بين الصومال واليمن هناك اوجه للتشابه..
في الصومال بدأ الاستقرار النسبي بعد قرابة ثلاثة عقود من انهيار الدولة في الوقت الذي بدأ في اليمن الانقلاب على الدولة ودخول دوامة الحرب .
في الصومال رئيس يتثبث بالسلطة بعد انتهاء ولايته مهدداً بجر البلاد الي الحرب الاهلية وفي اليمن رئيس يدخل عامه التاسع في الحكم ليصبح عائقاً امام استعادة الدولة ومشكلة وليس حلاً .
لم أرد هنا الدخول في مقارنة وما أردته فقط التعليق على الوضع الصومالي بعد الأحداث الاخيرة التي شهدتها مقديشوا بسبب التمديد للرئيس.
كنت دائمًا ما أردد أن الاستقرار في الصومال مايزال هشًا، وأن الاستقرار الذي تصنعه الجهات الإقليمية والدولية يبقى قابلا للإهتزاز والتلاشي، ولا يمكن البناء عليه.
لقد فجر تمديد البرلمان للرئيس فرماجو وله أيضًا لعامين أزمة -كادت تداعياتها ومازالت – تعيد للأذهان فصول الحرب الأهلية في مقديشو.
يراهن الرئيس محمد عبدالله فرماجو على الجيش الذي سابقت تركيا الريح لبناء وحداته التي وصلت إلى 28 ألفًا، وعلى المال الذي مايزال يشق طريقه إلى (فيلا صوماليا) أو القصر الرئاسي في مقديشو.
في العاصمة الصومالية أيضًا تقف القوات الأثيوبية لمساندته ترجمة لموقف التأييد الذي يبديه رئيس وزراء أثيوبيا آبي أحمد، وزيادة في القلق هناك التأييد السياسي الذي يمنحه إياه الرئيس الأرتيري أسياس أفورقي الذي تدور الكثير من الاسئلة حول مغزى دعمه ونواياه.
يراوغ الرئيس المنتهية ولايته أمام الموقف الأمريكي الذي كان أكبر داعم له بعد ثلاثة عقود من الغياب، وهدد وزير الخارجية بفرض عقوبات ورفض مجلس الأمن التمديد، ويخاف فقدان تأييده بعد أن كانت المساعدات الامريكية قد بلغت في أول عامين من رئاسته ما يزيد عن مليار دولار.
كما وقف ضد التمديد غالبية الاتحاد الأفريقي: مصر – جيبوتي- كينيا- مقابل أثيوبيا وأريتريا معه.
وفي الداخل عارضت التمديد لفترته جميع الولايات الصومالية والأحزاب السياسية والمعارضة وحتى رئيس الوزراء في حكومته طالبه بإلغاء التمديد.
لقد رضخ الرئيس الصومالي بعد ضغوط محلية ودولية إلى إلغاء التمديد في خطاب رسمي بثه الإعلام، لكن رضوخه كان مراوغة للعودة إلى نقطة الخلاف الأولى عندما دعا إلى العودة إلى صيغة انتخابات 17 سبتمبر الذي تعارضه أهم الولايات الصومالية والمعارضة.
كان خطاب الرئيس مخيبًا لآمال الداخل والخارج، وتأكيدًا على تشبثه بالسلطة وعلى رفضه الاستسلام لمطالب معارضيه والتقليل من شأن الخارج.
تقف أمام الصومال أيام صعبة ومخاطر تهدد بالحرب الأهلية وانقسام الجيش وتفكك الولايات وتنامي دور حركة الشباب المصنفة على قوائم الإرهاب.
ماتزال حركة الشباب تفرض سيطرتها على مدن في الصومال وأحياء حتى داخل العاصمة مقديشو ومازالت تتحصل الظرائب وتفرض الرسوم المحلية ولديها حضور وتأثير في الصومال.
توجد في الصومال خمس قواعد عسكرية أجنبية أمريكية وبريطانية وإماراتية وقطرية تتهيأ في هوبيو القريب من خليج عدن وباب المندب وقاعدة تركية هي الأكبر لأنقرة خارج حدودها.
تدفع الصومال كما اليمن ثمنًا باهضًا باعتبارهما بلدان ضعيفة تقع في موقع استراتيجي وغير قادرة على حماية هذا الموقع، وأصبح الخارج لاعبًا رئيسيًا فيهما وأصبحت الكيانات المحلية أدوات بيد اللاعبين الإقليميين والدوليين.
إن منطقة مهددة بالفوضى وانهيار الدولة تمتد من الصومال إلى اليمن تكفي لإقلاق سكينة العالم وتهديد التجارة الدولية في باب المندب وبيئة مناسبة لتنامي الجماعات الإرهابية وتهديد صريح للأمن القومي للخليج والسعودية تحديدًا.
يحمل فرماجو الجنسية الأمريكية ويعيش أولاده في مدينة بافلو في ولاية نيويورك والقريبة من حدود كندا ويجلس هو في فيلا صوماليا مكتنزًا بالعناد والدوران حول نفسه ورغبة جامحة في بقاءه بالسلطة ويقف مصير الصومال ومستقبله مهدد بالحرب الاهلية والانقسام وتزايد نفوذ الخارج .
مالذي ينتظر الصومال وأيهما أهم .. البلد أم الرئيس ؟
*صحافي يمني متخصص بالشأن الافريقي