الصومال.. الطريق إلى التمديد!
يبدو أن ما أعلنه وزير الإعلام الصومالي عثمان دوبي من فشل المفاوضات بين الرئيس ورؤساء الولايات وتحميل مسؤولية على رئيسي بونتلاند وجوبالاند واتهامه بأنهم مازالوا يضعون العراقيل أمام تحقيق اتفاقية ١٧ سبتمبر، يعتبر نهاية المفاوضات وإعلانا من قبل الحكومة بانتهائها إلى طريق مسدود.
وعليه فإن المراقبين يرون أن الخطوة التالية هي التوجه إلى البرلمان وطلب التمديد بحجة عدم وجود شركاء يمكن الوثوق بهم وحتى لا يستفيد أعداء الوطن إلى الفراغ الدستوري الذي لا تعترف بوجوده الحكومة إلا في مثل هذه الأوقات.
ومن المؤكد أن كلا الفريقين الحكومة والمعارضة قد يجادل أنه حاول ما يمكن تحقيقه لعقد انتخابات يتفق عليها الجميع، وكلنا يعرف أن الحكومة ماتزال تتمسك باتفاقية ١٧ سبتمبر وملحقاتها في ١٦ فبراير، بينما المعارضة تحاول اضافة بعض الشروط المتعلقة بمكانه الرئيس بعد انتهاء ولايته الدستورية، ولكن هل هذه المزاعم حقيقية أم أنها محاولة لتغطية أطماع أخرى لا يمكن الإعلان عنها أمام الجماهير؟
– مكانك سر:
ونظرا للظرف الدقيق الذي يمر به البلد والتعنت المتبادل من كلا الجانبين، يبدو لي أن المعارضة تحاول عرقلة أي انتخابات تجرى في ظل وجود الرئيس فرماجو كرئيس كامل الصلاحيات لا لأنه قد يزور الانتخابات بل لمعرفتهم أنه سيعود حتما اذا تمت الانتخابات في الوضع الحالي، ويرى بعض المراقبين أن المعارضة في وضعها الحالي لا تستطيع مواجهة الرئيس في الانتخابات كونها تفتقر إلى التماسك الداخلي والأهداف الموحدة فضلا عن عدم وضوح سياسة الممول الخارجي بعد الاتفاقية السعودية القطرية والتخوف الشعبي عن الدور الإماراتي ما خراب اليمن؛ لذلك فإن المعارضة غير مستعدة لموافقة اتفاقية ١٧سبتمبر، وتستمر في وضع العراقيل أمام تقدم المفاوضات، حتى يقبل فرماجو شروطهم التعجيزية أو تعود البلاد إلى الحرب الأهلي، وهذا ما يتم تكراره في تصريحات المعارضة منذ بداية الخلافات!.
ومع هذا فإنه من المؤكد أن الفريق الحاكم غير مستعد لخوض الانتخابات إلا اذا تأكد من الفوز؛ لذلك فهو يفضل أيضا اللجوء إلى خيار التمديد، ويتمسك بكل قشة لإفشال المفاوضات.
– التمديد:
وعلى الرغم من صعوبة الوضع فإن الفريق الحاكم مقتنع بأنه يملك أغلبة الولايات وأغلبية البرلمان؛ ولذلك يتحجج مؤيدوه بأنهم يملكون الشرعية التي تجيز له الاستفادة من هذه الأغلبية وطلب التمديد من البرلمان، ويمكن التعامل مع النتائج المترتبة على ذلك بسهولة، وأن المجتمع الدولي يتفاهم مع الوضع الجديد، ولاسيما أنهم يتفهمون جيدا مما بذلته الحكومة من جهود وتنازلات حسب زعمهم، وهذا ما كان يمهد إليه وزير الإعلام في مؤتمره اليوم الذي كان إعلانا جديدا للحرب الكلامية بين الرئيس ورؤساء ولايتي بونتلاند وجوبالاند، ويبدو لي أن هذا نوع من الانتحار السياسي، ولكنه غير مستبعد عن الفريق الحاكم الذي عودنا دائما استراتيجية الهروب إلى الأمام.
ومازال دور العقلاء غائبا عن المشهد، وكأن العقل أخذ إجازة مفتوحة، وسنسمع صرخات العقلاء بعد فوات الأوان.
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!