أرسلت قطر مطلق بن ماجد القحطاني المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات إلى الصومال، واستهل زيارته بهرجيسا عاصمة أرض الصومال الانفصالية والتقى بالرئيس موسى بيحي عبدي وناقش معه- حسبما أكده بيان صادر من رئاسة أرض الصومال- افتتاح قطر مكتبا دبلوماسيا في هرغيسا، وافتتاح مكتب آخر لمنظمة قطر الخيرية، ثم وصل المبعوث القطري إلى العاصمة مقديشو يوم أمس السبت، والتقى بالقائم بأعمال رئيس الوزراء محمد حسين روبلي ورئاسة البرلمان الفيدرالي المنتهية ولايته ورئيس وكالة المخابرات والأمن القومي فهد ياسين وناقش مع تلك الجهات المساعدة في التوصل إلى اتفاق انتخابي والتعاون في مكافحة الإرهاب.
ولم تقتصر لقاءاته على الجهات الرسمية بل أجرى مساء أمس لقاء مع اتحاد المرشحين الرئاسيين المعارض الذي يضم بعض الرؤساء الصوماليين السابقين وغيرهم من كبار السياسيين لكن رئيس الاتحاد الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد رفض لقاء المسئول القطري حسبما أفادته مصادر.
وممن شاركوا في اللقاء الرئيس السابق حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء السابق حسن علي خيري وزعيم حزب ودجر عبد الرحمن عبد الشكور ورسمي وغيرهم، وبحث اللقاء الوضع السياسي الراهن في البلاد، وأشارت مصادر مطلعة إلى أن المبعوث القطري أبلغ المعارضين الصوماليين أن بلاده ستكون محايدة في الصراع السياسي في الصومال وأنها ستقوم بدعم الشعب الصومالي، ويتوقع أن يجري القحطاني لقاء مع رئيسي ولايتي غلمدغ أحمد عبدي كاريه “قور قور” وهيرشبيلي علي عبد الله حسين “غودلاوي”.
ويعلم الجميع أن دولة قطر كان لها دور سلبي في الصومال في السنوات الأربع الماضية، وكانت ترسل الأموال إلى الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو وحكومته لتنفيذ أجنداته التي أوصلت البلاد إلى مشارف الحرب الأهلية، حيث تعزز القوات الحكومية وقوات أخرى متمردة مواقعها في العاصمة مقديشو بعد أن جرت بينهما معارك مطلع الأسبوع الماضي بسبب الخلاف الناجم عن قرار مجلس الشعب التمديد في ولاية الرئيس والبرلمان وإن تراجع المجلس عن ذلك نتيجة الضغوط المحلية والدولية التي تعرض لها.
واستخدمت الحكومة الصومالية الدعم القطري في تدمير ثلاث ولايات صومالية هي جنوب الغرب وغلمدغ وهيرشبيلي وفي التضييق على السياسيين المعارضين، وفي محاولتها التشبث بالحكم لكن الدوحة تحاول الآن بعد أن أصحبت أيام الرئيس فرماجو معدودة القفز عن السفينة الغارقة، وتلميع صورتها لتعود إلى المشهد من جديد وإبداء أنها مستعدة لمد يديها إلى جميع الأطراف الصومالية، ولم يخل بدء المبعوث القطري زيارته في هرغيسا من مغزى سياسي والإشارة إلى أن الدوحة ستتعامل مع جميع الإدارات الصومالية بما فيها أرض الصومال الانفصالية في حين لم تكن لها في السنوات الماضية أية علاقة مع تلك الإدارات.
كانت قطر الكارثة التي حلت بالصومال في السنوات الأربع الماضية، وأدت الأموال التي كانت تقدمها بطريقة غير شرعية إلى تخريب العملية السياسية في البلاد، لذلك فإن أصحاب المصلحة السياسية يجب أن لا ينخدعوا بالانفتاح الذي تبديه اليوم محاولة منها للحصول على دور في المرحلة الانتقالية لتتمكن من جديد من الاستثمار في بعض السياسيين المرتبطين بها لتهيمن مرة أخرى على الصومال وتواصل سياساتها التخريبية، فقطر لازمت الصمت إزاء كل الخطوات غير القانونية التي اتخذها فرماجو وأنصاره والتي كان آخرها تمديد عامين للسلطتين التشريعية والتنفيذية بشكل يتنافى مع الدستور.
ومن الملفت للنظر أن زيارة المبعوث القطري للصومال تزامنت مع تعيين الاتحاد الإفريقي مبعوثا خاصا إلى الصومال للمساعدة في تجاوز الخلافات القائمة بين الصوماليين في قضية الانتخابات، وربما تسعى الدوحة إلى عرقلة الجهود الإفريقية.
كما أن زيارة المبعوث القطري لن تغير شيئا من صورة قطر لدى الشعب الصومالي، فقد ارتبطت هذه الدولة بكل المشاكل التي شهدتها الساحة الصومالية في السنوات الماضية، كما ساهمت في توتر علاقات الصومال مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة.