شهدت العاصمة الصومالية مقديشو قبل أيام مسيرات ومظاهرات وهتافات وشعارات غاضبة، تنديدا بحرمان عمال صوماليين من رواتبهم وسلبهم حقوقهم، واستهدافهم بتصرفات عنصرية من قبل شركة تركية.
المسيرات الاحتجاجية نفذها عمال بشركة “فافوري” التركية التي تشغل مطار آدم عدي الدولي في مقديشو، مناشدين حكومة بلادهم التدخل لتسوية أوضاعهم، والضغط باتجاه تمكينهم من حقوقهم المسلوبة.
ومن التنديد، مرّ عدد من العمال إلى الإضراب عن العمل، ما أربك حركة المطار.
ضغوط واستغلال
اتهامات بالجملة وجهها العمال الصوماليون للشركة التركية بإذلالهم واحتقارهم وممارسة ضغوط واعتداءات ضدهم واستغلال ظروفهم المعيشية الصعبة.
وناشد العمال حكومة بلادهم ونقابات الشغل المحلية التدخل للحصول على مستحقاتهم المالية، في ظل رفض الشركة التركية منحهم رواتبهم.
وفي محاولة فاشلة للتعتيم على غضب العمال، غرّد وزير النقل الجوي والطيران المدني الصومالي محمد عبدالله صلاد أومار، يقول عبر “تويتر”، إن “مطار آدم عدي الدولي مفتوح، وتسير أعماله بشكل طبيعي”.
لكن صفحة مجموعة “غوب جوغ” الإعلامية المحلية ردت بنشر مقطع مصور يظهر احتجاج عشرات الموظفين في مطار مقديشو، مستعرضين معاناتهم مع الشركة التركية.
ووفق شهادات نقلها إعلام صومالي، يرى العمال أن الشركة تخطط لطردهم من العمل بشكل تعسفي، وذلك بعد 8 سنوات من العمل.
كما نددوا بالمعاملة غير الإنسانية التي تستهدفهم من الشركة التركية والتي تحرمهم من إجازاتهم عند موت أحد أقاربهم، وتجبرهم على العمل المتواصل لـ17 ساعة، وتقطع مرتبات من يتأخر عن عمله ولو بدقائق.
انتهاكات للعقود وقوانين العمل
الشهادات نفسها أوضحت أن الشركة اتفقت مع العمال على 9 ساعات عمل يوميا، غير أن الأخيرة نقضت الاتفاق وأجبرتهم على العمل لـ9 ساعات إضافية دون مقابل، وتهديد كل من لا ينقاد للأمر بالتهديد والتسريح عن العمل.
ويقول بعض الموظفين إن الشركة جلبت عمالا أجانبا مقابل رواتب تتراوح بين 2000 إلى 3000 دولار أمريكي، فيما لا تتجاوز مرتبات الصوماليين 150 إلى 200 دولار، غالبا لا يحصلون عليها إلا بشكل متقطع، أو يحرمون منها نهائيا.
ووفق بعض العمال الصوماليين، فإن ما يحصلون عليه من الشركة التركية لا يكفي تكاليف حياتهم المعيشية، حيث ينفقونها في النقل والنفقات اليومية خلال مزاولتهم للعمل، ومع ذلك لا يتقاضون مرتباتهم بشكل منتظم، ويتعرضون لمؤامرة الطرد التعسفي.
وكشف الموظفون أن الشركة قامت سابقا بتسريح عمال دون منحهم مستحقاتهم المالية، محذرين من تكرار السيناريو نفسه معهم.
صفقة مشبوهة
“فافوري” شركة تركية خاصة، أنشئت عقب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مقديشو عام 2011، وتتولى تشغيل مطار آدم عدي إداريا وأمنيا منذ سبتمبر/ أيلول 2013.
وحصلت الشركة المعروفة بقربها من دوائر الحكم في أنقرة، على الصفقة الممتدة لـ 10 سنوات، بموجب اتفاق مع وزارة المواصلات الصومالية في عهد حكومة رئيس الوزراء الأسبق عبدي شيردون، واللافت أن الصفقة لم يصادق عليها البرلمان، كما لم يوافق عليها الرئيس حينها حسن شيخ محمود.
وتتحدث مصادر مطلعة عن وجود فساد يشوب حقيقة أرباح الشركة التركية، من حيث عدم التطابق بين ما تجنيه وما تقدمه لمقديشو من عائدات مالية، إلى جانب تملصها من استحقاقات عقد جرت صياغته على مقاس مصالحها على حساب الشعب الصومالي.
وأعلنت الحكومة الصومالية، في 2018، مراجعة عقد فافوري، غير أنه لم يتم الإعلان عن أية تفاصيل بهذا الخصوص.
في الأثناء، لم تنفذ الشركة التركية ـ بعد سبع سنوات من إدارتها للمطارـ، تعهدات في عقدها تقضي بتوسعة المطار وبناء صالة جديدة، وتحديث الخدمات، وبناء مرافق تجارية في المنطقة الخارجية، وفق تصريحات لوزير النقل الجوي والطيران المدني محمد عبدالله صلاد أومار.
وتعود تصريحات المسؤول الصومالي إلى نوفمبر/ تشرين ثان 2018، عقب احتجاجات عمال الشركة التركية، وتقارير تحدثت عن وجود فساد وسوء استغلال وإدارة لإيرادات المطار من قبل الشركة.
وأقرّ المسؤول الصومالي بأن “فافوري” لم تنفذ الاتفاق، كاشفا عن وجود احتجاجات من الشعب الصومالي على استمرار تولي الشركة التركية تشغيل وإدارة مطار مقديشو الدولي.