خلال تتبعي الأجواء الساخنة في البلاد، كسرت حاجز صمتي صرخة من أعماق قلبي، وحالت دون سماع الرنات والنغمات الكئيبة للسياسية الصومالية، كأنني من المريخ ولست من هذا البلد الحبيب.
لكسر الحواجز والتملص من كل ما يثقل صدري، يمكنني أن أوصل رسالتي الى من له أذن صاغية وقلب واع في هذا الزمن الكئيب الذي تتخلى فيه القيادة عن مسؤولياتها، وتقزم مكانة بلادها، حيث صرختي موجة الى مختلف الفئات السياسية ، الحكومة من جهة ورؤساء الأقاليم والمعارضة من جهة أخرى، وفي هذا الصدد يجب أن لا يغيب في أذهاننا أن المسيرة الوطنية تحتاج بإستمرارالى تبادل للرأي في القضايا المهمة إذ أن الإختلاف في الرأي من طبيعة التفاعل داخل هذا المجتمع أو ذاك.
فما يتعلق بمن يتحمل المسؤولية فيما يحدث في البلاد لا بد من الإشارة إلى أن النظام الحاكم يقدم مصالحه الشخصية على مصالح الشعب، ويرمي حجراً في المياه الراكدة العفنة، لكن هذا الحجر للأسف أصبح مجرد حلقة من مسلسل الصعود والهبوط التي رسختها العملية السياسية في الصومال منذ عقود.
لا يخفي على عاقل أن النقاش الهادئ والحوار البناء هو ما يؤدي الى فهم واضح ونتيجة إيجابية، لكن المقاطعة والاقصاء وشحن العواطف لن تفضي إلى نتيجة ولن يقطف أحد أي ثمرة ناضجة وبالتالي فعلى الحكومة الانصات إلى نبض الشارع وأن تعقد لقاءات صادقة مع مختلق القطعات المعنية بشأن الأنتخابات ، أن تضع القضايا المشتركة التي تهدف الى توحيد الصومال سياسيا وإيصاله الى بر الأمان على رأس أولوياتها، خصوصا فيما يتعلق بخلق المناخ الايجابي، لتعزيز ثقة الجمهور.
وفي الوقت ذاته على رؤساء الأقاليم والمعارضة تقديم خيارات بديلة لإعادة بناء الثقة وكسر هوة الخلافات مع تجنب كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تمزيق وحدةالبلاد وتماسك الشعب واشعال فتيل الصراع القبلي تغليبا للمصلحة العليا للبلاد، رغم أننا نتفق مع المعارضة أن البلد في مرحلة عصيبة ويعاني الكثير من المشاكل الا أن هذا الوضع أرحم الف مرة من العودة الى الماضي والوقوع في مستنقع الحرب الأهلية من جديد والتي يعاني الشعب من ويلاتها ومصائبها لحد الآن.
ومع هذا وذاك نلاحظ، فيما يتعلق بوعي المواطن فإن هناك تطور ايجابي لافت وتعاف حقيقي حيث قرر الشعب الصومالي طي صفحة الماضي وكسر أنياب القبلية وتحقق أن الفئة السياسية لا تلعب بالوتر القبلي في وقت الانتخابات الا لتحقيق مآربها واتخاذه سلما للصول إلى السلطة.
فالشعب الصومالي بدأ يعي ما يجري في بلاده وفهم معاني الإنتماء للوطن بدلا من التماهي في القبلية، ولا يتمنى أي صومالي النكوص والعودة إلى الماضي الأليم. وفي ضوء ذلك يتطلع الى تحقيق حقوقه كإنسان وكمواطن حر له حق اختيار من يحكمه ويرى هذا رصيد المواطنة أو حق إنساني بغض النظر عن جنسيته وإنتمائه.
توصيات :
نتيجة للظروف الأمنية والسياسية التي خيمت على المشهد السياسي والأمني في الصومال، يجب على الحكومة الفدرالية إجراء إنتخابات نزيهة ذات مصداقية عالية، مع ضمان دعم واسع النطاق من رؤساء الأقاليم والمرشحين للسباق الرئاسي، والمكونات السياسية الأخرى والمجتمع المدني ، وفوق كل هذا يجب على الحكومة المحافظة على السلم الأهلي، وتعزيز التماسك الاجتماعي وأن نغرس الثقة في نفوس المواطنين والكف عن سياسة تصنيف الناس بين موال ومعارض، فمن يوالي نفترض أنه محب لبلده، والمعارض لا بد أن يكون غيور لوطنه لا أن يتلقى أوامره من الخارج، مع وضع نصب أعيننا أن الأمن القومي وإستقرار البلد هما أمر له أولويته القصوى، وعلينا أن نعمل سويا لترسيخ هذا المفهوم ونتوصل الى حل شامل حتى نتمكن من المضي قدما إلى الأمام والالتحاق بركب العالم المتقدم.