المنع والحظر والإيقاف والمراقبة هي من الإجراءات التي يتوجس منها النظام الدولي الحالي الذي يعتبر حرية التعبير مسلمة ثابته وحق مشروع لا مساس فيه للإنسان المعاصر، وعلى هذا الأساس تم صياغة أغلب المواثيق العالمية صياغة تُقدس حرية التعبير بجميع أشكالها ، وعندما يكون الحديث عن عالم الرقمي الجديد (الإنترنت) فالحديث يأخذ مجرى أكثر قدسية لأنه العالم الذي حقق الثورة في حرية التعبير بفترة زمنية وجيزة ، و كسر خلالها جميع المحظورات التي كان يُعتقد بأنها لا تُمس.
هذه الانفتاح الغير المسبوق على كل شيء جعل موضوع الخصوصية محل نقاش وتجاذب وتساؤل خصوصاً عندما تتعارض وتتصادم خصوصية الفرد مع خصوصية الجماعة يميل القانون العالمي إلى ترجيح كفة الخصوصية الفردية واعتبار المساس بها نوع من التعسف الغير القانوني إلا عند الضرورة القصوى مثل احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
وهذه الاستثناءات شجعت قرابة عشرين دولة حول العالم إلى حظر أو دراسة حظر تطبيق الأكثر شعبية بين الشباب” التيك توك”، فمن بين الدول التي حظرت سابقاً الولايات المتحدة الأمريكية لأسباب تتعلق بالأمن القومي ، أما في الهند فقد حظرت التطبيق بسبب الخلاف السياسي الذي كان بينها وبين البلد المُنشى الصين ، وهناك دول حظرت التطبيق مؤقتاً لأسباب أخلاقية وآداب عامة ومن أجل سن قوانين تُنظم استخدام ” التيك توك” مثل باكستان وإندونيسيا و بنغلاديش وغيرهم، أما في مصر فقد أصدرت في عام 2020م أحكام قضائية تتراوح بين السجن لعامين و فرض غرامات مالية لبعض مُسيء استخدام التطبيق . لذلك الحكومة الصومالية لديها الحق القانوني والدستوري في إخضاع التطبيق التيك توك لدراسة و التمحيص والتنظيم وربما إلى الحظر ، خصوصا بأن المحتوى الذي يٌقدم في الغالب محتوى هائج، وغير سوي ، ويتصادم مع مبادئ الدين الإسلامي و مع تقاليد المجتمع الصومالي المحافظ ، إضافة إلى ذلك فأن المحتوى وخصائص التطبيق الذي يشجع على الإدمان الإلكتروني يساهمان على تسفيه مدارك الشباب ، وتشتيت أنتباه الأطفال بشكل مرضي ، و خلق منافسات رخيصة، و تحويل الإبداع إلى رذيلة ، وجعل القيم الصومالية النبيلة محل سخرية واستهزاء، وفيها تعمُد مقصود أو غير مقصود لخدش الذوق الصومالي العام ، وترك تشوهات أخلاقية و دينية في مُخيلة الجيل اليافع ، و ترويج لمفاهيم الشهرة الزائفة ، كل ذلك يُلزم الجميع أخلاقياً ووطنياً و دينياً من أعلى هرم الدولة إلى أصغر مصلح فيها التحرك نحو اتخاذ خطوات سريعة و جريئة وحقيقية بخصوص سن قوانين واضحة وصريحة و رادعة للجرائم الإلكترونية بشكل عام و على تطبيق “التيك توك” بشكل خاص ، لأن الأمور إذا استمرت على ماهي عليها دون قيود فنحن بذلك نسمح أن يٌقودنا الإنترنت إلى الظلام.