يعتبر مسألة غياب المؤسسات الدستورية في أفريقيا من أهم أسباب التخلف والتقاعس والاستبداد مما تسبب استمرار ية تبعيتها للاستعمرين!.
وفي ضوء ما سبق تأثرت أفريقيا بعد رحيل الرجل الأبيض تأثيراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأصبحت المسألة غياب المؤسسات القوية أحد العقبات الرئيسية أمام بناء الدولة القانونية في عموم أفريقيا.
وقد سهلت هذه المسألة وصول رؤساء غير أكفاء إلى سدة الحكم في افريقيا بالطرق المتنوعة منها انتخابات هزلية أو انقلابات عسكرية أو نظاما أبوياً بمباركة الدول العظمى!.
وهو ما جعل البلدان الأفريقية أنظمة تابعة للدول الاستعمارية مع رهن رؤيتها السياسية ومقدراتها الاقتصادية مقابل استفراد هؤلاء الحاكم بالحكم، فصودرت الحقوق و الحريات وتم الاستحواذ على الثروات!.
حيث صنف المستبدون الأفارقة في مصاف أثرياء العالم بالعكس أوضاع الشعوب الأفارقة الذين يعيشون تحت الظروف المأساوية، وقد عانت القارة الإفريقية خلال تاريخها من الاستعمار بكل أشكاله، ويبدو أنها تعاني تبعاته الآن، حيث لا يزال الكثير من المؤسسات في الدول الغربية توظف التنمية لفرض أجندات سياسية معينة، إلى درجة أن البعض اعتبرها شكلاً جديداً من الاستعمار.
يتساءل الباحث من أين أتت فكرة الغياب الدستور ؟ وكيف شكلت ماضي إفريقيا، وحاضرها ورؤى المستقبل؟ لماذا يبدو الموقف الغربي تجاه أفريقيا متضاربا؟ حيث جاءت تصريحات متضاربة تصدر يوما بعد يوم من قبل مسؤولين غربيين سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا.
وتتجه الدول الغربية بقوة إلى دعم الأنظمة الاستبدادية بعموم القارة السمراء لامتداد حكمها بالوكالة بواسطة الحكومات الأفريقية الهشة، ومن أجل إخفاء صراع أجيال الصاعدة بين النخبة المتشبثة بالسلطة والشباب المتطلع إلى الديمقراطية.
ونفس الوقت هناك دعوات أمريكية وقوى غربية أخرى داعية للتعزيز الديمقراطية في افريقيا ودعم الإصلاحات السياسية من خلال رصد مساعدات تهدف إلى تشجيع قيم الديمقراطية بالعكس الواقع الافريقي، حيث تكمن هناك تساؤلات وراء السر المكنون حول الدعم الغربي للأنظمة الاستبدادية؟ و اذا صح هذا التعبير لماذا لم ينفع ترويج الغرب لإرساء ديمقراطية حقيقية في افريقيا ؟ وما هي الصعوبات أمام ذلك لإنجاح فجر الديمقراطيةفي القارة ؟ وهل يعتبر الدعوات الغربية تجاه الديمقراطية الأفريقية مجرد نفاق سياسي فقط ؟ وعليه يحتاج الموضوع تخلف افريقيا دستورياً وسياسياً واجتماعياً إجراء الدراسات العميقة عن الوضع الأفريقي المعاصر من أجل علاجها .
وعلينا أن ننقب في الماضي لأنه يستحيل دون ذلك أن ندرك كيف جاء الحاضر إلى الوجود، وما هي نوعية الاتجاهات التي ستسود في المستقبل القريب، ومن خلال السعي إلى فهم لما يسمى الآن ” بالتخلف في أفريقيا” لا بد عن الاهتمام بالغ بالقراءة التاريخ وإقامة حوارات هادفة كيف نجحت أوروبا في تحقيق نهضتها؟ ولماذا لا تحاول افريقيا أن تنهض بعد السقوط ؟
لسقوط ليس معناه نهاية الرحلة بل عليه النهوض من جديد ومعاودة الرحلة بعدما تعلم درسا مفيدا يجنبه السقوط مرة أخرى ، أسوة بغيرها من الأمم مثل أوروبا التي كفيت تاريخاً مليئاً بالعثرات والصراعات و التراجعات اكثر من قرنين؛ بحيث كان النظام الإقطاعي وملكية الأراضي الزراعية تقتصر على أصحاب المناصب الرفيعة أما باقي المواطنين فكانوا لا يتمتعون بحق امتلاك ويعيشون تحت وطأة الاستعلاء والمحسوبية!.
واشتهرت المقولة ” أنا الدولة والدولة أنا وهو مصطلح سياسي أدبي يشير إلى الاستبداد السياسي عن طريق ربط مصير دولة ما برجل واحد فقط. ينسب المصطلح للملك الفرنسي “لويس الرابع عشر” حيث ألقاها أمام البرلمان عام 1655م، ولكنه تراجع عنها وهو على فراش الموت حيث قال “أنا سأذهب أما الدولة فستبقى دائما”.