو المحال الكبيرة، ومن ثم أسدد الديون بالتقسيط، دون أن أكسب سوى القليل الذي كنت أعيل به أسرتي”. 

وأضاف “لكن بعدما أخذت القرض الحسن من البنك بقيمة 500 دولار تحولت من بائع تجزئة إلى جملة، ومن ثم قمت بتسديده، واستفدت من المرحلة الثانية من مشروع القرض الحسن بقيمة ألف دولار، وها أنا بصدد إنهاء التسديد”. وأشار بائع الجملة إلى أن محله يتوسع يوما بعد الآخر حيث يعمل معه اثنان من أبنائه. 

وبحسب المستفيدين من مشروع التمويل الأصغر، فإن الالتزام بتسديد القرض الحسن دون الفائدة في وقتها يعطي صاحبه امتيازات أخرى، حيث يجد فرصة أخرى للتمويل مما يساهم في تنمية وتطوير المشاريع الصغيرة التي يديرها. 

ويقول عبدالفتاح محمد المسؤول الفرعي لمشروع التمويل الأصغر من بنك “أي.بي.أس”، إن المشروع حقق نتائج ملموسة، وساهم في الحد من البطالة لكثير من الشباب، حيث مول البنك حتى الآن نحو 7 آلاف شخص بجميع أفرع البنك في الأقاليم الصومالية. 

وأضاف عبدالفتاح أن البنك خفف إجراءات أخذ القرض الحسن، حيث يمول المشاريع دون ضمانات، بشرط طرح المشروع، ليتكفل البنك بعدها بمهمة الإشراف الأسبوعي على أصحاب هذه المشاريع الصغيرة. 

وتابع “يحرص البنك على تقديم حوافز للملتزمين بتسديد القرض الحسن من خلال تمويل مشروعهم من جديد، بقيمة أكبر من سابقتها، بغية زيادة إنتاجيتهم واستمراريتهم، مما قد يؤدي إلى زيادة فرص العمل في البلاد”. 

وأشار عبدالفتاح إلى أن فئة الشباب تشكل أكبر فئة مستفيدة من مشروع التمويل الأصغر، بما فيها الشباب الخريجين من الجامعات. كما يشمل تمويل المشاريع الصغيرة تمويل الفتيات العاطلات عن العمل. 

وتحولت فرحية من عاطلة عن العمل إلى مديرة معرضين للملابس، يوفران فرص عمل لثلاثة أشخاص، حيث توسع معرض فرحية في غضون سنوات بعد حصولها على تمويل من بنك “أي.بي.إس” المحلي في العاصمة مقديشو. وقالت فرحية إنها ودعت البطالة التي أرهقتها لسنوات بفضل مشروع التمويل الأصغر الذي تقدمه البنوك المحلية. 

ودخلت إلى عالم التجارة من بوابة التمويل الأصغر وأسست محلا للملابس، ونتيجة سداد التزاماتها المالية حصلت على تمويل لأكثر من مرة، ويتوسع المعرض شيئا فشيئا، كما أنها أنشأت فرعا آخر مع توفير فرص عمل لشابين وشابة. 

وحول تحديات المشروع، أشارت فرحية إلى أن سداد الالتزامات المالية، رغم تباطؤ النشاط في الأسواق، من أكبر التحديات التي يواجهها أصحاب المشاريع. 

وتحصل البنوك المحلية التي تقدم مشروع التمويل الأصغر على دعم من البنك المركزي الصومالي، إلى جانب منظمة الأمم المتحدة للتنمية والصناعة، ومنظمة العمل الدولية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وصندوق الأفريقي لتحدي المشاريع، من أجل تشجيع فكرة التمويل الأصغر لدى البنوك المحلية. 

Exit mobile version