استمراراً على جهود الباحثين من أهلنا في بلورة الأزمة الصومالية العصرية والحروب الفتنة بين الأخوة الأشقاء استخدم بعض منهم باسم الحرب الأهلية في بحوثهم وتارة الصراع أو النزاع المسلح وأحيانا عبارة جريمة أو جرائم الحرب مثل ما عمل صاحب المعالي محمد علي حامد – عافاه الله – فيكتابه (الحرب الأهلية في الصومال)، ويعتبر هذا الكتاب من أوائل الكتب والبحوث التي تناولت تلك القضية. ورغم أن حجم الكتاب صغير حيث يصل إلى 90 صفحة إلا أن المؤلف تناول فيه قضايا مهمة وجوهرية بحكم أنه كان قريبا إلى الأحداث، كما أنه لم يهمل الأوضاع التي كانت قبل الحرب وانهيار البنية التحية للبلاد ، لاسيما الجاني السياسي ، كما أشار إلى أهم شخصية صومالية في ذلك المجال في فترة من فترات التاريخ الصومالي، وهو شخصية أول رئيس مدني للبلاد السيد أدم عبد الله عثمان.
وصار زميلنا الدبلوماسي سعادة طاهر محمود جيلي – مرشح الرئاسة الجمهورية لهذه الأيام وفقه الله لما يحبه ويرضاه – على نفس الدرب في بحثه (الحرب الأهلية في الصومال: جذورها وأسبابها ونتائجها)، علما أن أصل الدراسة كانت رسالة علمية نال بها صاحبها درجة الماجستير من معهد البحوث والدراسات العربية عام 1995. وكذا عمل الطبيب عبد الله شيخ محمد عثمان في كتابه “الصراع الأهلي في الصومال”، بحيث تناول كتابه الأبعاد المختلفة للصراع الأهلي في الصومال الذي بدأ مطلع تسعينات القرن المنصرم، وما زالت فصوله تتوالى دون أن يكون هناك رؤية واضحة لحل هذا الصراع تعيد للصومال وحدته وتماسكه الاجتماعي. وهذا الكتاب يلقي الضوء على ما يجري في الصومال، ويوضح طبيعة الصراع الممتد فيه، ثم يبين جذور الصراع الأهلي في الصومال، وآثار ذلك الصراع في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ثم يتناول عوامل استمرار الصراع، وجهود تسوية الوضع في الصومال، ويقدم تصورا للحل كما يراه الباحث. ويظهر أنّ المؤلف لم يحاول في دراسته رصد تفاصيل عناصر النزاع في الصومال، وقسم المؤلف الكتاب إلى أربعة أبواب وخاتمة، فيتناول الباب الأول جذور الصراع الأهلي في الصومال.وتطرق الباب الثاني إلى بدء الصراع الأهلي في الصومال وأثار ذلك الصراع في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.وتناول الباب الثالث عوامل استمرار الصراع في الصراع ، أما الباب الرابع والأخير فعرض جهود تسوية الوضع في الصومال، وتقديم تصور للحل كما يراه الباحث، وتناول الخاتمة عرضا لأهم استنتاجات الدراسة. والكتاب من منشورات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض سنة 1421هـ ، ويقع في 120 صفحة.
وعند اندلاع الحرب الأهلية في البلاد قامت جبهات وفصائل أججت المشكلة، وقد لفظ الزميل الباحث القدير الأستاذ حسن حاج محمود عبد الله الحسني ذلك وقام بتأليف كتابه ( الجبهاتالصومالية النشأة والتطور) حيث ركز على الجبهات الصومالية التي كانت جزء من الصراع السياسي الذي جرى في الصومال قبل وبعد انهيار الحكومة الصومالية في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات وحتى سقوط الحكومة، وقد طبع الكتاب في طبعته الأولى عام 2000م ، ثم أعيد مرة أخرى عن طريق دار زيلع والتي تولت طبع الكتاب في القاهرة في دار الأندلس عام 2013م. ويمتاز الكتاب بأنه يحوي بعض أسماء الجبهات وأسماء شخصيات مهمة في ذلك الصراع وتاريخ كفاحهم.
ومن ناحية أخرى ظهر في الساحة أقلام سلطت الضوء على تلك الحروب والمنازعات في منظور مختلف، مثل كتاب ( جرائم الحرب في الصومال (جريمة القتل ) دراسة مقارنة ) بقلم الأستاذ الشيخ الفاضل حسن عبد الله عثمان الحسني وهو بحث نال به صاحبه درجة الماجستير من الجامعة الحرة في هولندا في الآونة الأخيرة. والمحامي والرجل القانوني عبدالرحمن محمد جوليد أصدر (جمهورية أرض الصومال : رؤية شمالية للمعضلة الصومالية )، والكتاب إسهام كبير في فهم أفضل معالجة الحرب الأهلية التي يعاني منها شعب الصومال وتحدث عن الحركة الوطنية الصومالية SNM وكفاحها ضد النظام السابق. كما تحدث أيضا عن إعلان أهل الشمال بالاستقلال والانفصال وإعلان جمهورية مستقلة عن باقي أجزاء البلاد من جانب واحد.
كما تناول بعضهم في عمليات التدخل العسكري الدولي للصومال بغية تأمين المساعدات الدولية للمتضررين أو نصرة النظام الحاكم، ومن ذلك ما كتبه السيد عبدالرحمن ميري هيرابي ” عملية تدخل الأمم المتحدة والولايات المتحدة في الصومال في الفترة 1992-1995م” وهو عبارة عن بحث تكميلي لنيل الدبلوم العالي من جامعة افريقيا العالمية-الخرطوم 1996-1997م. . وللدكتور محمد أحمد شيخ علي بحث نفيس ( التدخل الدولي في الصومال…. الأهداف والنتائج)، ويحتوي الكتاب على 23 موضوعا يتعرض له بالشرح والتحليل وبأحداث متسلسلة ومتشعبة تبدأ ما بعد انهيار الحكم المركزي في البلاد عام 1991م ، ويختم بانسحاب القوات الدولية من الصومال وهي تجر ذيول الفشل والهزيمة. ومن خلال حديث المؤلف تناول الحركات الصومالية الأولى المناوئة في الصومالية وأوجه صراعها في الميدان ، حيث تحدث بإسهام وعمق عن تأصيل تلك الصراعات وما آلت إليه من الحروب والدمار ، كما تناول بعض سبل وأوجه محاولات لإعادة اللحمة من جديد من خلال المؤتمرات التصالحية التي عقدت طيلة تلك الفترة. وبعد فشل تلك المبادرات والمؤتمرات تطرق الباحث ما حدث للبلاد من تدخل دولي والعوامل التي مهدت الطريق للتدخل الدولي. والكتاب من إصدارات مركز الراصد للدراسات في الخرطوم، عام 2005م. وعدد صفحاته يصل إلى 170 صفحة بالإضافة إلى التقديم والمحتويات.
وألف الأستاذ عبد الحفيظ شيخ عبد القادر محمد ألف كتابه ” المنظمات الدولية والإقليمية ودورها في إرساء السلام في الصومال (الأمم المتحدة دراسة تطبيقية” وقد حصل المؤلف من خلاله بحثه هذا درجة الماجستير في العلاقات الدولية من أكاديمية السودان للعلوم بالخرطوم.
ومن البحوث الأكاديمية كتاب ( التدخل الأجنبي وأثره على الصراع في الصومال 1990م -2000م)، لعبد الرحمن محمد حسين، علماً أنّ هذه الدراسة تهدف إلى تحليل العوامل التيأدت إلى إنهيار الدولة، والدور الأجنبي في المشكلة والربط بين النزاع وصراع المصالح، والتدخلات الدولية والإقليمية لحل المشكلة ، وتنبع أهمية البحث من أنه يحاول إبراز قوة التدخل ودوره في استمرار النزاع، كما أنه أعطى خلفية تاريخية وجغرافية واجتماعية للصومال، وتطرق لعلاقاتها الخارجية، وبروز الحروب الأهلية والتدخلات الأجنبية فيها، واستخدمت الدراسة المنهج التاريخى والوصفى والتحليلى ، وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها: أن السياسة التي انتهجها الاستعمار تجاه الصومال أدت إلى تقسيمه ونشوب صراعات مع جيرانه، كما أن وجوده في منطقة استراتيجية تجعله يشهد التدخلات والتوترات، وأن عدم نضوج السياسة الخارجية أدى أيضا إلى الارتماء في أحضان الدول الأجنبية ، وأن إنهيار الحكومة الصومالية أدى إلى ظهور الأطماع الدولية والإقليمية، وأوصت الدراسة باتباع سياسة وطنية حكيمة تعتمد على مصلحة الأمة، وتنفيذ قرار حظر الأسلحة ، وأن تهتم أمريكا في علاقتها مع الصومال على أساس المصالح المتبادلة، وإعطاء الدور العربي دورا أكثر حرية في التحرك من أجل المصلحة الصومالية.
وعلى هذا المنوال وضع الدكتور عبد القادر معلم محمد جيدي كتاباً سماه: ” التدخل الدولي في الصومال.. أهدافه ونتائجه”، وهو بحث صغير يتناول كما يظهر العنوان التدخل الدولي العسكري في الصومال عام 1993م. ، كما يتناول موضوعات أخرى من مأساة الصومال عقب الانهيار، والبحث عموماً غير منشور.
كما ناقشت الباحثة القديرة الأستاذة فاطمة الزهراء علي الشيخ أبوبكر أحمد في بحثها: ( التدخل الأمريكي العسكري في الصومال، إعادة أمل أم ضربة ألم) ، في شهر ديسمبر، عام 1992م. هذا التدخل لم يكن خاصاً بالصومال، وإنّما يشترك معه دول إسلامية أخرى ليس بعيدة عن المنطقة مثل السودان وليبيا واليمن، وهذا الأمر ليس مخفياً، وظهرت على أثره بعض البحوث مثل: ( مشروعية الجزاءات الدولية والتدخل الدولي ضد ليبيا، السودان، الصومال)، للباحث جمال حمود الضمور، من إصدارات مركز القدس للدراسات السياسية، 2004م.
ومن البحوث حول ذلك ( أثر التدخل الدولي الإنساني على السلم والأمن الدوليين دراسة حالة الصومال )، لمصطفى موسى محمد علي، وهي رسالة دكتوراه، جامعة أم درمان، الخرطون، 2008م. والباحث قام بتحليل موضوع التدخل الدولي الإسانيعلى السلم والأمن الدوليين بخصوص الصومال، وارتبط ارتباطاوثيقاً بتدويل حقوق الإنسان والتغيرات البنيوية التي تمر بها نظرية السيادة من خلال التطورات التي شهدها المجتمع الدولي.
التدخل الإيثوبي وأثره على الاستقرار السياسي في الصومال ( 1992 -2007م)، لعبدالملك محمد معلم حسن، رسالة الدكتوراه، جامعة إفريقياالعالمية، الخرطوم، عام 2016م. وقد تناول الباحث عبدالملك في دراسته هذه التدخل الإيثوبي في بلاد الصومال، وأشار إلى العلاقات الإيثوبية الصومالية عبر التاريخ، كما تناول أثار هذا الصراع على الاستقرار السياسي في منطقة القرن الإفريقي، والجدير بالذكر أنّ الباحث أشار إلى نوعين من التدخل وهما السياسي والعسكري، والأول كان طيلة فترة غياب الدولة الصومالية منذ انهيارها عام 1991م، ثم حدث التدخل العسكري الإيثوبي المباشر، في الصومال أواخر عام 2006م وأوائل عام2007م. ومع ذلك لم يهمل الباحث المحترم الدور الإقليمي لحل النزاعات في الصومال.
وألف الدكتور محمد إبراهيم عبدي كتاباً سماه ( سياسة جامعةالدول العربية تجاه الصومال)، وتناول المؤلف في كتابه سياسة الجامعة العربية تجاه الصومال من قيام الأزمة الصومالية، ومحاولاتها في إعادة المياه إلى مجاريها، ونال المؤلف من خلال الكتاب درجة الدكتوراه، من معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية في القاهرة.
أما كتاب ( القرن الإفريقي بين أساما وأباما ) للشيخ عبد الرحمن حسين سمنتر، فيتتبع المؤلف الأحداث الدامية التي حدثت في الصومال فيما بين عام 2009م وعام 2010م . وعرض المؤلف الأحداث على قالب مسارات بحيث يتناول خمس مسارات كالمسار السياسي ، والعسكري، والإنساني. والكتاب يحمل أخبار أحداث كثيرة ومتنوعة ، وينقسم الكتاب إلى قسمين كبيرين ، القسم الأول: يشمل 120 صفحة ، والقسم الثاني : يشمل أكثر من 118 صفحة. وعموما الكتاب له فوائد جمة وغزير بمعلومات كثيرة تتعلق بالأحداث السياسية التي حدثت في عامي 2009م و 2010م. وقد عرضها المؤلف بطريقة غير منتظمة.
وللحديث بقية…