وقع الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد المعروف باسم فارماجو القانون المثير للجدل الذي ينص على تمديد ولايته لعامين بعدما انتهت في الثامن من فبراير من دون إجراء انتخابات، مما يضع البلاد في مسار تصادمي مع الدول المانحة وقوى المعارضة التي تعارض بشدة هذه الخطوة.
وقالت إذاعة مقديشو الأربعاء إن الرئيس “أصدر القرار الخاص بشأن الانتخابات في البلاد بعد اعتماده بالإجماع من قبل البرلمان” مساء الاثنين، على الرغم من التحذيرات الأخيرة للأسرة الدولية.
وكان رئيس مجلس الشيوخ الصومالي رأى الإثنين أن تصويت مجلس النواب مخالف للدستور ولم يتم تمرير القرار أمام مجلس الشيوخ حسب الإجراءات التشريعية المتبعة.
وينص القانون على تنظيم انتخابات بحلول 2023 مع العودة إلى مبدأ “رجل واحد صوت واحد” وهو هدف طموح حدده الصومال في البداية لإجراء أول انتخابات ديمقراطية بالكامل منذ 1969، لكن تنظيم الانتخابات بالاقتراع العام المباشر تعثر بسبب خلافات سياسية متعددة وقبل كل شيء لأسباب أمنية.
ومن أجل كسر الجمود تم التخلي عن هذا المبدأ في اتفاق أبرم في 17 سبتمبر بين الرئيس فارماجو وخمسة من قادة المناطق.
ودعا الاتفاق إلى انتخابات رئاسية وتشريعية غير مباشرة قبل انتهاء ولاية الرئيس وإعادة النظر في نظام معقد ينتخب وفقه مندوبون خاصون يختارهم زعماء العشائر البرلمانيون الذين ينتخبون بعد ذلك للرئيس.
وقد أدت هذه العملية أيضا إلى طريق مسدود بينما يتبادل قادة المناطق والرئيس الاتهامات بتحمل مسؤولية ذلك.
ومنذ انتهاء ولايته، اعتبرت المعارضة الصومالية فارماجو رئيسا غير شرعي وفشلت محاولات عدة للتفاوض.
وضاعفت الأسرة الدولية في الأسابيع الأخيرة دعواتها إلى إجراء انتخابات في أسرع وقت ممكن.
وقالت الولايات المتحدة التي تعد من الحلفاء الرئيسيين للصومال، إنها “تشعر بخيبة أمل شديدة” من الرغبة في تمديد فترة الرئاسة. ورأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان الثلاثاء أن تمديد ولاية الرئيس من شأنه أن “يخلق انقسامات عميقة ويقوض عملية الفدرالية والإصلاحات السياسية التي كانت في صميم تقدم البلاد وشراكتها مع الأسرة الدولية ويصرف الانتباه عن محاربة الشباب الإسلاميين الصوماليين المرتبطين بتنظيم القاعدة”.
وحذر من أن هذا القانون “سيجبر الولايات المتحدة على إعادة تقييم علاقاتها الثنائية” مع الحكومة الصومالية و”النظر في جميع الأدوات المتاحة بما في ذلك العقوبات والقيود المفروضة على التأشيرات، للرد على تقويض جهود السلام والاستقرار”.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان الثلاثاء إن هذا القرار “سيقسم الصومال ويسبب المزيد من التأخير ويشكل تهديدا خطيرا للسلام والاستقرار في الصومال وجاراته”.
وحذر جيمس دادريدج وزير شؤون أفريقيا في الحكومة البريطانية من العواقب وقال في بيان “مع عدم الوصول لتوافق يؤدي إلى انتخابات شاملة موثوق بها دون أي تأجيل جديد، ستتغير علاقة المجتمع الدولي بقيادة الصومال”.
ورأى تحالف من المرشحين للرئاسة من المعارضة الصومالية الثلاثاء أن تمديد الولاية الرئاسية يشكل “تهديدا لاستقرار وسلام ووحدة” البلاد.
وحرم الصومال من حكومة مركزية فعالة منذ انهيار الحكم العسكري لسياد بري في 1991 ما أدى إلى عقود من الحرب الأهلية والتمرد الإسلامي.
ولا تزال البلاد تتصدى لحركة الشباب التي سيطرت على العاصمة حتى 2011 قبل أن تطردها قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم). ولا يزال “الشباب” يسيطرون على أجزاء كبيرة من المنطقة وينفذون باستمرار هجمات ضد أهداف حكومية وعسكرية ومدنية في مقديشو وفي العديد من المدن الكبرى في البلاد.
ولا يزال الصومال يعمل بموجب دستور مؤقت ومؤسساته بما فيها الجيش، بدائية وتعتمد إلى حد كبير على الدعم الدولي.
وكان فارماجو (59 عاما) يحظى بشعبية كبيرة عندما تولى السلطة في 2017. وتعهد هذا الدبلوماسي المخضرم ورئيس الوزراء السابق الذي عاش لسنوات في الولايات المتحدة بإعادة بناء هذا البلد الذي يعد أضعف دولة في العالم، ومحاربة الفساد.
ومع ذلك، يعتقد مراقبون أنه تورط في نزاعات مع الولايات الفدرالية أثناء محاولته فرض حلفائه هناك.